قصة وعبرة

الأربعاء، 28 أبريل 2021

• أخلاق أولادنا... النمو والـمخاطر


الأخلاق

في زمننا الراهن الذي يشكل حالة من صعود قيم جديدة مرتبطة بالعصر ومنجزاته التقنية، وهي قيم مختلفة في كثير من جوانبها عما ألفناه من قيم مستقرة تعارفنا عليها نحن الآباء والأجداد، كيف نتعامل مع مسيرة النمو الأخلاقي لأولادنا دون سطوة، ودون تسيُّب أيضاً؟

لدراسة الأخلاق في وقتنا الراهن أهمية كبيرة، نظراً لما يواجهه شباب هذا العصر من التيارات الخلقية المتناقضة التي نشأت عن التطور الحضاري المادي السريع وتناقض هذه التيارات مع القيم الأصيلة وكذلك تعرض الشباب لتيارات متصلة من الإغراءات المختلفة والتي تؤثر بقوة في سلوكه الأخلاقي فيجد نفسه تحت تأثير وسائل الإعلام وما تبثه من مبادئ وقيم وعادات تنطوي على قدر كبير من عدم الانسجام وعدم التكامل فيعاني القلق جراء ما يجده من تناقض بين القيم والمبادئ والمثل وتشكيلة متنوعة من السلوكيات التي لا تتفق في كثير من الأحيان مع هذه القيم.

تتألف الأخلاق من قوانين السلوك التي يشعر أفراد المجتمع أن عليهم اتباعها وهي تنسب بشكل خاص إلى البشر، فبينما نجد أن النمل وبعض الحيوانات الأخرى تبدو وكأنها تتصرف متبعة قوانين أخلاقية، إلا أن سلوكها الغريزي يعد مختلفاَ تماماً عن سلوك الإنسان الذي يراقب القوانين الأخلاقية من أجل استيعابها.

والأخلاق ما هي إلا اتباع عادات المجتمع وتقاليده، وهذا يعني - كما يرى أستاذ علم النفس التربوي توما خوري - أنها مستقاة في أساسها مما يقرره المجتمع مهما كان هذا القرار، ويختلف شكل التفاعل مع هذه العادات والتقاليد بين مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة، فالمراهق خلال تفاعله مع البيئة المحيطة به قادر على التفكير بموضوعية أكبر مما يقدر عليه الطفل الذي يكون تفكيره متأثراً بما لديه من حاجات ورغبات خاصة.

فبينما يكون المراهق قادراً على أن يتفهم مقتضيات الواجب والالتزام باعتبارها أموراً تستند إلى مبدأ الحقوق والتوقعات المتبادلة التي يتبناها كل منا تجاه الآخر، نجد مفهوم الطفل عن فكرة الواجب هو الإذعان والطاعة لأحكام الراشدين، كما أن المراهق يفهم معنى المسئولية الفردية ومبدأ المساواة أمام القانون والتجرد في الحكم وفي تقييم الأمور.

وقد عرّف كولبرج وكرامر النمو الأخلاقي بأنه عملية متصلة يعيشها الفرد بهدف إقامة نوع من المواءمة بين نظرة أخلاقية معينة، وخبرة الفرد فيما يتعلق بالحياة في عالم اجتماعي يتبنى هذه النظرة ويتخذ منها معياراً لمسلك الأفراد في هذا الجانب أو ذاك من جوانب حياتهم.

دور الأسرة

لقد وجد لورانس كولبرج أن نمط تعامل الأهل مع الأبناء له أثر كبير في دفع مراحل النمو الأخلاقي عند الأبناء أو إحباطه، فعندما تكون تربية الوالدين قائمة على العطف والتفاهم والتشجيع فإنها سوف تؤدي إلى دفع النمو الأخلاقي قدماً، وقام الباحثون باكتشاف دور الارتباط الآمن مع الأهل في دفع النمو في مرحلة المراهقة فقد وجدوا أن الارتباط العاطفي بالأسرة خلال هذه المرحلة يؤدي إلى تكيف هذا المراهق مع المواقف والخبرات الجديدة وتوسيع وتطوير عالمه الاجتماعي. هذا الارتباط كما يرى الدكتور سانتروك يحمي المراهق من مشاعر القلق والكآبة والألم العاطفي التي تترافق عادة مع الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة.

فتشجيع الأبناء وتحفيزهم لأخذ أدوار الآخرين وذلك بالاهتمام بهؤلاء الآخرين ومشاركتهم مشاعرهم وأحاسيسهم وتمثل اتجاهاتهم، والإحساس بأفكارهم، ووضع الفرد نفسه في مكانهم. يسهم في تنمية التفكير الأخلاقي وكذلك تقديم الأمثلة والتعزيز ودفع الأبناء إلى التفاعل مع الآخرين، وكذلك وضع الأبناء في تجارب مع زملائهم يؤدي إلى تعزيز التعلم الأخلاقي كما أن تشجيع الأبناء ليقوموا بدورهم في عملية اتخاذ القرارات الخاصة بهم يسهم في الارتقاء بمستوى النمو الأخلاقي ودفعه إلى الأمام.

فعلى الوالدين يقع العبء الأكبر في تقبل الطفل وإحساسه بالأمن والأمان واكتساب أولى الخبرات التي توصله إلى التوافق النفسي والاجتماعي مما يمكنه من تعلم المعايير والأدوار الاجتماعية واستيعابها من خلال الخبرات المباشرة والنماذج الاجتماعية الجيدة مما يؤدي في النهاية إلى اشتقاقه للقيم الخلقية التي تتلاءم مع ما حصل عليه من خبرات اجتماعية في بيئة سوية.

فالآباء هم المصدر الأساسي للأخلاق التي يكتسبها معظم الأطفال، فعلماء النفس مثل ديانا بومريند من جامعة كاليفورنيا أشارت إلى أن الآباء الحازمين يسهلون عملية النمو الأخلاقي لأطفالهم أكثر من الآباء المتسامحين والمتسلطين. إن النموذج الحازم يؤسس قواعد أسرية منسجمة وقيوداً ثابتة ويشجع أيضاً المناقشة الحرة والمحادثة الصريحة لتفسير وتعديل هذه القواعد من أجل تبريرها، وبالمقابل النموذج المتساهل يتجنب القواعد بشكل عام أما ممثلو النموذج المتسلط فيفرضون القواعد بشكل غير نظامي حسب أهوائهم من مبدأ (لأنني قلت ذلك). وعلى الرغم من أن النموذجين المتساهل والمتسلط يبدوان متعاكسين إلا أنهما يميلان لإعطاء نماذج متشابهة من ضعف السيطرة على النفس ونقص المسئولية الاجتماعية عند الأطفال. وبالإضافة لذلك، فإن أيا من هذين النموذجين لا يقدم للأطفال خبرات واقعية ومرشدة للتأثير في نمو هويتهم الأخلاقية وبهذه الطريقة نجد أن السلوك الأخلاقي أثناء مرحلة المراهقة غالباً ما يكون له جذور من خبرات مرحلة الطفولة.

كذلك نجد أنه خلال نمو المراهقين فإنهم يتأثرون بشكل مستمر بالبيئة المنزلية المحيطة، فتعليق الآباء على أغاني وأفلام الفيديو العنيفة الخاصة بأولادهم يكون لها تأثير كبير في الأبناء وفي الحقيقة فإن مشاهدته للبرامج العنيفة والفاحشة التي يتابعها في وسائل الإعلام المختلفة مع وجود تغذية راجعة أبوية مستمرة تراقب الطفل وتوجه له النصائح، فإن المبادئ التي يكتسبها الطفل من الأبوين سيكون لها الأثر الأكبر الإيجابي في نمو الطفل الأخلاقي أكثر من الضرر الذي قد تلحقه بهم هذه البرامج والأفلام.

كما أن الاحترام المتبادل والتعاون بين الطفل ومن يحيط به من الكبار يؤثر بشكل كبير في النمو الأخلاقي، فعندما يرى الطفل أن الكبار يخضعون للقواعد والمبادئ الأخلاقية بمستوى خضوعه لها فإنه يعي أن الواجب ليس قوة عمياء كما كان يفهمها من قبل بل هو من طبيعة عامة وعالمية، فيصبح الواجب أمراً ينبع من الداخل لا أمراً مفروضاً من الخارج، وتصبح القواعد الأخلاقية الخارجية قواعد داخلية مقبولة لديه. فمعرفة الطفل أن الكبار يخضعون للقوانين الأخلاقية بمستوى ما يطالبونه بالخضوع له، هو جوهر التربية الأخلاقية والفرصة التي تهيئه للارتقاء في مستوى النمو الأخلاقي.

كما وجدت الباحثة (مارجريت باكون) ومجموعة من زملائها أنه عندما يكون الأبوان دافئين تجاه أولادهما فأولادهما سوف يتصرفون أخلاقياً، فقد أخذ الباحثون معلومات من علم الأنثربولوجيا (علم الإنسان) مأخوذة من مجتمعات أمية عددها 48 تنتشر عبر إفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا والمحيط الهادي الجنوبي ودرسوا العلاقة بين أسلوب تعامل الأهل مع أطفالهم ونسبة انتشار الجريمة في هذه المجتمعات، فوجدوا أنه في المجتمعات التي كان الآباء فيها دافئين مع أولادهم كان هناك انخفاض في نسبة ارتكاب السرقة، أما في المجتمعات التي كان الآباء صارمين في تربيتهم فقد كانت نسبة الجرائم أعلى.

أحد علماء النفس الاجتماعي قام بفحص المتغيرات المتعلقة بالجماعة مثل التأثيرات الأخلاقية المتنوعة للآباء، للمدرسين، لوسائل الإعلام وذلك في دراسة أجريت على (311 مراهقا) من عشر مدن ومقاطعات أمريكية، حيث لاحظ فرانسيس من جامعة كولومبيا الدرجات العليا للسلوك الغيري والدرجات الدنيا للسلوك اللااجتماعي بين الشباب. فكل واحد من هؤلاء وافق على الاستقامة على سبيل المثال، كقيمة أساسية فالمدرسون لم يتسامحوا نحو الغش في الامتحان والآباء لم يدعوا أبناءهم يكذبون، والمدربون الرياضيون لم يشجعوا الفريق على خرق القواعد من أجل الفوز. ولكنه وجد أيضاً أن هناك جماعات أخرى على العكس من ذلك فمدربو الرياضة ناصروا الفوز قبل أي شيء آخر والآباء احتجوا عندما كان المدرسون يؤنبون أولادهم بسبب الغش ومن هذه المواقف يتعلم الأطفال ألا يأخذوا المسائل الأخلاقية على محمل الجد.

فالآباء والمدرسون هم المسئولون بالدرجة الأولى عن تدني مستوى التفكير الأخلاقي عند الأبناء.

إن تفاعل الأقران أحد العوامل الرئيسية للنمو الأخلاقي، فهو يلعب دوراً كبيراً في النمو الأخلاقي أكثر من الدور الذي يلعبه الراشدون، فالعلاقة بين الراشدين والأولاد علاقة غير متكافئة في القوة والسلطة أما في مجموعات الأولاد فهناك مساواة أكبر وأخذ وعطاء أكبر وحاجة للوصول إلى قرارات مشتركة، حتى مفهوم الكياسة يصير له معنى مختلف، فمع الأقران يعني أن تتصرف اجتماعياً - تساعد وتعتني بالآخرين - ومع الراشدين يعني الطاعة لهذا الراشد دون تذمر، فالقوانين مفروضة من قبل الراشدين.

إن الارتباط الآمن مع الأهل يعزز الارتباط العاطفي بين هذا المراهق وأصدقائه ويشجع علاقاته الإيجابية مع الأفراد من خارج الأسرة. وفي إحدى الدراسات التي قام بها (أرمسدن وجرينبرج) لمعرفة تأثير الارتباط العاطفي الآمن مع الأسرة في العلاقة مع الزملاء، تبيّن أن المراهقين الذين كانوا مرتبطين بأمان مع أهلهم، كانوا مرتبطين أيضاً بأمان مع أصدقائهم أما أولئك الذين كان ينقصهم هذا الارتباط مع أسرهم فهم على الأغلب لا يكونون مرتبطين بأمان مع أصدقائهم.

سطوة الجماعة ومآزق المدرسة

يجب على الأهل أن يوجهوا أبناءهم دوماً لبناء علاقات إيجابية وفعالة من أصدقائهم، فالمراهق الآخر الذي رُفض من قبل أصدقائه والذي يتحمل الكثير من وطأة العزلة أو الاضطهاد يجب أن يوضّح له أن تصرفه بقسوة مع زملائه، يعطي الزملاء صورة سيئة عن شخصيته أكثر مما يعطي صورة سيئة عمن وُجِّه إليه هذا التصـــرف، أي الضحــــية، حتـــى لو كان -الضحية- هو المذنب. إذا ساعدت هذه النصيحة المراهق على مقاومة اعتقاده بأن تلك المعاملة ليست رفضاً لشخصه، بل هي رفض خاص لسلوكه السيئ، فإن ما يعانيه من الشعور بالعزلة أو الاضطهاد سوف يمر دون أن يترك أي ندوب نفسية.

خلال مرحلة المراهقة، وخصوصاً في المرحلة المبكرة منها، يكون الفرد أكثر تكيفاً وإطاعة لمعايير الصديق وذلك أكثر مما يفعله خلال مرحلة الطفولة. ولقد وجد باحثون مثل ليفنثال وبيرنادت وبيري، أنه في الصفين الثامن والتاسع يكون لدى المراهقين إطاعة للأصدقاء والرفاق حتى لو كانت معاييرهم مضادة للمجتمع، فهم أكثر استعداداً للذهاب مع صديق لسرقة أغطية العجلات من السيارات ورسم صور ذات شكل سيئ على الحائط أو سرقة أدوات التجميل من صالون للحلاقة.

فالمراهقون يبحثون عمّن يوافقونهم نفسياً ويرفضون أولئك الذين يبدون غرباء عنهم. والاجتماعات المتكررة بين الأصدقاء تنشئ بينهم علاقة صداقة أكثر نضجاً ولذلك يجب على الآباء تشجيع أبنائهم على مصاحبة النماذج الجيدة من أصدقائهم لأن التفاعل مع الأصدقاء سوف يساعد على دفع النمو الأخلاقي قدما للأولاد بإظهاره الصراع القائم بين مفاهيمهم السابقة والخبرات الجديدة.

لقد وجد (جيمس كولمان) أن مجموعة الأقران وخاصة خلال المراهقة المتوسطة في المدارس (الثانوية) تساعد على صياغة توجهات القيمة، فمعظم المراهقين يتبعون أوامر المجموعة.

فيجب الحكم على سلوك الفرد وتصرفاته في ضوء معايير جماعته المرجعية. وقد تبيّن أن هذه الجماعة تلعب دوراً رئيسياً في مجال تزويد الفرد بالقيم والمبادئ العامة الموجهة لسلوكه، ومن غير المستغرب أن تكون معايير الجماعة محددات مهمة للسلوك الأخلاقي أو اللاأخلاقي. وقد أسفرت نتائج بعض الدراسات عن صدق مثل هذه الاستنتاجات مبينة أن تباين درجات أفراد المجموعة الصفية في الغش ينخفض مع ازدياد الفترة الزمنية التي يقضيها هؤلاء الأفراد في مجموعات صفية واحدة، مما يوحي بأن معايير الجماعة تتطور وتسود بين أعضائها وتسهم في تنظيم سلوكهم الصفي أخلاقياً كان أم غير ذلك. ولعل هذا يفسر اتسام بعض الجماعات الصفية بالأمانة أو الغش أو الفوضى أو النظام.

وفي مقاربة لصيقة يأتي دور المدرسة وهو دور كبير لرفع مستوى النمو الأخلاقي، وقد تبيّن أن الأطفال لا يكتسبون مستويات جديدة في النمو الأخلاقي بتلقينهم ماذا يفعلون أو محاولة تصحيح سلوكهم بطريقة تقريرية. فقد أثبتت هذه الطريقة عدم فعاليتها لأن النمو الأخلاقي يرتبط بمواقف تنشأ بشكل طبيعي داخل الصف أو في فناء المدرسة أو في أي مكان داخلها.

والنمو الأخلاقي يحدث من تفاعل البناء المعرفي الفردي مع المشاكل أو المواقف الحياتية التي تزدحم بها البيئة الاجتماعية المحيطة، وعليه فإن معايشة التلاميذ لمواقف اجتماعية وخلقية واقعية وتحفيزهم للتفكير فيها وإيجاد الحلول المناسبة لها والبحث عن حلول بديلة ناجحة أخرى، سيسرِّع دون شك تحصيلهم للمرحلة الخلقية الأعلى التي ينشدونها في شخصياتهم.

تعليم غير مباشر

الطفل والمراهق يفهمان المحاكمات الأخلاقية فهماً جيداً إذا كانت في مستواهما الخلقي أو أعلى من ذلك بمرحلة واحدة فقط. وقد وجد أن أفضل الطرق في تنمية التفكير الأخلاقي عند الأطفال وضعهم في مآزق ومشكلات أخلاقية والسماح لهم بمحاولة حل هذه المشكلات بالاشتراك مع أصدقائهم.

وينطلق كولبرج فيما اقترحه لدفع النمو الأخلاقي من اقتناعه بأهمية التفاعل الجماعي وخلق المناخ الأخلاقي الذي يؤدي إلى تنمية الجانب المعرفي والجانب الوجداني والجانب السلوكي للحكم الأخلاقي. ولذلك نجده يحدد ثلاث استراتيجيات للنمو الأخلاقي هي: في المناقشات الأخلاقية وإعطاء القدوة والتفاعل الاجتماعي بشأن المعرفة بكل أشكالها يمثل التعليم أو التأثير غير المباشر والموحي بالاختيار نموذجاً أمثل، وهو في مجال النمو الأخلاقي للطفل والمراهق يتمثل في:

1- تشجيع المناقشات الأخلاقية: (لتنمية الجانب المعرفي للحكم الأخلاقي)، فالمناقشات الخلقية في إطار غرفة الصف تمثل نموذجاً لكيفية تطبيق المنحى المعرفي النمائي في المدرسة، فبدلاً من أن يحاول المعلمون غرس مجموعة من القيم محددة سلفاً وغير قابلة للمناقشة، يجب أن يسعوا لتهيئة قضايا ومواقف خلقية يواجهون بها طلابهم وتمثل مشكلات في المجتمع المدرسي تستوجب الحل، وليست مجرد مواقف تطبق فيها القواعد بصورة آلية.

لذلك، فقد دعا كولبرج إلى تعليم يركز على الحوار السقراطي، فالتبدل يحدث عندما تجابه أفكارنا بالدليل المضاد الذي يدفع لصياغة أفكار جديدة أفضل.

فيجب على المدرسين أن يجعلوا الطالب يجرب الصراع الأخلاقي، وذلك بوضع قصص أخلاقية ومناقشتها، على أن تكون هذه القصص حقيقية من واقع حياة الطالب وليست قصصا خيالية أو خرافية.

ومن المهم للمدرس أن يميز بين المسائل الأخلاقية ومسائل التقليد عندما يتعامل مع النظام المدرسي في خرق أو مخالفة القانون المدرسي، فإذا خرق طفل قانونا تقليديا يجب أن يخبره المدرس أن القانون قد خرق وخالفه ويجب وقف هذا التصرف للطفل. أما إذا كان اختراقه لمسألة أخلاقية فيجب على المدرس التحدث مع الطفل فيما ارتكب من خطأ حتى يرجع هذا الطالب عن سلوكه، وأيضاً يجب على المدرس أن يمدح السلوك الأخلاقي الحسن مثل مدح الطالب اللطيف والذي يساعد زملاءه.

وقد وضع أوسر برنامجاً تدريبياً لزيادة معدل النمو الأخلاقي واقتراح قيام المعلم بمناقشة قضايا أخلاقية مع طلبته، ويجب أن تكون هذه المناقشات:

موجهة نحو صراع أخلاقي واستثارة مستويات عليا من التفكير الأخلاقي.

تحليلية لمعتقدات الطالب الخاصة واستدلالاته ومواقفه النظرية

موجهة نحو فهم المعايير المشتركة لأخلاقيات المجتمع.

موجهة نحو اختيار الأفعال الأخلاقية ونحو ممارستها.

2- إعطاء القدوة: (لتنمية الجانب الانفعالي المرتبط بالميل نحو سلوك معيّن وعدم الميل نحو سلوك آخر).

فالمدرس لا يكون فعالاً فيما يقول إلا إذا كان فاعلاً لما يقول، فلا يمكن مثلاً أن ننشئ إحساساً بالعدل في جو يسيطر عليه الظلم أو الإحساس به، فكثير مما يتعلمه التلاميذ لا يأتي من الكتب والمواد الدراسية أو التعليمية، وإنما من البيئة ومن الجو الذي يحيط بهم في الفصل. فالمدرس يجب أن يكون نموذجاً سليماً لأن طلابه سيقومون بمحاكاته والتقاط الخبرات المتمثلة في سلوكه وأن يعطيهم التغذية الراجعة لكي يستطيعوا تقويم فعالية تصرفاتهم.

وعلى المدرس في المدرسة (كنموذج سلوكي يتقمص التلاميذ شخصيته ويقلدونه) يقع عبء آخر في توجيه الأطفال وإرشادهم مما يساهم في دعم القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع. كما يجب على المدرسة أن توفّر للتلاميذ الأنشطة التي تساهم في إكسابهم المعايير والقيم الأخلاقية والاجتماعية المرغوبة، وكذلك على المناهج الدراسية أن تقدم للتلاميذ النماذج البشرية الرائدة في سلوكها الاجتماعي وقيمها الأخلاقية.

3- تشجيع التعلم التعاوني: (الذي يتيح الممارسات الفعلية للسلوك المرتبط بالأحكام الأخلاقية)، لقد أكد بياجيه وكولبرج أن التفاعل الاجتماعي ضروري للأولاد ليتقدموا من مرحلة إلى أخرى تتناسب مع العمر الذي هم عليه. فالتفاعل الاجتماعي يمكّن الفرد من أن يستعرض الأشياء من منظار الآخرين، فالأفراد الذين يستطيعون أخذ دور الآخرين يسجلون أعلى الدرجات على اختبارات المحاكمة الأخلاقية.

ويستطيع المدرس العناية بتنمية العلاقة الأخلاقية الإيجابية بين التلاميذ عن طريق إذكاء روح التعليم الجماعي والتعـــاون. والهدف من هذا أن ننتقل بالطفل من التفكير المتمركز حول الذات إلى التفكير في الآخرين، وتنسيق أعمال التلاميذ وأفكارهم مع الغير.

فلا ينبغي النظر إلى وظيفة المدرسة باعتبارها مقصورة على عملية التعليم المعرفي بالصورة النمطية المتعارف عليها، فالطلاب والمعلمون يقضون في مدارسهم من الوقت ما يفوق ما يقضونه في أي مكان آخر. لذلك، فإن الطلاب يتعلمون بقدر وافر من السلوك الاجتماعي والقيم الخلقية من هذا المنهج الضمني بأكثر مما يتعلمون من المنهج الرسمي.

ونظراً للدور المهم الذي تقوم به المدرسة في النمو الأخلاقي للطلاب فإنه يجب العناية بالأطفال والمراهقين الذين يتركون المدرسة، فهم يتسربون منها عندما يكون التفكير الأخلاقي ليس مكتملاً، مما يؤدي إلى حدوث جمود وتوقف لهذا النمو، بينما أقرانهم الذين يتابعون تعليمهم لا يزالون يتطورون ويتقدمون في نموهم الأخلاقي، وهذا طبعاً لا يتفق مع حقوق الإنسان وديمقراطية المجتمعات.

وكما أشار (كوزول)، فإن هذا قد يسبب خسائر كبيرة للمجتمع

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضًا                                         

4 طرق للتوقف عن القلق لرأي الآخرين فينا

كيفية التأقلم عن عدم وجود أصدقاء في حياتنا

رفع معدل الذكاء للبالغين بطرق عملية

كيفية التعايش مع الكلاب في المنزل

الوسواس القهري: أعراضه وطرق علاجه

 

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق