قصة وعبرة

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

• قصص الأطفال: مرآة الملك



راح الثعلب يركض داخل الغابة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وهو يحدث نفسه باستغراب ويقول: هذا شيء غريب ... لم يحدث ذلك من قبل... لابد أن أخبر سيدي الأسد بسرعة.
جرى الثعلب بأقصى سرعته حتى وصل إلى عرين الأسد وقال له وهو يلهث: الحيوانات جميعها هجرت الغابة يا سيدي، فضحك الأسد وقال وهو مازال متكئًا: هل أصابك الجنون أيها الثعلب؟!

فقال الثعلب وهو يرتجف: لقد هجرت الحيوانات الغابة فعلاً ياسيدي ولا يوجد أي حيوان داخل الغابة...
فهبّ الأسد من جلسته وأمسك برقبة الثعلب وقال بلهجة غاضبة: أحقًا ما تقول أيها الثعلب؟!
فقال الثعلب والكلمات تخرج من فمه بصعوبة: ما أقوله لك صحيحًا ياسيدي لقد تأكدت من ذلك بنفسي وبحثت في الغابة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ولم أجد أي حيوان بالغابة.
فقال الأسد والغضب يقفز من عينيه: ربما هجمت أسود غريبة على غابتي وأكلت الحيوانات!
فقال الثعلب: لو حدث ذلك يا سيدي لكانت هناك آثار جثث للحيوانات.
فقال الأسد: معك حق أيها الثعلب فلو هجمت أسود على غابتي لاستنجدت بي الحيوانات ولسمعنا صراخ الكثير منها .. إذن لابد أن أتفقد الأمر بنفسي.. هيا أيها الثعلب لنرى ما الأمر.
سار الأسد والثعلب حتى منتصف الغابة فقال الأسد: يبدو أن الأمر صحيح أيها الثعلب حتى أن الطيور ليست موجودة فوق الأشجار، ثم نظر الأسد فوجد طريقًا فقال: إلى أين يؤدي هذا الطريق أيها الثعلب؟
فقال الثعلب: أنسيت ياسيدي إنه الطريق المؤدي إلى الساحة الكبيرة التي كنت تعقد بها اجتماعاتك مع الحيوانات، فقال الأسد: معك حق أيها الثعلب فلم آتِ إليها منذ زمن بعيد.. هيا أيها الثعلب كي أرى الساحة ربما أجد الحيوانات بها.
سار الأسد والثعلب ناحية الساحة وقبل أن يصلا إليها هتف الثعلب قائلاً: سيدي الأسد هناك عشرات اللوحات تملأ أرض الساحة فقال الأسد: هيا بسرعة نقرأ ما عليها.
وصل الأسد والثعلب إلى اللوحات  فطالعتهما اللوحة الأولى فكان مكتوبًا عليها "نعرف ياغابتنا الحبيبة أن خيراتك كثيرة ولو وزعت علينا بالتساوي لكفتنا جميعًا ولكن بعض أعوان الأسد أخذوا خيراتها فصرنا ننام الليالي جوعًا وهم ممتلئو البطون لذلك هجرناك يا غابتنا والدموع تملأ عيوننا".
          ثم سلمته اللوحة الأولى إلى اللوحة الثانية التي كان مكتوبًا عليها "ستقولين ياغابتنا لماذا لم تخبروا الأسد فقد أقسم بالله أن يحافظ عليكم ويرعى مصالحكم؟ سنقول لكِ ولماذا لم ينزل الأسد ليتفقد أحوالنا؟ فقد منعنا أعوانه من الوصول إليه وسجنوا الكلمات بداخلنا... لذلك هجرناك ياغابتنا الحبيبة".
          راح الأسد يتطلع إلى اللوحات ويقرأ ماعليها وهو في قمة الأسى والحزن ثم لفتت انتباهه اللوحة قبل الأخيرة التي رسم عليها شمسٌ مشرقة وعليها علامة ( × ) باللون الأحمر وكتب تحتها "غابت عنك شمس العدل ياغابتنا وعندما تعود فسنعود معها.. وإلى لقاء".
قال الأسد وهو يبكي: لم أعمل بنصيحتك يا أبي فضاع ملكي فقد قلت لي "اجعل مرآتك البسطاء لا الوزراء".
ثم نظر الأسد فوجد اللوحة الأخيرة بيضاء ولم يكتب عليها أي شيء وبجوارها قلم من الخشب مغموس في دواة حبر كبيرة.
فقال الأسد: أتعرف أيها الثعلب لماذا تركت هذه اللوحة بيضاء؟!
فقال الثعلب: لا أدري يا ملك الغابة.
فقال الأسد وهو يضحك بسخرية: ملك الغابة! أيوجد ملك بلا محكومين؟! أعطني هذا القلم كي أكون ملك الغابة من جديد.
أمسك الأسد بالقلم وكتب على اللوحة البيضاء "لقد تعلم الملك الدرس فلا ملك بلا محكومين ومن اليوم وصاعدًا ستكون مرآة الملك البسطاء لا الوزراء" ثم وضع القلم وقال: هيا أيها الثعلب كي أرتب أوراقي من جديد.
          وفي الصباح وجد الأسد الحيوانات أمام عرينه  تتقدمهم الزرافة وهي تمسك بفمها مرآة صغيرة وقالت: هذه هديتنا لك يا ملك الغابة  كي لا تنسى ما كتبته على اللوحة البيضاء فأخذ الأسد المرآة وقبّلها بينما عادت الحيوانات إلى أماكنها كي تبدأ عهدًا جديدًا سعيدًا.


إقرأ أيضًا



هناك تعليق واحد:

  1. ما اشبه القصة بواقع العالم العربي. ذكرتني بقصص ابن المقفع....

    ردحذف