أنا هيفاء شعرت بتعب بعد
تنظيف عدد من غرف المنزل، فذهبت لآخذ وقتاً قصيراً للراحة، وشاهدت أمي تقف وهي تنظر
ملياً إلى وعاء الأسماك الزجاجي، لأنها كانت معتادة على تنظيف الوعاء يومياً دون
ملل أو كلل يتسرب إلى قلبها...
بصراحة كانت تأخذني السعادة
كلما شاهدتها وهي تقف أمام الوعاء لتضع الطعام لأسماك الزينة مختلفة الألوان
والأحجام. وأبي هو الآخر مولع بتربية النباتات في فناء البيت وشرفاته وكانت تزين
بها مداخل الغرف، حتى أصبح بيتنا جنة فيحاء لما يحتويه من أنواع النباتات والزهور
الدائمية أو الفصلية.
لم يكن الأمر مجرد هواية
لهما يملآن بها الفراغ، ولكنه عشقاً من نوع خاص لأنهما يجدان السعادة في هذه
الأعمال ولأن الخير الصادر عن مثل هذه القلوب لا ينقطع أبداً. إذ كان الأمر بحاجة
إلى تقديم مساعدة الآخرين حتى ولو كانت لحيوان أو نبات.
لامست يداي وعاء السمك
الزجاجي وأنا أنظر إلى أسماك الزينة مختلفة الألوان وهي تسبح وتتحرك في الوعاء في
اتجاهات مختلفة ما بين نباتات زينة بلاستيكية وقطع من صخور وأحجار ملونة
وإكسسوارات تتحرك وتدور دواليبها بواسطة التيار الكهربائي، وفي تلك الأثناء انقطع
التيار الكهربائي الوطني ليحيل الوعاء الجميل الذي كانت تتقافز منه فقاعات
الدواليب إلى سكون وصندوق مظلم.
التفتت إلىّ أمي قائلة: آه
يا هيفاء.. لو كانت هذه أسماك المصابيح المتوهجة لحوّلت هذا الظلام في الوعاء إلى
ألوان مختلفة ووهاجة، بصراحة كلامها دفعني كي أسألها باستغراب: حقاً ما تقولينه يا
أمي عن هذه الأسماك؟ أمي شاهدت ملامح الحيرة والاستغراب الظاهرة بوضوح على وجهي
وأجابتني: نعم تبدو كأنها بطاريات مضيئة تصدر أضواء مستمرة أو متقطعة بألوان
مختلفة منها الأزرق أو الأخضر أو الأحمر.
وسألتها ثانية والدهشة تعقد
لساني: وما الذي يجعل هذه الكائنات تصدر ذلك الضوء الحيوي؟ أجابتني ووجهها يشع
بابتسامة كبيرة لكنني كنت متلهفة لإجابتها: يمثل وسيلة للتعرف على بني جنسها
بالإضافة إلى اختيار شريك حياتها، وكذلك إبعاد الحيوانات المفترسة عنها، كما أن
إصدار الضوء يساعد هذه الكائنات على جذب الفرائس التي تعتقد أن الضوء شيء يؤكل
وهكذا تدخل (المصيدة) ويتم التهامها وأن معظم أسماك المصابيح المتوهجة صغيرة الحجم
لا يتجاوز طولها 15 سم وهناك ما يزيد على 250 نوعاً ولكلٍ نظام مختلف من الإضاءة
الحيوية. هل هناك من أسئلة أخرى يا صغيرتي هيفاء؟. لأن عليّ أن أدخل المطبخ لإعداد
طعام الغداء.
تهلل وجهي بالفرح وأنا أصغي
لكلامها فقلت لها برجاء، نعم سؤال أخير يا أمي: لماذا لا تصطدم الأسماك بالوعاء
الزجاجي؟
أجابتني: لأن الأسماك من
الحيوانات السريعة الحركة واليقظة، لكي تتقي أي خطر يدهمها، وذلك لوجود جهاز عصبي
حساس تتفرغ فيه الأعصاب من الحبل العصبي الرئيسي الذي يمر عبر سلسلة الظهر الفقرية
وتنتهي إلى نقاط على سطح الجسم تؤلف صفوفاً على جانبي السمكة تسمى الخط الجانبي،
وبواسطته تستطيع سماع والتقاط الذبذبات من الماء، فعندما تتحرك السمكة تحدث موجات
صغيرة من الضغط ترتد عند أقرب جسم لها فيكون هذا الارتداد إنذاراً لها، فتغير
اتجاهها.
ابتسمت وقلت لها: شكراً لك
يا أمي والآن عليّ أن أغيّر اتجاهي لكي أنظف غرفة الضيوف. تركتني أمي وهي تخفي
ابتسامة بداخلها هازَّة رأسها بالإيجاب.
تابعونا على الفيس بوك وتويتر
مواضيع
تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات
معبرة وقصص للأطفال
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق