قصة وعبرة

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

• قصص الأطفال: البحرُ غاضبٌ


     كان الجو الحار قد أصاب سارة وأخاها سامي بالزهق والملل، أحب الجد أن يلطف الأمر لهما فاقترح أن يسيروا إلى شاطئ البحر حيث يمكن لهم أن يستمتعوا باللعب على الشاطئ ويتغلبوا على حرارة الجو بالنسمات التي يرسلها البحر.

          أعدت الأم لهم بعض الشطائر، وجهزت سلة من زجاجات الماء والعصير والمرطبات، ولم تنس سارة أو سامي حمل أدوات اللعب، المجراف والدلو والقوالب البلاستيكية التي يملآنها بالرمال المنداة بالماء، ثم يقلبانه على الأرض الجافة فتعطيه أشكال الأسماك ونجم البحر والأصداف وغيرها من الأشكال.
          عندما وصلوا إلى شاطئ البحر فوجئوا بأن ماء البحر بعيد عن الشاطئ وبدت الصخور المدببةُ ومستنقعات الطين والوحل.
          سألت سارة: متى تعود مياه البحر إلى الشاطئ يا جدي ولماذا تبتعدُ كثيراً؟
          وأجاب الجد وهو يثبت المظلة على رمال الشاطئ : البحر في حالة جزر الآن ولن يمر وقتٌ طويلٌ حتى يصبح في حالة مدٍ ويعود الماء إلى الشاطئ.
          سألت سارة : ماذا يعني ذلك يا جدي؟
          أجاب الجد: سأحاول أن أبسط لك الأمرَ كي تفهمي يا سارة، لا تكون مياهُ البحر على مستوى واحد طوال النهار، بل إن لها حركة صعودٍ تسمى المد وحركة هبوط تسمى الجزر، تسيطر على حركتي المد والجزر جاذبية الشمس والقمر وخصوصًا القمر، ولأن القمرَ يدور حول الأرضِ والأرضَ تدور حول الشمس يحدث أحياناً أثناء هذه الجولات الطويلة من الدوران أن يلتقي القمرَُ والشمسُ على خط واحد مع الأرض، في هذه الأوقات يجذبان مياه البحر بقوة أكثر فيصعد عاليًا جدًا ثم ينسحب بعيدًا جدًا حين يهبط خصوصًا إذا كانت الشطآن كبيرة ومسطحة.
          استلقت سارة تحت المظلة وأغمضت عينيها وراحت تفكر ثم شعرت بالمياه تبلل قدميها فهمست بسعادة: ها قد عدت من جديد؟
          حمل النسيمُ وشوشةَ البحر إلى أذن سارة: أحببت أن أقول لك إنني البحر حزين وغاضب من الناس، لذا أفضل الابتعاد عنكم في بعض الأحيان لعلكم تفكرون بأسباب حزني وغضبي منكم. نهضت سارة عندما سمعت تلك الوشوشة وتساءلت: ولكن لماذا أنت غاضب أيها البحر من الناس؟ ألا ترى كم هم لطفاء ويحبونك، إنهم يملأون الشاطئ والأطفال يتصايحون ويقفزون ويلقون بأنفسهم إليك حتى تنعشهم.
          فوشوش البحر من جديد: وأنا أحبهم لذا أغمرهم بمياهي وأرطب الهواء لهم وأنعشهم وأحمل لهم خيراتي، أسماكي وأصدافي، تداعبهم أمواجي، أريح أبصارهم بزرقة مائي وأسمعهم هدير أمواجي حين ترتطم بالصخور، فبماذا يردون وأي محبة لي يوجهون؟! أنظري يا سارة حولك وخبريني ماذا ترين حين أبتعد عنكم؟!
          تأملت سارة الشاطئ الذي انسحب البحر عنه ورأت أكوامًا من العلب والنفايات والأحذية القديمة وقطع الملابس، أكياس البطاطا والطعام والحلويات، زجاجات العصير والمرطبات السليمة والمكسورة.
          وتابع البحر الوشوشة، هل رأيت ماذا أعطيهم وماذا يعطونني؟ وفي البعيد حيث لا يمكن أن تشاهدي تمخر عبابي سفنكم تحملها مياهي حتى تصل إلى مقاصدها لكنها تلقي بفضلاتها وزيوتها في القاع وتلوث مياهي وتقتل الكائنات التي تعيش في أحشائي.. فلا تبتسموا إذا ما ابتعدت عنكم.
          تحركت سارة من مكانها، حملت كيسَ ألعابِ البحر وفرغته من الألعاب ونادت أخاها سامي: هيا نريد أن نجعل البحر فرحان.. سنجمع المخلفات عن شاطئه وندعو الأطفال الآخرين لمساعدتنا.. سأخبركم بما همس لي البحر.


إقرأ أيضًا




هناك تعليق واحد: