العقاب كوسيلة تربوية
يُعرّف علماء النّفس العقاب Punishment على أنّه عمليّة تتضمّن سلوكًا معيّنًا متبوعًا بعواقب مكروهة، والتي بدورها تؤدّي إلى خفض إحتماليّة تكرار السّلوك أو التصرّف مستقبلاً.
لقد
فرّق عالم النّفس الشّهير سكينر B. F.
Skinner بين
نوعين من التصرّفات التي بالإمكان أن تُصنّف كتصرّفات عقابيّة، وبالإمكان تلخيصها
كالآتي:
1) العقاب بالتّطبيق أو العقاب الإيجابي Punishment by application, or Positive punishment
وهو عمليّة تنطوي على فعل متبوع بعواقب أو محفّزات مكروهة.
يُسمّى
هذا النّوع بالعقاب الإيجابي للإشارة بأنّنا نقدّم أو نضيف شيئًا (العاقبة
السّيئة) في هذه الحالة.
كأمثلة
يوميّة على العقاب بالتّطبيق أو العقاب الإيجابي، بإمكاننا أن نذكر الحالات
التّالية:
1. عندما تذهب إلى العمل أو المدرسة
متأخّرًا، ويوبّخك المدير أو المسؤول على فعلك هذا.
2. عندما تتحدّث بشكل غير لائق في مجموعة
معيّنة، ويتمّ مقاطعتك أو ربّما طردك من المجموعة كردّة فعل.
في
كلّ من هذين المثالين، بإستطاعتنا أن نقول أنّ العقاب نجح أو حقّق أهدافه إذا نتج
عنه خفض إحتماليّة تكرار التصرّف مستقبلاً.
ليس
من الضّروريّ أن يكون “المعاقب” أشخاصًا آخرين، فالعواقب المكروهة قد تحدث كنتيجة
طبيعيّة لبعض التصرّفات، كما في حالة لمس الأسطح الحارّة جدًّا.
2) العقاب بالإزاحة أو الإبعاد أو العقاب السّلبي Punishment by removal, or Negative punishment
وهو
عمليّة تنطوي على فعل متبوع بسحب أو إزالة محفّزات إيجابيّة، كبعض الصّلاحيّات أو
الإمتيازات، الممتلكات، أو أيّ شيء مرغوب.
يُسمّى
هذا النّوع بالعقاب السّلبي للإشارة بأنّنا نحذف شيئًا (العاقبة الإيجابيّة) في
هذه الحالة.
كأمثلة
يوميّة على العقاب بالإزاحة أو العقاب السّلبي، بإمكاننا أن نذكر الحالات التّالية:
1. عندما تستثمر أموالك وجهودك في شركة
معيّنة، وتفشل هذه الشّركة وتخسر أموالك.
2. عندما تفشل في إمتحان معيّن، ولا تستطيع
دخول الكليّة التي تودّ ان تدرس فيها.
من
المهم أن ننبّه أنّ العقاب (بنوعيه) يُميَّز بالأثر الذي ينتجه.
في
الإستعمال اليومي للكلمة، عادة ما نشير إلى بعض التصرّفات على أنّها عقابيّة، مع
أنّها في الواقع ليست كذلك.
ليس
من الصّحيح تسمية هذه التصرّفات بالعقابيّة إذا لم تنجح في خفض إحتماليّة تكرار
التصرّف مستقبلاً.
الكثير
من السّياسات العامّة التي ننظر لها على أنّها عقوبات – كالسّجن، الغرامات،
السّخرية، أو الطّرد، للأسف تفشل في خفض إحتماليّة تكرار تصرّفات معيّنة.
هذه
المسألة بالذّات، أنّ الآثار أو التّوابع السّيئة أو السّلبيّة لا تخدم دائمًا
كعقوبة فعّالة، أثارت إهتمام سكينر وغيره من الباحثين، ممّا دفعهم لتمييز بعض
العوامل التي تؤثّر على فاعليّة العقوبة.
أهمّ
هذه العوامل هو الفارق الزّمني الذي يفصل بين الفعل ذاته والعقوبة التي تتبعه.
وقد
أظهرت الأبحاث أنّ العقوبة تكون فعّالة أكثر إذا تبعت الفعل مباشرة ممّا لو تمّ
تأخيرها.
العامل
الثّاني الذي ميّزه الباحثون هو الثّبوت أو الإنتظام في العقاب، أو بكلماتٍ أخرى
العقوبة تكون فعّالة أكثر إذا تبعت الفعل دائمًا وبشكلٍ منتظم، بدلاً من أن تتبع
الفعل في بعض الأحيان فقط.
ولكن،
مع كلّ ما ذكرنا، حتّى لو نجحت العقوبة في خفض إحتماليّة تكرار التصرّفات
مستقبلاً، إلاّ أنّ لهذا النّظام التّربوي عدّة سيّئات بالإمكان تلخيصها كالآتي:
1. العقوبة قد تنجح في خفض إحتماليّة تكرار
بعض الأفعال، ولكنّها لا تعلّم أو تنمّي عند الفرد أفعالاً أو عادات أفضل
لتستبدلها.
2. العقوبة، إذا كانت حادّة أو شديدة، من
الممكن أن تؤدّي إلى نتائج غير مرغوب بها، كالسّلبيّة الإجتماعيّة، الخوف، القلق،
والعدائيّة.
3. وأخيرًا اظهرت الأبحاث أنّ آثار العقوبة
غالبًا ما تكون مؤقّتة، ولا تدوم لفترات طويلة.
المصدر: Hockenbury, Don H., and Sandra E. Hockenbury. Psychology. New York: Worth, 2008
إقرأ أيضاً:
كيفية التواصل بفعالية مع طفلك الصغير
شخصية الثالوث المظلم: صفاتها والتعامل معها
كيف أُعلِّم ابني حفظ جدول الضرب
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق