يأتي قرار إنجاب الطفل الثاني محيرا
وصعبا، فمتى يأتي الطفل الثاني وما هو التوقيت المناسب لقدوم هذا الزائر الجديد؟!.
"لابد لتحديد هذا التوقيت أن نضع في
الاعتبار مصلحة الأسرة الصغيرة، بدءا من مصلحة الأم وانتهاء بمصلحة الطفلين الأول
والثاني.
يحدد معنا هذا التوقيت، أصحاب الخبرة من
الأطباء في مجال المرأة والطفل.
يأتي الثاني حين يعتمد الأول على نفسه
نسأل د. رونيه عدلي أخصائية الأطفال، عن
وجهة نظرك، ما هو التوقيت المناسب لإنجاب الطفل الثاني، فتقول:
- لا بد أن يأتي الطفل الثاني في وقت
مناسب لجميع أطراف الأسرة، ومن المهم أن تكون الأم قد استردت صحتها بعد الولادة
الأولى وبعد انتهاء فترة الرضاعة، إذ إن عملية الرضاعة عملية فسيولوجية تحتاج إلى
اهتمام الأم بغذائها حتى يتلقى الطفل الرضيع غذاءه بشكل سليم، ولا يتأتى ذلك قبل
مرور سنتين على الولادة الأولى، وحتى لا تتعرض الأم لمضاعفات صحية كنقص المعادن
والفيتامينات والبروتينات وحتى لا تضعف صحة الجنين الجديد. وتضيف د. رونيه قائلة:
أرى أن تكون الأسرة مستعدة ماديا لاستقبال هذا المولود الجديد، فتستعد لإعداد
برنامج غذائي للأم خلال فترة الحمل ثم تكاليف عملية الولادة واحتياجات الطفل
الثاني أيضا.
كذلك لابد أن تتأكد الأم قبل اتخاذ قرار
إنجاب الطفل الثاني أن طفلها الأول قد أخذ الاهتمام الكافي، وأن عمره ليس أقل من
سنتين حتى يتعود هذا الطفل الاعتماد على نفسه في بعض احتياجاته اليومية التي كانت
تساعده فيها الأم مثل: عملية التبول، أو تناول الطعام، وارتداء الملابس مثلا.
كذلك شعور الطفل الأول بالغيرة حين يأتي
الطفل الثاني، يؤدي لتعرضه لعملية "ارتجاع" فيعود ويتبول لا إراديا من
جديد، أو يتلعثم في الكلام، ويحاول جذب انتباه الأب والأم ويصبح وكأن عمره سنة أو
ستة شهور، ويتأثر نفسيا بهذا الأخ الجديد. وتقول د. رونيه إن حدة هذه التأثيرات
تقل حين يتم الطفل سنتين ويصبع ذا كيان اجتماعي إلى حد ما ويأخذ كفايته من الرضاعة
الطبيعية إذ لا تستمر الرضاعة مع الحمل وهنا تلجأ الأم إلى استخدام وسائل طبيعية
لتأجيل الحمل.
طول الفترة يعطي الطفل حقه
وقد ناقش الباحث محمد محمد نعيمة بجامعة
عين شمس في رسالة ماجستير الترتيب الميلادي وعلاقته بالنضج الاجتماعي للطفل، وأكد
ضرورة إطالة الفاصل الزمني بين الإخوة في الأسرة، وذكر الباحث أن ذلك من مصلحة
الأطفال الصغار، وكلما تأخر وصول الأطفال الجدد زاد نضج بيئة الأسرة التي يدخلون
فيها وينمون بين أجوائها، فيأخذ الطفل القسط الوافي من الرعاية النفسية والصحية من
قبل الأم.
وبطول الفترة الزمنية يأخذ الطفل حقه في
المأكل والملبس والمسكن واللعب والأدوات اللازمة مما يزيد فرص نموه ونضجه، إذ يأتي
الطفل الأول ولا منافس له ويستمتع بهذا الشعور لفترة تطول أو تقصر حسب موعد مجيء
الطفل الثاني، وإذا طالت الفترة بينهما يتعود الأول على وضع الطفل الوحيد ولا يشعر
بالتهديد من الزائر الصغير. وإذا كان الفارق مناسبا فإنه يشعر بالمشاركة مع شقيقه،
إلا أنه تبقى لديه سمة مميزة بأنه الأفضل وهو وضع يميل إلى التمسك به باستمرار.
وتوصل الباحث إلى أن فارقا يتراوح بين سنتين إلى أربع سنوات بين الإخوة يكون له
أكبر تأثير يهدد الطفل الأكبر.
وإذا بلغ الأول ثلاث سنوات عند ولادة أخ
جديد له فإنه يصبح قلقا حول إمكانية فقدان الحب. أما إذا بلغ الأول عاما واحدا فإن
الوليد الجديد لا يشكل له تهديدا كبيرا أو منافسا لأن صورة ذاته تكون غير واضحة
وغير متبلورة. وإذا وصل الأخ الجديد بعد أن يصبح الأول في الرابعة أي بعد أن يحصل
على استقلاله قل احتمال ظهور الغيرة بين الإخوة، بل إن الطفل الأكبر يسعد بمعاونة
الرضيع.
الحمل بعد الفطام
ويشدد د. علي عليان أستاذ أمراض النساء
والولادة بكلية طب جامعة عين شمس على أهمية تأجيل الحمل بعد انتهاء فترة الرضاعة
فيقول: تعتبر فترة الرضاعة فرصة لالتقاط الأنفاس بالنسبه للأم، وفي المعتاد تقوم
الهرمونات المدرة للبن بوقف عملية التبويض، فتقل فرصة حدوث الحمل أثناء الرضاعة
بدرجة كبيرة، وهناك نوعان من التعرض للحمل أثناء الرضاعة:
أولا: رضاعة بدون دورة شهرية ونسبة حدوث
الحمل فيها 50%.
ثانيا: رضاعة تنتظم خلالها الدورة الشهرية
وهنا تصبح المرأة أكثر عرضة للحمل، وتتساوى مع السيدات غير المرضعات في فرصة حدوث
الحمل. وتعتبر فترة الرضاعة فترة راحة للجسم، ولا يعني ذلك أن الرضاعة تحمي من
حدوث الحمل 100%، ولا بد من وجود وسيلة لمنع الحمل وتفضل الوسائل الطبيعية في هذه
الفترة.
بعد انتهاء فترة الرضاعة أي بعد حوالي سنة
ونصف السنة أو سنتين يستعيد جسم الأم قدرته على الإنجاب مرة أخرى. وذلك إذا اتبعت
نظاماً غذائيا معينا خلال هذه الفترة وهو نفس النظام المتبع خلال فترة الحمل.
فتركز السيدة على البروتينات والمواد السكرية والمعادن وعلى الفيتامينات. ونسأل د.
علي عليان: الطفل الثاني متى؟ فيقول: أرى أنه من الأفضل تأجيل الحمل بعد الولادة
لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات خاصة عند السيدات اللاتي لا يتبعن النظام الغذائي
المفروض. وحول ما الذي يمكن أن تعانيه السيدة من تتابع الحمل في فترة قصيرة، يقول:
قد تعاني من مشاكل عدة من جراء الولادات المتكررة منها:
- تزايد احتمال حدوث إجهاض.
- ازدياد نسبة حدوث نقص في الهيموجلوبين
والكالسيوم مما يؤثر على أداء الجهاز العظمي خصوصا في منطقة الحوض المهمة في عملية
الولادة.
- ازدياد نسبة حدوث خلل في وظائف الكلى مع
احتمال التعرض لنزيف قبل الولادة وبعدها مما يشكل خطورة بالغة على الأم الحامل
نتيجة لعدم انقباض الرحم بصورة طبيعية، الأمر الذي يشكل خطورة على حياتها.
- كذلك قصر المدة بين الولادات قد يؤدي
لحدوث عسر في الولادة فيزيد من احتمال الولادات القيصرية حيث تقل نسبة الألياف
العضلية بعد كل حمل وولادة مما يعرض الأم لمضاعفات صحية. وأرى أن الله جعل فترة
الرضاعة فترة راحة للسيدة من عملية الحمل والولادة، والسيدة التي لا ترضع رضاعة.
كاملة لديها فرصة أكبر لحدوث حمل، ويفضل أن يكون هناك فاصل بين كل طفل وآخر ثلاث
سنوات.
في النهاية نجد أنه من القسوة بمكان أن
يأتي الطفل الثاني مباشرة بعد الطفل الأول دون أن يفصل بينهما فاصل زمني كاف، وفي
ذلك قسوة بالغة على الأم أولا ثم قسوة مزدوجة على الطفلين الأول والثاني ثانيا.
هالة حلمي مجلة
العربي
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق