فوبيا السن
يؤدي الخوف من معالجة الأسنان إلى حدوث تأثيرات سيئة على نوعية الحياة ورفاهية الإنسان. وتقع على عاتق طبيب الأسنان مسؤولية توفير رعاية متكاملة لصحة الفم لهذه الفئة من الناس التي تواجه مشكلات الخوف، وتشكّل نسبة مرتفعة في المجتمعات كافة.
إن الخوف بجميع أشكاله هو رد فعل تجاه تهديد أو خطر يعرفه المريض من تجارب سابقة، ويتطلب منه مقاومته أو الهروب منه.
يلعب الخوف من طبيب الأسنان ومعالجتها دورًا أساسيًّا في عدم تقبّل هذه الفئة من المرضى للرعاية الفموية اللازمة، حتى لو كانت تشمل فقط تطبيق إجراءات وقائية روتينية وغير مؤلمة.
ويزداد الخوف لدى النساء والمراهقين، وغالبًا ما يبدأ في مرحلة الطفولة، مما يوجب التركيز على هذه الفئة العمرية، ومحاولة فهم آلية حدوث الخوف لديهم، ومنع امتداده إلى مرحلة الشباب وما بعدها.
أشكال الخوف السِّني
· الخوف العادي: وهو الأكثر شيوعًا والأقل شدة، وينشأ عند المريض بسبب عدم توافر المعلومات لديه حول أهمية صحة الفم والأسنان وضرورة العناية بهما، وهو يعتمد على أحاديث وتجارب أشخاص آخرين مع أطباء الأسنان كانت غير مُريحة لهم وتدعو إلى الخوف والقلق.
· الهلع: وهو أكثر شدة، ويشعر به المريض كردة فعل منه لدى جلوسه على كرسي المعالجة وفمه مفتوحًا، وهو يتوقع حدوث آلام شديدة بسبب مروره بتجارب مؤلمة سابقة بقيت في ذاكرته، مثل إجراء معالجة سنيّة من دون تخدير أو قلع أحد أسنانه، وكان سببًا في حدوث ألم شديد أو نزف، مع صعوبة في تناول الطعام. وهذه التجارب السيئة تبقى في الذاكرة وتتحول إلى قلق دائم وهلع.
· الرُهاب السني (فوبيا): وهو أقل شيوعًا لكنّه أكثر شدة، وغالبًا ما ينشأ عن تجربة مؤلمة تعرّض لها المريض في وقت سابق مع طبيب الأسنان وتركت لديه آثارًا سيئة لا يمكن نسيانها. ويؤدي الرُّهاب في الحالات الشديدة إلى اضطراب في سلوك المريض يتظاهر بالتوتر والشدة النفسية لدى رؤيته أي شيء يتعلق بالفم والأسنان، مثل دعايات لمعاجين وفرشات الأسنان، أو رؤيته مريضًا يخضع لمعالجة سنيّة. ويحاول مريض الرُّهاب اختلاق الأسباب لعدم الذهاب إلى طبيب الأسنان إلا في حالات الآلام الشديدة، وكثيرًا ما يطلب تأجيل مواعيد زيارة الطبيب أو إلغاءها. وقد يتظاهر الرُهاب السنّي بشكل اضطراب في النوم خلال الليلة التي تسبق موعد المريض مع طبيب الأسنان. ويشعر بعصبية زائدة منذ دخوله غرفة الانتظار، وتزداد شدة الخوف والهلع عنده في غرفة العيادة لدى كل حركة يقوم بها الطبيب قبل الفحص وفي أثنائه، وكثيرًا ما يطلب من مرافقه الوقوف إلى جانبه وإمساك يده، مما يُعيق عمل الطبيب ومساعدته.
أعراض الخوف وعلاماته
· يمكن أن يواجه المريض واحدًا أو أكثر من الأعراض والعلامات التالية خلال زيارته إلى عيادة طبيب الأسنان:
ü التعرق.
ü تسارع ضربات القلب أو الخفقان.
ü انخفاض ضغط الدم، ويمكن حدوث الإغماء.
ü الشعور بالضيق والذعر، وقد يترافق ذلك مع البكاء.
ü رفض إجراء المعالجة السنية أحيانًا، بغضّ النظر عما إن كانت بسيطة أو معقدة.
التأثيرات السلبية للخوف والقلق على صحة الفم
تُعتبر صحة الفم مرآة لصحة الجسم، وبالتالي يجب عدم الفصل بينهما، وتنعكس العناية بصحة الفم والأسنان على أعضاء الجسم الأخرى وتحميها من الأمراض.
إن الفحص الدوري للفم والأسنان، الذي يتضمن الفحص الشعاعي وتنظيف الأسنان، يؤمّن صحة فموية أفضل، ويسمح بإجراء المعالجات المُبكرة اللازمة للأسنان واللثة بطريقة غير مؤلمة وبتكاليف مُحتملة، إضافة إلى الإقلال من الشعور بالخوف.
إن إهمال العناية بصحة الفم والأسنان وإهمال إجراء المعالجات الفموية اللازمة، بسبب الخوف، يؤديان إلى تفاقم الحالة. وقد يضطر المريض إلى طلب المعالجة الإسعافية التي غالبًا ما تكون مُعقّدة ومُكلفة وتَزيد من درجة الخوف والهلع عنده.
أسباب الخوف من معالجة الأسنان:
يمكن أن يحدث الخوف من معالجة الأسنان لسبب أو أكثر مما يلي:
· إجراء معالجة فموية سابقة كانت مؤلمة وتركت آثارًا سيئة عند المريض.
· إجراء معالجات مُعقدة سابقًا في الرأس والعنق كانت مؤلمة، ولا يمكن نسيانها.
· إجراء معالجات صحية سابقة غير ناجحة ومترافقة بسلوك سيئ من العاملين في التواصل مع المريض.
· شعور المريض بقلق عام وتوتّر عصبي لدى دخوله العيادة.
· قلق المريض وخوفه من انتقال بعض الأمراض إليه( التهاب الكبد الخمجي والإيدز)، بسبب الشك في عدم نظافة العيادة وتعقيم الأدوات.
اختيار بيئة العيادة
يُفضل أن يختار المريض والأهل العيادة الملائمة من حيث سلوك العاملين فيها والمهارة والنظافة والتجهيزات وجودة الممارسة. ويمكن سؤال كل من طبيب العائلة والأصدقاء والجوار عن ذلك. وتلعب أجواء العيادة دورًا مهمًّا في بدء الشعور بالخوف والقلق لدى المريض أو عدمه.
ويُعتبر التواصل الجيد بين مُوظفي الاستقبال والمريض الخطوة الأولى والأساسية في تقبّله لمعالجة أسنانه والتعاون مع طبيب الأسنان والمساعدين من دون خوف.
إضافة إلى ذلك، يساعد جو غرفة الانتظار في الإقلال من توتر المريض إذا توفر فيها بعض الشروط، مثل الهدوء وسماع الموسيقى الناعمة وتجنّب الإضاءة الساطعة، وأن تكون الجدران مُزيّنة باللوحات والصور غير المثيرة وذات العلاقة بالطبيعة. ويلعب وجود المجلات والكتب المُنوَّعة دورًا في تسلية المريض وعدم تفكيره في معالجة أسنانه. وكذلك ينبغي تجنّب سماع المريض أصوات جهار حفر الأسنان والتجهيزات الأخرى من غرفة العيادة المجاورة، لأن ذلك يزيد من شدة الخوف عنده. ويُفضل عدم انتظار المرضى المُصابين بالهلع والرُهاب لفترة طويلة قبل دخولهم غرفة المعالجة.
وتبين أن إطلاق روائح مُبهجة في جو العيادة يُقلل من الخوف والقلق لدى المرضى، لأنها تُخفي رائحة الأوجينول والأدوية الأخرى التي ترتبط بمشاعر عاطفية مؤلمة خلال مُعالجات سابقة، وتُهيئهم بشكل سلبي تجاه معالجة أسنانهم.
وفي السنوات الأخيرة ازداد في العديد من البلدان عدد العيادات التي تُدعى «طب الأسنان الأخضر» أو «صديقة البيئة» التي توفر جميع الشروط المطلوبة للإقلال من خوف المريض.
وفي العقود الأخيرة ظهر أسلوب جديد في المعالجة يُدعى «المعالجة اللارضية لتسوس الأسنان» لا يحتاج إلى استخدام جهاز حفر الأسنان والتخدير، بل يعتمد على استعمال الأدوات اليدوية في إزالة النسج السنية اللينة المصابة بالتسوس، وحشو السن بمادة لاصقة لدنة بلون السن وتطلق الفلوريد لوقاية النسج السنية المجاورة من التسوس.
بناء الثقة
يُفضل أن يبدأ طبيب الأسنان اللقاء الأول مع هذه الفئة من المرضى في مكتبه بعيدًا عن كرسي المعالجة الذي يرتبط لديهم عادة بالخوف والهلع، ويأخذ بالتحدث معهم بألفة واحترام وصدق، ومناقشتهم.
· التنفس العميق والاسترخاء.
· التهدئة بالكلام.
· الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، أو مشاهدة أفلام فيديو مُسليّة.
· شرح خطوات المعالجة للمريض باستخدام دليل توضيحي مُصور.
· شرح الأدوات والتجهيزات التي سيستعملها الطبيب وتجريبها.
· تخدير المريض موضعيًّا بأسلوب لطيف وغير مؤلم.
· يمكن في حالات الرُهاب الشديدة عند الأطفال اللجوء إلى التخدير العام.
ويمكن الاستعانة بطبيب أخصائي بالأمراض النفسية عند الحاجة إلى المساعدة في السيطرة على خوف المريض.
إن الخوف من معالجة الأسنان هو من الأمراض الشائعة لدى جميع الأعمار، وخاصة الأطفال والمراهقين والنساء. ويمكن السيطرة على خوف الأطفال قبل المعالجة وفي أثنائها عن طريق تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم. أما البالغون فسوف يستمر وجود الخوف لديهم طوال حياتهم، مما يوجب عليهم البحث عن طبيب أسنان صبور ولديه الوقت الكافي للتعاون معهم لتدبير هذه المشكلة.
وقد أظهرت الدراسات التي جرت حول دور العاملين بالعيادة في تدبير الخوف والهلع لدى الأطفال، أن أسلوب التواصل العاطفي مع الأطفال، مترافقًا بالتهدئة اللفظية والجسدية، كان ناجحًا في الإقلال من خوف الأطفال من معالجة أسنانهم .
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
الخطاب في الرسوم
المتحركة الموجهة للأطفال
في استرجاع عادة
الاستعارة من الجيران
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق