عادَ أبي إلى البيتِ، ومعه
طائرتان ورقيتان.
أخذتُ واحدةً، وأخذتْ مريمُ
الأخرى، وهرعنا معًا إلى الشرفةِ لنطيرَّهما في السماءِ.
طائرتي حلَّقتْ عاليًا،
وعادَتْ إليَّ مِن جديدٍ.
بينما طارت طائرةُ مريم
وضاعَتْ بين السحاباتِ والظلامِ بعد أنْ أَفْلتَ خيطُها مِن بين يديها.
مريمُ بكَتْ وصَرخَتْ
وصَاَحَتْ: أريدُ طائرتي!
لَكِنَّ طائرتَها لم
تسمعْهَا، وسمعَهَا أبي.
احتَضَنَ أبي مريمَ.
ونَظَرَ إلى السماءِ
ونجومِها وقَمَرها البَعِيدِ، وقَاَلَ: لا بُدَّ أنَّها سافَرَتْ بَعِيدًا،
وستعودُ غدًا من رِحْلَتِها
ثم حَمَلَ مريمُ معه، وقال:
هيا لننامَ الآن، ونَنْتَظِرَها حِينَ تعودُ في الغدِ.
احتضنتُ طَائرتي الملونةَ..
ضَحِكتُ في نفسي وقلتُ:
إنَّ أبي يَضْحَكُ على مريم لتَكُفَ عن البكاءِ.
في اليومِ التالي وقفَتْ
مريمُ في الشرفةِ، تََنْتَظِرُ طائرتَها أن تعودَ.
وذَهَبَ أبي إلى عملِه،
وعادَ في المساءِ يحملُ معَه الحلوى وطائرةَ مريمِ وكيسًا منتفخًا، قَاَلَ إنَّه
اِصْطادَ فيه القَمرَ الذي أَسِرَ طائرةَ مريم.
فرحَتْ مريمُ و احْتَضَنَتْ
طائرتَها الورقيةَ، وفتحَ أبي الكيسَ وأَخْرَّجَ قمرًا أبيض صغيرًا .
أمسكتُ القمرَ الصغيرَ بين
يدي، وقلتُ: إنه لعبةٌ!
ضَحَكَ أبي وقَالَ: هكذا
تتحولُ الأقمارُ بعدَ اصْطيادِها.
ضحكنا ولعبنا.. وخرجنا إلى
الشرفةِ نبحثُ عن القَمرِ الغائبِ في السماءِ ولم نَجِدْهُ.
تخيَّلتُ أصحابي يبحثون عن
القمرِ مثلي.
يظنون أنَّه اختبأَ هناك
خلفَ السحاباتِ، ولن يخطرَ في بالِهم أبدًا أنَّه هنا.. يلعبُ معَنا في بيتِنا
الصغير.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق