لا تتشاجر أو تختلف مع أم ابنك
أمامه، إذا رأيتما اختلافاً في وجهات النظر، أو مؤشراً لمشكلة تتكون فأجلا الحديث
إلى أن تذهبا إلى غرفتكما وتغلقا عليكما الباب، فليس بالشيء الهين أبداً أن يرى
الابن أباه يتشاجر مع أمه، أو ينشأ في بيئة تحيطها المشكلات من كل جانب.
فالشجار بين الأبوين يزرع في نفسه اعتقاداً
بهشاشة أسرته وأنها عرضة للضياع، كما أن ولاءه يتشتت بين الأب والأم، ودائماً يتجه
إلى صف الطرف الذي يراه الأضعف والذي - عادة - ما يكون الأم، وقد يدفعه هذا
لكراهية الأب وتمني اختفائه، بالإضافة إلى الاضطراب النفسي الذي يتملكه
وانطوائيته، ويكون عبئاً عليه ممارسة نشاط مع أقرانه أو الاندماج في المناسبات
الأسرية، أضف إلى ذلك القلق والخوف والتوتر الدائم، كذلك محاولته البحث عن الحب
خارج المنزل، وهذا قد يعرضه لخطر أن يحتويه صديق سوء.
وهناك آثار فسيولوجية مترتبة
على الأسباب السابقة، مثل: التبول اللاإرادي، وقضم الأظافر، والتأتأة.
أيضاً، فإن كبت المشاعر
السلبية بين الزوجين لحظة وجود الطفل ظناً منهما أن الطفل لا يلمح تلك المشاعر درب
من الخيال، فالطفل ذكي ويفهم النظرات والكلمات المخفية المتبادلة بين الزوجين أو
(الحرب الباردة) إن صح التعبير.
والأخطر من ذلك أن يحيا الولد
مرحلة الشقاق والجفاء بين أبويه، فهذا يعد تمزيقاً قاسياً لنفسيته، وصدمة تهز
كيانه يوماً بعد يوم خلال تلك الفترة وبعدها.
وأفضل شيء يمكن أن تفعله -
عزيزي الأب - لكي تجنب ولدك هذا التمزيق النفسي أن تحاور أمه أمامه، وتصارحها
مصارحة هادئة، وكلما علت نسبة الاحترام المتبادل خلال هذا الحوار كان أثره
الإيجابي على نفسية الطفل عظيم الأثر.
أقسى الحقائق التي نوردها في
هذا الباب أن الطفل الذي ينشأ في بيئة ممزقة، يتولد لديه قناعة أن هذا الشكل الذي
يراه في بيته هو الشكل الطبيعي للبيت، وأن الشقاق والتنافر والتلاطم بين الزوجين
هو الشائع في البيوت، ويظل هذا الاعتقاد ملازماً له إما إلى أن يتزوج ويحاول تطبيق
هذا النموذج في بيته، أو إلى أن يرى صورة مثالية لبيت سليم تربوياً، تنتشر بين
أرجائه المودة والرحمة فيتولد لديه حزن وأسف، وقد يكون حنقاً ورفضاً لأبويه اللذين
رأى منهما العذاب النفسي ألواناً.
مشكلة أخرى يولدها الشقاق
الأسري، ولا يريد أن ينتبه إليها الأبوان، وهي مشكلة التحصيل الدراسي المتدني الذي
يلازم الطفل.
"فالطفل هنا يشعر بقلق
داخلي، ويجد صعوبة بالغة في تمييز هذا القلق الداخلي، وإدراك كنهه؛ وهو ما يضعف
قدرته على الحديث عما بنفسه، ولذلك قد تقوم معلمته بوصفه بأنه مشاغب وعدواني أو
كسول مهمل، فإذا به ليس أمام مشكلة واحدة في المنزل وإنما أمام مشكلات ومخاوف في
المدرسة. ويشعر الوالدان بأن مشكلاتهما قد ازدادت بسبب صعوبات الولد المدرسية،
وتدخل الأمور في بعضها في دائرة معيبة وحلقة مفرغة، ويتضعضع حال الأسرة ككل،
وينعزل أفرادها عن بعضهم، ويفقد كل منهم الدعم والتأييد والعطف في ساعات العسرة؛
حيث هو في أمسّ الحاجة لرعاية من يعز عليه في حياته".
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق