المساندة الاجتماعية
مع تعقد الحياة اليومية، وتطورها السريع، وزيادة متطلباتها، يواجه الإنسان في هذا العصر الذي أطلق عليه أنه عصر الضغوط، عديداً من المواقف والأحداث اليومية الضاغطة التي تمثل تهديداً لتوازنه النفسي...
وتزيد
من قلقه وتوتره وعدم رضاه عن وضعه الحالي، مما زاد من تعقيد أسلوب حياة الأفراد،
الأمر الذي نتج عنه ظهور توترات نفسية لديهم، انعكست سلباً على إنتاجهم وشعورهم
بالإحباط نتيجة عجزهم عن التكيّف مع المتغيرات المتسارعة.
تعد المساندة الاجتماعية مصدراً مهماً من مصادر الدعم النفسي والاجتماعي الفاعل التي يحتاجها الإنسان، إذ يساهم حجم المساندة الاجتماعية، ومـــــستوى الرضـــــا عنها، في كيفية مواجهة الفرد لأحــــداث الحياة الضاغطة بجميع أشــكالها وكيفية تعامله مع هذه الأحداث، وأساليب مواجهتها، كما تقدم المساندة النفسية دوراً مهماً في إشباع الحاجة إلى الأمن النفسي، وخفض مستوى المعاناة النفسية الناتجة عن شدة هذه الأحداث الضاغطة.
وتزيد المساندة الاجتماعية من قدرة الفرد على مقاومة الإحباط، فهي تسهم في توفير الراحة النفسية، وتؤدي دوراً أساسياً في الشفاء من الاضطرابات النفسية كالقلق، والاكتئاب، والوحدة النفسية، كما تلعب دوراً في التوافق الإيجابي والنمو الشخصي للفرد، وكذلك تقي الفرد من الآثار الناتجة عن الأحداث الضاغطة، وتخفف من حدة هذه الآثار، وعليه فإن هناك عنصرين مهمين ينبغي أخذهما في الاعتبار، وهما:
الأول: إدراك الفرد أن هناك عدداً كافياً من الأشخاص في حياته، يمكن أن يعتمد عليهم عند الحاجة، ورضا الفرد عن هذه المساندة الاجتماعية المتاحة له.
الثاني: إيمانه بمدى كفاية وكفاءة وقوة هذه المساندة.
تؤدي المساندة الاجتـــــماعية دوراً مهماً لاستمرار الإنسان وبـــقائه، وهــي التــــي تعزز كــــيان الفرد من خلال إحساسه بالمســـاندة والــــدعم من المحيطين بـــه، وبالتقـــدير والاحترام من الجماعة التي ينــــتمي إلـــيهــا، والشعور بالانتماء والتوافق مع المعايير الاجتــــماعية داخل مجتمعه، وهي التي تساعده أيضا على مواجهة أحداث الحياة الضاغطــة بأساليب إيجابية فاعلة، وتـــدعم احتفاظ الــــفرد بالصحة النفـــــسية والعقلــــية، وتمــــنحه الرعايـــة والتشجيع والنصح والمساعدة في جميـــع مواقــــف حيــــاته، مع إشباع حاجاته الأساسية في الحب والـــــقبول والشعور بالأمان.
وظائف المساندة الاجتماعية
وظيفة نمائية، عندما يكون للفرد شبكة من العلاقات الاجتماعية الحميمة التي تساعده على تحقيق التوافق الإيجابي.
وظيفة وقائية، في مساعدة الفرد على مواجهة الأحداث الخارجية التي يدركها على أنها شاقة وتمثل ضغوطاً عليه.
وللمساندة الاجتماعية أهميتها في الحياة المدرسية من أجل التكيّف في البيئة المدرسية، وزيادة الدافعية والقدرة على التحصيل والرغبة في الإنجاز والوصول إلى الأهداف المرجوة، حيث أوضحت الدراسات الحديثة وجود علاقة ارتباطية بين المساندة الاجتماعية والدافع إلى الإنجاز أو الدافع إلى التحصيل الدراسي، وأن انخفاض مستوى المساندة من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في مستوى التحصيل.
وتؤدي المساندة الاجتماعية دوراً فاعلاً في حياة الشخص من خلال الآتي:
· حماية الفرد من الضغوط الحياتية اليومية الضاغطة.
· تزويد الفرد بالخبرات والمعارف والمهارات بشكل كبير.
· إمداد الفرد بالتشجيع والتغذية الراجعة الإيجابية.
· منح الفرد المزيد من الثقة والشعور بالرضا.
دور الأسرة
للأسرة دور أساسي ومهم في دعم أبنائها منذ مراحل الطفولة المبكرة، إذ تمثل شبكة من العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وينشأ الطفل في هذه المنظومة معتمداً عليها اعتماداً كاملاً في سنوات حياته الأولى، وهي السنوات ذات الأهمية البالغة في صقل شخصيته وتنمية قدراته، كما يتأثر بعديد من المشاعر والعواطف ويتعلم كيفية التعبير عنها أو كبتها كمشاعر الحب والغضب والحزن، ومصادر المساندة الاجتماعية التي تمنحها الأسرة، سواء أكانت مادية أم معنوية أم تربوية تتوقف إلى حد كبير على أمور عدة أهمها: ثقافة الوالدين، وثقافة البيئة المحيطة، والضغوط التي تواجهها الأسرة، وطبيعة المناخ الأسري.
ويشير علماء النفس إلى أن الفرد الذي ينشأ وسط أسرة مترابطة تسودها المودة والألفة يصبح قادراً على تحمل المسؤولية بصورة أفضل، وتصبح لديه مهارات وصفات قيادية.
دور الأصدقاء
ينطوي على ما يمكن أن يقدمه الأصدقاء لبعضهم البعض وقت الشدة ووقوفهم إلى جانب بعضهم فيما يواجهونه من ظروف وتحديات تحتاج إلى تضافر الجهود، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس والثقة بالآخرين، ويحافظ على مقومات الصداقة والمودة من التفكك، والانهيار، وينمي مشاعر المشاركة مع الآخرين، وبالتالي إشباع حاجات انتمائه مع البيئة المحيطة وتخفف من الآثار النفسية السلبية.
دور المجتمع
للمجتمع دور مهم في تقديم المساندة الاجتماعية بأنواعها المادية والمعنوية وبصورة أقوى مما تقدمه الأسرة أو الأصدقاء, نظراً للقوى الاجتماعية والاقتصادية التي يتمتع بها.
إن العلاقات الاجتماعية تعد من أهم مصادر المساندة الاجتماعية والحماية من تأثير الضغوط المختلفة بحيث تشكل للفرد درعاً واقية من الانحرافات والعزلة, مما يجعله يعيش مطمئناً هادئ النفس، كما تساعده على أن يكون شخصاً فاعلاً ومنتجاً في المجتمع، فالمساندة التي يتلقاها الفرد من الآخرين ترتبط بالصحة والاستقرار النفسي والاجتماعي، وهي تتكون من علاقات اجتماعية متميزة تتمثل في المودة، والصداقة الحميمة، والانسجام، والتكامل، واحترام الفرد، وتقديم المساعدة المادية والعاطفية له.
وقد تبين أن الأفراد الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية مع الآخرين ومبنية على التفاعل الإيجابي يكونون أفضل من الناحية النفسية من أولئك الذين يفتقرون إلى مثل هذه العلاقات، وبالتالي فهي تسهم في التوافق الإيجابي والنمو الشخصي للفرد، والراحة النفسية والتخفيف من بعض الاضطرابات كالقلق والاكتئاب والوحدة النفسية.
استراتيجيات المساندة الاجتماعية
أولاً، الاستراتيجيات الإيجابية: هي تلك التي يوظفها الفرد للتغلب على الضغوط الحياتية وتجاوز آثارها، من خلال الأساليب الإيجابية التالية:
· التحليل المنطقي للموقف الضاغط بغية فهمه والتهيؤ الذهني له.
· إعادة التقييم الإيجابي للموقف.
· البحث عن معلومات وبدائل متعلقة بالموقف الضاغط.
ثانياً، الاستراتيجيات السلبية: هي تلك التي يوظفها الفرد في تجنب الأزمة والإحجام عن التفكير فيها، من خلال الأساليب السلبية الآتية:
· الإحجام المعرفي لتجنب التفكير الواقعي والممكن في الأزمة.
· الاستسلام للموقف الضاغط وترويض النفس على تقبله.
· البحث عن البدائل عن طريق الاشتراك في أنشطة بديلة ومحاولة الاندماج فيها بغية توليد مصادر جديدة للإشباع والتكيف بعيداً عن مواجهة الضغوط الحياتية.
وهكذا، فإن للمساندة الاجتماعية والمساندة النفسية والعلاقات الاجتماعية العميقة دوراً أساسياً في حياة الفرد، فهي تساعده على مواجهة الضغوط والأزمات وتجعله أكثر قدرة على تحملها ومواجهتها بصورة سليمة، وتعزز لديه الثقة بالنفس وتدعم التماسك النفسي والاجتماعي، ولا يعتبر وجود المساندة الاجتماعية شيئاً مهماً، ولكن الأهم منه هو رضا الفرد عن هذه المساندة.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًاقصة
عندما يصبح الأهل محتاجين إلى رعاية أبنائهم
فوائد قراءة القصص للأطفال قبل النوم
سبع خطوات للتعاطف مع الذات عند الشعور بالاكتئاب
هل ستصبح كتب الطبخ شيئاً من الماضي
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق