الشيخوخة
يعني مصطلح تكنولوجيا الشيخوخة، الدراسة العلمية للشيخوخة والتكنولوجيا، وهذا يتضمن مجالات البحث والتطوير والتصميم لتقنيات ومنتجات وخدمات جديدة؛ فعِلم الشيخوخة يبحث في الجوانب الحيوية والنفسية والاجتماعية، والطبية المتصلة بالتقدم في العمر؛ بينما تتناول التكنولوجيا فروعًا علمية شتى ذات علاقة، كعلوم الهندسة الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية والكهربائية والصناعية وهندسة الاتصالات.
وهكذا تلبي تكنولوجيا الشيخوخة حاجات وطموحات مجتمع المسنين في بيئاتهم، وجميع ما يجري في هذا الإطار من بحث وتطوير وتصميم، لابد أن يقوم على معرفة واسعة وعميقة بالتقدم في العمر، من أجل ضمان صحة جيدة، ومشاركة اجتماعية فعالة، وحياة مستقلة مهما طال العمر.
ما يؤكد أهمية تكنولوجيا الشيخوخة كعلم مطلوب الآن وفي المستقبل، استمرار ارتفاع أعداد المسنين في العالم. فمن المتوقع أن يتضاعف عدد من تزيد أعمارهم على 65 سنة من 7.8 في المئة، (524 مليون شخص) في 2010، إلى نحو 16.7 في المئة( مليار ونصف المليار) عام 2050؛ كما ستزيد أعداد من يتخطون الثمانين من العمر بنسبة 4 في المئة سنويًّا. وتعني الأرقام السابقة، من دون شك، تعاظم التحديات وتبعاتها على السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
فالدول الصناعية المتقدمة، مثلاً، ستعاني مع تقاعد أعداد متزايدة من القوى العاملة نتيجة لتضخم الميزانيات المطلوبة للعناية بهؤلاء الكبار ممن يعتمدون على برامج الرعاية الحكومية، في الوقت الذي تنخفض فيه حصيلة الضرائب نتيجة خروج المسنين من سوق العمل من ناحية، وتباطؤ نمو القوى العاملة بسبب انخفاض معدلات الخصوبة من ناحية أخرى؛ غير أن دراسات عديدة تشير إلى الدور الإيجابي للتكنولوجيا الموجّهة لكبار السن، التي تحمل إمكانات المساهمة في مواجهة هذه التحديات الجديدة وتحسين كلفة/ فاعلية الخدمات المقدمة.
تحويل البحوث إلى واقع
تتعالى الدعوات اليوم لأخذ جانب تكنولوجيا الشيخوخة بجدية ومواجهة تحدي تحويل البحوث إلى واقع من خلال تعاون بين العلوم وتشارُك المعلومات وتخطّي المشكلات التقنية وتربية جيل جديد من الباحثين القادرين على كسر الحدود المصطنعة بين العلوم المختلفة.
وما يثير الأمل حقًّا ما تم إنجازه من خلال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بما فيها من منتجات وخدمات وفرص تقدّم لمختلف فئات الكبار، كالكبار الأصحاء والنشيطين؛ والكبار المصابين بأمراض مزمنة، والكبار المصابين بالخرف؛ والكبار المصابين بضعف خفيف في الإدراك، وذلك لتمكين المسنين من تجديد وتنمية تواصلهم الاجتماعي في مجتمعاتهم. وتوفير فرص للمشاركة في أعمال ذات قيمة أو أنشطة أخرى؛ سواء كانت مدفوعة الأجر أو تطوعية؛ كما يمكن أن تلعب التكنولوجيا دورًا في التفاعل بصورة جديدة مع الأهل والأصدقاء؛ والتعلم واكتساب المهارات وإثراء الخبرات وتبادلها مع الآخرين.
وعلى الصعيد الأكاديمي، تم طرح مقررات وبرامج متخصصة لطلاب الهندسة وعلم الشيخوخة ودارسي الكمبيوتر والباحثين في برامج الدراسات العليا، بهدف تنمية الأفكار والمهارات، كما هي الحال في جامعة بيس الأمريكية، ومعهد تكنولوجيا الشيخوخة بجامعة إيندهوفن للتكنولوجيا بهولندا. كما قدّمت جامعة موناش بماليزيا «مختبر تكنولوجيا الشيخوخة»، الذي يعد منصة بحثية تعمل على تحويل البحوث إلى منتجات وخدمات وصياغة السياسات العامة لتحسين صحة كبار السن ورفاهيتهم. وتتناول موضوعات متنوعة كالصحة وتقدير الذات، والإسكان والحياة اليومية، والعمل، وأوقات الفراغ، والمواصلات، والتواصل.
التكنولوجيا في مواجهة العزلة
من التحديات الي يواجهها كبار السن العزلة الاجتماعية التي تعد مصدرًا أساسيًّا للقلق الناشئ من الشعور بالوحدة، أو الخوف منها؛ وسببًا لتدهور الصحة الذهنية والجسدية، ومشكلات أخرى كاضطرابات النوم، والاختلال الوظيفي في أثناء النهار، وربما أمراض الزهايمر.
وسواء كان سبب العزلة التفكك الأسري، أو موت الشريك، أو مرضًا مزمنًا أو فقدان البصر أو السمع، فإن ذلك ينال من نوعية الحياة. ويبقى السؤال: كيف يمكن للتكنولوجيا أن تخفف من العزلة والشعور بالوحدة بين كبار السن؟ وما مدى القدرة على تمكينهم في بيوتهم ومجتمعاتهم، وجعل التكنولوجيا أداة لتحقيق السعادة والرفاهية؟
ورغم وجود معوقات مثل عدم توافر الإنترنت، وانخفاض الوعي بما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا من خدمات ومميزات - حيث يعتقد بعض الكبار أنهم لا ينتمون لجيل الإنترنت ولا علاقة لهم بها - وعدم ملاءمة طرق تسويق التكنولوجيا للكبار التي عادة ما تخاطب الشباب والأطفال في المقام الأول، والتصور الخاطئ لدى فئة من الكبار بأن تكاليف التكنولوجيا وأسعار الأجهزة والصيانة باهظة، ولا يستطيعون مجاراتها، ومعتقدات أخرى متعلقة بقضايا السلامة المصاحبة للتكنولوجيا؛ فإن هناك جهودًا لا يمكن إنكارها في إطار محاولات مواجهة العزلة الاجتماعية، حيث تمكنت التكنولوجيا من توفير فرص الحياة المتفاعلة مع العالم، وتعزيز التواصل مع الأهل والأصدقاء والعالم الخارجي؛ وساعدت الكبار على الوصول إلى الخدمات الإلكترونية التي تتضمن خدمات طبية، والتسوق وإنهاء المعاملات البنكية، ومواقع تقدم فرص عمل ملائمة، وأخرى تهتم بالأمن والسلامة عبر خدمات الرعاية الهاتفية.
وإلى جانب الكبار، يستفيد المجتمع من هذه الخدمات التي تخفض تكاليف الرعاية الصحية وتتيح مشاركة الخبرات. ومن المتوقع أن تلعب التكنولوجيا دورًا أكبر في تغيير حياة المسنين ونماذج رعايتهم. والمنافسة مشتعلة في مجال التجديد والاستثمار المستمر في هذا القطاع وفي تطبيقات إنقاذ الحياة وتصميم برامج تلائم اهتمامات الكبار واتجاهاتهم وخبراتهم وتلبّي حاجاتهم. وهناك مساعٍ لتدريب الكبار ودعمهم للتغلب على القلق من جانب، واكتساب مهارات وتنمية الثقة بالذات فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا، إضافة إلى توفير العنصر البشري القادر على التدريب والدعم.
برنامج أوربي
في إطار مشروعات تعزيز تكنولوجيا الــــشيخوخة، موّل البرنامج الأوربيAAL- http:// www. aal-
220 europe. eu مشروعا مشتركًا تعمل على منتجات وخدمات مصممة لتحسين نوعية حياة الكبار.
وحققت المشروعات نتائج مميزة، وجاءت بحلول لمشكلات شقت طريقها للأسواق لتستخدم في أنحاء أوربا تحت شعار «التقدم في العمر بصورة جيدة في عالم رقمي»، مع توقّع بأن يعيش نصف سكان الاتحاد الأوربي لأكثر من 65 سنة في 2070 .
ومن أهداف البرنامج الأوربي والبرامج المشابهة تشجيع ظهور المنتجات القائمة على تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والخدمات والنظم المعنية بالتقدم في العمر بالبيت وبالمجتمع وفي مواقع العمل بصورة جيدة؛ وتكوين كتلة حرجة من البحث والتطوير والتجديد على مستوى الاتحاد الأوربي في تكنولوجيا وخدمات التقدم في العمر، بما في ذلك تأسيس بيئة جيدة لمشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
والمساعدة على خلق ظروف مواتية للاستكشاف الصناعي للمنتجات الموجهة للكبار، في إطار عمل أوربي يدعم تطوير حلول قياسية وتسهيلات لتوفيقها محليًّا وإقليميًّا وعلى المستوى الوطني.
وفي كل عام يقدم البرنامج دعوة تعكس تحديات رئيسة يواجهها المجتمع مع السكان الكبار لمساعدتهم على البقاء نشيطين اجتماعيًّا، ولتوفير الدعم للمصابين بالخرف. ثم تمول المشروعات وفقًا لمعايير بما في ذلك الحاجة إلى تدخّل الشركات الصغيرة والمتوسطة، والإطار الزمني الواقعي لطرح المنتج أو الخدمة، ودمج منظمات من ثلاث دول على الأقل، وإشراك الكبار في البحث عن حلول جديدة للمشكلات، وتوافر موارد مجانية وخبراء للمساعدة في إعداد دراسات الجدوى ومراقبة الأسواق وتقييمها. وهناك جائزة «التقدم في العمر الذكي... شيخوخة ذكية». ويتناول منتدى AAL هذا العام موضوع «تطبيق عملي أكثر ذكاءً للتكنولوجيا الرقمية لتعزيز العيش النشط والصحي»، ويتضمن عددًا من الأفكار الرئيسة.
مبادرات وإنجازات
من المبادرات المهمة في مجال تكنولوجيا الشيخوخة مبادرة تكنولوجيا الحياة اليومية لرعاية مرضى الزهايمر التي أطلقتها جمعية الزهايمر للحصول على تمويل للبحوث ومراقبة وتشخيص وعلاج أمراض الزهايمر؛ وانضمت إليها كيانات تكنولوجيا داعمة. ومشروعات أوربية متعددة الجنسيات اهتمت بوضع نظم تساعد على تناول الدواء والتغذية والتمارين، والأمن، وبحوث تستهدف تدريب العقل وتحفيز القدرات الذهنية من خلال اللعب. وألعاب رقمية أخرى تمتّع وتحفّز وظائف الدماغ والتفاعل الاجتماعي.
وأسفرت البرامج والمبادرات عن إنجازات تكنولوجية، مثل نظم جمع المعلومات من المسنين وكتابة تقارير عن حالاتهم، ثم توجيههم، مما يعد إجراء استباقيًّا يمكن أن يسهّل التدخل السريع عند الضرورة، ويقدّم المساعدة للمهنيين العاملين مع كبار السن؛ ويقلل تكاليف العلاج.
كما قدمت التكنولوجيا أجهزة ونظمًا مفيدة لتتبُّع مرضى الزهايمر والمصابين بتقلّب المزاج ممن يتعرضون لنوبات اكتئاب مفاجئة. وتطبيقات أخرى يمكن أن تتحرى حدوث كوارث كالفيضان والحريق وتسرّب الغاز؛ واختراعات متنوعة شملت أجهزة موسيقى تحفز الذاكرة وتمكّن المسنين من الاستمتاع والغناء معها، وكراسي موسيقية ذكية تتعرف على الأشخاص وتقدّم الموسيقى المفضلة لديهم .
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
الخطاب في الرسوم
المتحركة الموجهة للأطفال
في استرجاع عادة
الاستعارة من الجيران
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق