معرفة المراحل التي يمر بها المعلم الجديد في سنة التدريس الأولى يعطينا
الإطار الذي يمكننا من البدء في تصميم
برامج الدعم لجعل السنة الأولى من التدريس تجربة أكثر إيجابية للمعلمين الجدد.
تمثل السنة الأولى من التدريس تحديًا صعبًا للمعلم، ويساويه في الصعوبة تحد
آخر هو معرفة سبل دعم ومساعدة المعلمين الجدد عند دخولهم هذه المهنة. وقد لوحظ من
خلال الدراسات وجود عدد من مراحل التطور في سلوك المعلم، ورغم أنه ليس بالضرورة أن
يمر جميع المعلمين بنفس التسلسل الدقيق، فإن معرفة هذه المراحل مفيد جدًا لكل من
له علاقة من الإداريين والموظفين، وطاقم التدريس في عملية دعم المعلمين الجدد. يمر
هؤلاء المعلمون بعدة مراحل من الترقب والبقاء وخيبة الأمل والتجديد والتأمل ثم
العودة للترقب.
فماهي المراحل التي يمر بها المعلم
الجديد خلال السنة الأولى الحاسمة من مسيرته في التدريس.
مرحلة الترقب
تبدأ هذه المرحلة خلال فترة التدريب في التعليم، ومع اقتراب انتهائها يزداد
حماس الطلاب (معلمي المستقبل) وقلقهم حول وظيفتهم الأولى في التدريس. ويميلون إلى
رسم صورة وردية عن درو المعلم وعمله، ثم يبدؤون عملهم بحماس كبير لإحداث التغيير،
وبتصور مثالي عن كيفية تطبيق أهدافهم.
مرحلة البقاء
الشهر الأول من التدريس شهر مزدحم بالنسبة للمعلمين الجدد، يتعلمون خلاله
الكثير وبوتيرة سريعة جدًا. ويواجه المعلم الجديد خلال هذه الفترة مجموعة متنوعة
من المواقف والمشاكل التي لم يتوقعها، وعلى الرغم من برامج الإعداد التي يمر بها
المعلم قبل استلامه العمل فإنه ينصدم بواقع التدريس.
خلال هذه المرحلة، يكافح المعلم الجديد للبقاء وتحقيق أدنى حد من النجاح، ويبذل كل تركيزه في التدريس، حيث
يأخذ روتين العمل كل وقته ولا يمنحه سوى القليل للتوقف والتأمل في تجاربه، وليس
غريبًا أن يقضي المعلم الجديد 70 ساعة في الأسبوع في التدريس والتحضير.
وأكثر الأمور التي يواجهها المعلم الجديد إرهاقًا هو الحاجة المستمرة
لتطوير المنهج الدراسي، فبينما يقدم المعلم المخضرم الدروس بطريقة مميزة وبشكل
روتيني، يعمل المعلم الجديد على تطوير الدروس للمرة الأولى ودون ثقة من جدوى
اختياراته، وحتى الاعتماد على المناهج المعدة سابقًا مثل الكتب المدرسية يستهلك
الكثير من الوقت.
على الرغم من التعب ومفاجآت العمل، يتمكن المعلمون الجدد من الحفاظ على
رباطة جأشهم والالتزام خلال مرحلة البقاء، متمسكين بأمل انتهاء الفوضى في أقرب
وقت.
مرحلة الإحباط
بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من الضغط والعمل المستمر، يدخل المعلم الجديد
مرحلة الإحباط وخيبة الأمل، ويختلف طول وصعوبة هذه المرحلة من معلم لآخر، ويسهم
فيها عوامل عدة منها الوقت الطويل من الالتزام، وإدراك أن الأمور لا تسير حسب
الهوى، وانخفاض الروح المعنوية.
يبدأ المعلم الجديد بالتساؤل حول التزامه وجدارته بهذا العمل، ويصاب معظم
المعلمون بالمرض خلال هذه المرحلة. ويضاعف من صعوبة الوضع مواجهة المعلمين الجدد
لأحداث عديدة خلال هذه الفترة الزمنية مثل ليلة «العودة للمدرسة» اجتماع أولياء
الأمور، التقييم الأول من قبل المسؤول. كل عامل من هذه العوامل يضع المعلم المجهد
أصلاً في وضع مرهق للغاية.
ليلة «العودة للمدرسة» هي اجتماع
مسائي مع الآباء يلقي فيه المعلم كلمة عن خطط السنة التي هي في معظم
الأحيان غير مكتملة وغير واضحة للمعلم الجديد. ويظهر بعض الآباء شعورهم بعدم
الارتياح عندما يدركون أن المعلم مستجد، وعادة ما يطرحون أسئلة ومطالب تسبب له
الرهبة.
وتتطلب اجتماعات أولياء الأمور من المعلم الجديد التنظيم الجيد، والاستعداد
واللباقة للتشاور مع الآباء بشأن تقدم أبنائهم كل واحد على حدة. هذا النوع من
التواصل مع الآباء يمكن أن يكون محرجًا وصعبًا بالنسبة لمعلم جديد. حيث يملك
المعلمون عادة فكرة أن الآباء شركاء في عملية التعلم ولكنهم غير مستعدين لمواجهة
قلقهم وانتقاداتهم، فيشكل أي انتقاد يوجه له صفعة في زمن ينخفض فيه لديه تقدير
الذات.
ويخضع المعلمون الجدد في هذه الفترة
للتقييم لأول مرة رسميًا من قبل المشرف الخاص. ويكونون عادة غير عارفين
بالعملية نفسها وقلقين من كفاءتهم وقدرتهم على الأداء. كما أن إعداد وتقديم درس
نموذجي أمر مرهق ويستغرق الوقت.
كما تشكل إدراة الفصل وضبطه مصدرًا أساسيًا من مصادر الإحباط.
ويجتمع الضغط المتراكم وشكوى أفراد
الأسرة والأصدقاء من عدم قضاء الوقت معهم ليجعل
هذه المرحلة الأصعب والأكثر تحديًا للمعلمين الجدد، فيميلون للتعبير عن ضعف
الثقة بالنفس وانخفاض تقدير الذات والتشكيك في التزامهم المهني.
مرحلة التجديد
تتميز مرحلة التجديد بتطور بطيء في موقف المعلم تجاه التدريس. وتبدأ عادة
بعد عطلة الشتاء التي تحدث فرقًا كبيرًا في سلوك المعلمين الجدد. وتتيح لهم
استئناف نمط حياة أكثر طبيعية مع قدر أكبر من الراحة والغذاء والحركة، ووقت أكثر
للعائلة والأصدقاء. هذه الإجازة هي الفرصة الأولى للمعلمين الجدد لتنظيم المناهج
والخطط الدراسية في وقت هم فيه بأمس الحاجة للجلوس لفزر المواد المتراكمة وإعداد
مواد جديدة. الحصول على هذا المتنفس يمنح المعلمين المبتدئين نظرة أوسع مع نفحة من
الأمل الجديد.
يبدي المعلمون في هذه المرحلة استعدادًا لرمي مشاكل الماضي وراء ظهورهم،
بعد أن كونوا فهمًا أفضل للنظام وقبولاً لواقع التدريس، وشعورًا بالإنجاز ما
يساعدهم على الانطلاق من جديد. ومن خلال تجربتهم السابقة في النصف الأول من السنة
يكتسب المعلمون الجدد استراتيجيات المواجهة والمهارات اللازمة لمنع العديد من
المشاكل المحتمل مواجهتها خلال الفصل الثاني أو تقليلها أو معالجتها. ويشعر كثير
من المعلمين بالارتياح في هذه المرحلة حيث تمكنوا من اجتياز النصف الأول من السنة
بنجاح، فيتمكنون من التركيز بشكل أكبر على استراتيجيات التدريس وتطوير المناهج
والخطط بعيدة المدى.
تميل مرحلة التجديد إلى الاستمرار حتى الربيع مع عدة تقلبات خلالها، وفي
نهاية هذه المرحلة يبدأ المعلمون الجدد في القلق حول قدرتهم على إكمال المناهج قبل
نهاية السنة الدراسية. كما يتساءلون حول
قدرة طلابهم على اجتياز الاختبارات ومرة أخرى حول أهليتهم في التدريس.
مرحلة التأمل
تبدأ مرحلة التأمل في شهر أيار/مايو وهي فترة منعشة للمعلمين الجدد على وجه
الخصوص. يتأمل المعلم خلالها مسيرته طوال
العام ويسلط الضوء على المواقف الناجحة التي لم تكن كذلك. ويفكر في
التغييرات العديدة في الإدارة والمناهج واستراتيجيات التدريس التي يخطط لتطبيقها
في السنة القادمة.
ومع اقتراب النهاية يكونون قد أتموا تشكيل رؤية عما ستكون عليه السنة
القادمة التي ستجلب لهم مرحلة أخرى من الترقب.
إن مساعدة المعلمين الجدد وتسهيل انتقالهم من معلمين متدربين إلى مهنيين
متفرغين أمر في غاية الأهمية. ومعرفة المراحل التي يمر بها المعلمون الجدد يعطينا
الإطار الذي يمكننا من خلاله البدء في تصميم برامح دعم تساعد على جعل سنة التدريس
الأولى تجربة أكثر إيجابية لزملائنا الجدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق