تشكو بعض الأمهات من السلوك العدواني لطفلهن،
فهو يضرب، ويركل، وينتقد الأطفال الآخرين، فهل يدعو هذا للقلق؟
معظم الأطفال يتخلصون من هذا النوع من السلوك
عند دخولهم المدرسة، لأنهم يطورون مهاراتهم اللغوية للتعبير عن أنفسهم باستخدام
الكلمات، ويتطور حسّهم الاجتماعي ليدركوا بأن عدوانيتهم الجسدية أسلوب خاطئ وغير مُجدٍ.
فإذا فشل الطفل في استيعاب هذه الدروس، فانه من الواجب معرفة الأسباب الحقيقية
لذلك.
فقد يكون الطفل قد اكتسب اضطراباً سلوكيًا
عاطفيًا يجعل من الصعب عليه أن يستمع، أو يركز، او يقرأ، ممّا يُعيق أداءه في
المدرسة. أو قد يعاني من صدمة نفسية مثل انفصال والديه، مما يثير لديه المزيد من
الغضب، ومع أن بعض الأطفال يصبحون عدوانيين لرؤية أطفال عدوانيين آخرين، فإن
مساعدة الطفل في مرحلة مبكرة يمنع حدوث مشاكل أكثر خطورة في المستقبل، حيث يمكن أن
تتحول عدوانية الطفل إلى حالة دائمة ومستفحلة، فلا تجدي أي محاولات لتعديل سلوكه،
عندها لا بد من استشارة أخصائي نفسي لعلاج الطفل.
ما هي خصائص الطفل العدواني؟
معظم الأطفال يتعاركون مع
أشقائهم إذا سخروا منهم، أو يركلون الأريكة إذا مُنعوا من القيام بعمل يرغبون به،
وهذا يعتبر طبيعيّاً، أما الطفل العدواني فيتصرف بالطرق التالية:
·
يفقد
أعصابه معظم الأحيان، ويغضب بشدّة.
·
يتعكر
مِزاجه بسهولة، ويتصرف بتهوّر، ويَجِدُ صعوبة في التركيز.
·
يُحبَطُ
بسهولة.
·
يُهاجِم
ويُقاتِل الأطفال الآخرين والكبار بلا سبب.
·
يُعطِّل
سير العمل، عمليًا ولفظيًا بالجدل العقيم.
·
تحصيله
الأكاديمي سيء في معظم الأحيان، ولا يستطيع المشاركة في الصف أو النشاطات المدرسية.
·
يجد
صعوبة في المشاركة بالنشاطات الاجتماعية، وبناء صداقات دائمة.
·
يُجادل
ويُقاتل أفراد أسرته باستمرار، ولا يتقبل سلطة الوالدين.
·
يتحدى
السلطات ويرفض احترام القوانين.
·
يرفض
تحمل نتائج سوء تصرفاته، ويلوم الآخرين.
هذا هو نمط سلوك الطفل العدواني في: البيت،
والمدرسة والمناسبات الاجتماعية، والنشاطات الرياضية.
ما الذي يجعل الطفل عدوانيًا؟
أكثر ما يجعل الطفل عدوانيًا هو الخوف من
الاعتداء الجسدي ضده أو عليه، فإذا حوصر الطفل من قبل طفل آخر، فانه يهاجمه، إلا
أن هناك أسبابًا أخرى أكثر تعقيدا للسلوك العدواني مثل:
ü المشاكل والنزاعات العائلية:
يتصرف الطفل في كثير من الأحيان كرد فعل للصراع العائلي، سواء شجار الوالدين، أو
إغاظة الأخوة الدائمة له، أو الانتقال إلى منطقة جديدة، أو مرض أحد أفراد العائلة
الشديد، أو فقدان المعيل لعمله. فالطفل قد يتوتر ويتغير ويبدأ بالتصرف بشكل عنيف أو
تدميري، خاصة إذا كان باقي أفراد الأسرة يعبرون عن مشاعرهم بهذه الطريقة.
ü اضطرابات التعليم: فحوالي ربع الأطفال
العدوانيين الجانحين لديهم اضطراب تعليمي مُعَيَّن مثل: صعوبة القراءة (المعادلة
ليست باتجاهين، فمعظم الأطفال الذين يعانون من صعوبة القراءة ليسوا عدوانيين) فإذا
كان الطفل يعاني من مشكلة تجعله يستصعب القراءة أو الكتابة، أو فهم اللغة المحكية،
فإن هذا يجعله محبطاً ويُعَبِّر عن ذلك تعبيرًا جسدياً عنيفاً.
ü مشاكل عصبية: يمكن أن يتسبب تلف أو
اختلالات كيماوية في الدماغ إلى السلوك العدواني، لذلك يجب مراجعة الطبيب في حالة
وجود شكوك بوجود مثل هذه المشاكل.
ü اضطرابات سلوكية: يتم تشخيص نصف الأطفال
المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه باضطراب التحدي الاعتراضي، وهو حالة
تتصف بالسلوك العدواني، ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى علاج خاص حتى يتمكنوا من تحسين
الأداء الدراسي، والقدرة على بناء صداقات، وتقبل سلطة الوالدين.
ü الصدمات العاطفية: يخلق العنف المنزلي، أو
الاعتداء الجنسي لدى الطفل مشاعر مثل: القلق، والخوف، والغضب، والاكتئاب. فإذا لم
يمتلك الطفل وسيلة أخرى للتنفيس عن هذه المشاعر سيلجأ إلى العنف، وعلاوة على ذلك،
فإن الطفل الذي يتعرض للعنف أو إساءة المعاملة في المنزل أو في الجوار من الأرجح
أن يتصرف بعدوانية أكثر من غيره من الأطفال.
ü مشاهدة أفلام وبرامج العنف على التلفزيون: يعتقد
معظم الخبراء أن الطفل الذي يشاهد برامج العنف على التلفزيون يمكن أن يسلك سلوكاً
عدوانيًا مؤقتاً، لذلك ينصح الأهل بمشاهدة ومراقبة البرامج التي يشاهدها أطفالهم،
خاصة إذا اظهر هؤلاء الأطفال ميولاً عدوانية.
كيفية التصرف عند مواجهة
السلوك العدواني للطفل
أولا وقبل كل شيء، يجب أن لا يلجأ الأهل للسلوك
العنيف مثل: الضرب،
والصراخ، وقذف الأشياء، ووصف الطفل بأشياء لن تحد من سلوكه السيئ بأي حال من
الأحوال، لأن ذلك يعطيه أمثلة على سلوكيات جديدة لتجربتها، ويصبح أكثر غضبًا، بل
يجب إعطاء المثال الحسن، في ضبط النفس، فهذا ما سيجعله أكثر قناعة بقدرته على ضبط
نفسه.
أما إذا وجد الأهل مشكلة في ذلك، فيجب أن
يحددوا الأفكار التي تغضبهم، فربما يعتقدون بأن الطفل في كل مرة يتجاهل ما
يقولونه، ويشن حربًا ضدهم، وهذه الفكرة تثير غضبهم، لذلك وجب أن يَذَكِّرَ الأهل
أنفسهم بأن معظم الأطفال لا يتقيدون بالتعليمات من وقت لآخر، فهم يؤكدون استقلالهم
(وهذا جزء من عملية النضج)، أو ربما يكونون مشتتين بسبب وجود ما يلفت نظرهم.
يجب أن تأخذ الأم (أو الأب) نفسًا عميقاً، وتعد إلى العشرة، وتقنع نفسها بأن الأمر ليس معركة مع الطفل، وبأنها يجب أن لا تغضب، وإذا استدعى الأمر، فلتذهب إلى مكان آخر حتى يهدأ غضبها.
يجب أن تأخذ الأم (أو الأب) نفسًا عميقاً، وتعد إلى العشرة، وتقنع نفسها بأن الأمر ليس معركة مع الطفل، وبأنها يجب أن لا تغضب، وإذا استدعى الأمر، فلتذهب إلى مكان آخر حتى يهدأ غضبها.
المطلوب تعليم الطفل التمييز وفهم مشاعره،
وقيادته نحو سبل مقبولة للتعبير عن الغضب، والخوف، وخيبة الأمل، ويمكن للنصائح
التالية أن تقدم العون والفائدة للوالدين:
ü الاستجابة السريعة: فلا يجب أن تنتظر الأم حتى
يعاقب طفلها أخاه للمرة الثالثة قبل أن تقول له كفى، فيجب أن يعرف الطفل مباشرة أنه
ارتكب خطأ، عندما يرتكب الطفل عملاً عدوانيًذا، يجب أن تترك الأم ما تفعله مباشرة،
وتطلب من الطفل الجلوس معها وتبقى صامتة. ثم تقوم باحتضانه أو لمسه بطريقة ودية،
وبعد دقائق من الهدوء تناقش الطفل باختصار حول ما فعله، ثم تعاود ما كانت تقوم به
سابقا.
ü الهدوء: مناقشة السلوك الخاطئ يجب
أن تتم فورًا بمجرد أن يجلس الطفل وقبل أن ينسى ما حدث، بعد ساعتين يمكن استعراض
الظروف التي أدت إلى ما حصل، ويطلب من الطفل أن يفسر ما الذي أثاره، ويجب أن يفهم
الطفل أن الغضب شيء طبيعي، لكن التعبير عنه بشكل عدواني هو غير الطبيعي. ويتم
اقتراح طرق أفضل للاستجابة، فمثلاً يمكن أن يخاطب أخاه قائلاً: أنا فعلاً غاضب
لأنك أخذت طابتي، أو بأن يبتعد عن الشخص أو المكان ويأخذ وقتاً ليهدأ ويفكر بما
يمكن عمله.
ü التأديب والمحاسبة بشكل دائم:
فلا يجب أن تخضع المتابعة لمزاج الأهل، فحيناً يحاسب الطفل عندما يخطأ، ولا يسأل
في مرة ثانية، وبمرور الوقت يتعلم الطفل كيف يُميِّز الفعل الخاطئ من الصحيح، وأن
يتوقع العقاب إذا اقترف سلوكًا خاطئاً، وهذا ما سوف ينظم ويضبط سلوكه.
ü تعزيز ضبط النفس: فبدلاً من لفت نظر الطفل
عندما يسلك سلوكًا سيئًا، فيجب أن يمتدح عند قيامه بسلوك حسن، أي بتعزيز السلوك الإيجابي
لديه، والتأكيد على أن ضبط النفس، وحلّ الصراعات مهارات يحتاج لإتقانها وممارستها،
وإذا واجه صعوبة في تقبل هذا الأمر واستيعابه، مكافأته في كل مرة يتمكن فيها من ضبط نفسه.
ويمكن لهذه المكافأة أن تكون بسيطة كمنحه وقتاً إضافيًا للعب، أو الذهاب في نزهة.
ü تحميل الطفل مسؤولية أفعاله:
فإذا حطم نافذة الجيران مثلاً، فيجب أن يدفع جزءًا من مصروفه لإصلاحها، أو القيام
بعمل لمصلحة الشخص المتضرر مقابل ما أفسده. ولا يجب أن توضع على صورة عقاب من قبل
الأم، بل يجب أن يدرك أن هذا نتيجة طبيعية للتصرف العدواني، وان أي شخص سواء كان
طفلاً او كبيراً يجب أن يفعل ذلك لأنه سبّب الأذى للآخرين.
ü تعليمه الأسباب الأخلاقية لعدم التصرف بعدوانية:
فيجب أن يتعلم أن التصرف بعدوانية يسبب الأذى للآخرين، وذلك بهدف تنمية الحس
الأخلاقي لديه، والتعاطف مع الآخرين، فهو حتمًا بحاجة إلى اكتساب بعض المبادئ
المتعلقة بسلوكه وتأثيره على الآخرين.
أما إذا لم تفلح كل هذه التقنيات في ضبط سلوك
الطفل العدواني، وأصبح من الصعب عليه المشاركة في المدرسة والعائلة والنشاطات
الاجتماعية والرياضية الأخرى، فيجب الاستعانة بأخصائي أطفال نفسي، والذي يمكنه أن
يُقيِّم سلوك الطفل، من حيث وجود صعوبات التعلم لديه، أو وجود مشاكل عاطفية أو
سلوكية، والتي تسبب سلوكه العدواني.
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق