انتبه
علماء النفس والتربية إلى ظاهرة نفسية سلوكية لدى الأطفال منذ أمد طويل، أطلقوا
عليها ظاهرة «السلوك التخريبي». وما يلفت الانتباه هو الازدياد الواضح في ميول
الأطفال في المنزل والمدرسة والأماكن العامة لممارسة ما يزعج آباءهم
والمحيطين بهم. فلماذا يلجأ الطفل للسلوك التخريبي وكيف يمكن للآباء معالجته؟
في العام 2008 قام كل من العالمين worth&wool بدراسة استقصائية حول
الأسباب الكامنة وراء السلوك التخريبي لدى الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة (3 -
6 سنوات) على عينة مقصودة بلغت 185 طفلاً من أطفال الرياض المخربين. وأشارت
النتائج إلى أن نسبة الأطفال الذين يلجأون إلى التخريب بلغت 45 في المائة لأسباب
مجهولة، 33 في المائة لإثبات الذات، 12 في المائة نتيجة للغيرة، 10% نظرًا لشعورهم
بالخوف وانطلاقًا من وجهة نظر مدرسة التحليل النفسي ورائدها فرويد بأن السنوات
الخمس تشكل حجر الأساس في تكوين شخصية طفل اليوم ورجل الغد، فمن الأهمية بمكان
التعرف على هذه الظاهرة ومسبباتها وآلية علاجها.
أولاً: ما هو السلوك التخريبي؟
تشير كلمة «تخريب» إلى تكسير الممتلكات وتدميرها سواء كانت ممتلكات شخصية أم عامة،
وبالتالي فإن السلوك التخريبي هو ذلك السلوك المرافق لعملية التخريب والذي يسبب في
أغلب الحالات انزعاجًا نفسيًا واجتماعيًا للآباء كونه يؤدي إلى إتلاف الممتلكات
الخاصة بالعائلة أو بالآخرين أو الممتلكات العامة والتي غالبًا ما تكون باهظة
الثمن. وقسم JOON
(2006) الأطفال المخربين إلى
مجموعتين أساسيتين:
1) الأطفال الذين يفعلون ذلك ببراءة وعن غير قصد
وغالبًا ما يعرفون بالأطفال الخرقاء.
2) الأطفال الذين يفعلون ذلك عن قصد ومكر وغالبًا
ما يعود ذلك إلى العداوة والملل اللذين غالبًا ما يولدان مثل هذا السلوك.
ثانيًا: الأسباب الكامنة وراء
السلوك التخريبي
اهتم علماء النفس كما ذكرنا بهذه الظاهرة وخاصة لدى الأطفال، نظرًا لأهميتها من
جهة ونظرًا للآثار السلبية التي تولدها على الطفل وشخصيته لاسيما توازنه النفسي،
ونظرًا لآثارها على الصعيد الأسري من جهة أخرى. وقد بيّن BECK (2007) أن الأسباب الكامنة وراء السلوك التخريبي لدى الطفل متعددة ويمكن
حصرها في الأسباب التالية:
1) الإحباط: يُعد العدوان والغضب من أهم الاستجابات
الطبيعية للإحباط. وقد دلت الدراسات أن لدى الأطفال الصغار ميلاً واضحًا للتعبير
عن نوبات الغضب لديهم بشكل عدواني وهدام، وغالبًا ما يتجسد ذلك في تخريب ألعابهم
وممتلكاتهم الخاصة.
2) المزاح أو الهـرج: حيث يلجأ الطفل إلى السلوك التخريبي أو المزاح
التخريبي هادفًا من ذلك الإثارة واللعب وليس التخريب. وغالبًا ما يلجأ الطفل إلى
هذا النمط عندما يكون لديه وقت فراغ ولا يوجد ما يُشغله ويملأ وقته. ويهدف
الطفل من ذلك إلى التعبير عن استقلاليته ومكانته بين أفراد الأسرة أو بين رفاقه في
المدرسة، وعلى المحيطين به في هذه اللحظات التحلي بالصبر وعدم نعت ووصف الطفل بأنه
منحرف ومخرب، لاسيما إذا كانت هذه هي المرة الأولى.
3) المكر والخبث: حيث يقوم الطفل بتدمير وتخريب أغراضه أو أدوات
منزله أو مدرسته أو حَيّه بشكل متعمد وبدافع الأذى والعداء. ومن الأمثلة على ذلك
إشعال الحرائق في الستائر، أو ملء حوض الحمام بالماء حتى يفيض.. إلخ. ولعل هذا
النمط من السلوك التخريبي الأكثر صعوبة من بين الأشكال الأخرى، ويعتبره علماء
النفس من أكثر أشكال سلوك التخريب صعوبة كونه (أي السلوك التخريبي) يعبر عن وجود
اضطراب انفعالي دفين.
وبعد ذكر أهم الأسباب لعّله من المناسب أن نجيب عن سؤال مهم وهو: لماذا يلجأ الطفل
إلى السلوك التخريبي؟ تناولت مدرسة التحليل النفسي والمدرسة السلوكية طبيعة
العلاقة بين مشكلة التخريب والسلوك المرافق لها، وحاولت كل منهما توضيح الأسباب
التي تدفع الطفل للتخريب وقد لخصها KLEMOND (2004) في:
·
فقدان
الطفل المكانة بين أفراد الأسرة.
· معاناة الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة من
إهمال ورعاية الوالدين.
· الغيرة من الأشقاء.
· ضعف الدافعية التحصيلية.
· البرامج التلفازية الخاصة بالأطفال والتي تتسم
بكثرة مظاهر العنف.
·
عدم
شعور الطفل بالأمن وتقبل الذات.
ثالثًا: علاج ظاهرة السلوك التخريبي
لا يسعنا هنا إلا أن نؤكد على حقيقة مهمة والتي تتمثل في أهمية معالجة السلوك
التخريبي من جهة وبحجم الصعوبات التي تواجه المربي في مساعدة الطفل للتخلص من هذا
السلوك. ولعل الخطوات الآتية تسهم في مساعدة الطفل وذويه على التخفيف من حدة
السلوك التخريبي ومن ثم الشفاء منه:
·
المواجهة: تُعد
من أهم خطوات العلاج حيث يجب على المربي القيام بعمل فوري لوقف السلوك التخريبي
كلما ظهر وفقاً لما يلي:
ü إعمل على وقف السلوك التخريبي للطفل.
ü أصدر أمراً لفظيًا صارمًا مثل «لا يمكنك كسر ألعاب
أخيك».
ü وضح للطفل ماهية الأمر اللفظي (قيمة الألعاب،
حق الأخ في اللعب بها....إلخ).
ü إعزل الطفل في مكان هادئ لمدة 5 دقائق حتى يهدأ
ثم اثن على هدوئه وامتدحه.
ü ساعد الطفل في التعويض عن الضرر مثل «عليك
إصلاح لعبة أخيك» ثم امتدح سلوكه.
· التفهم: إن تفهم الوالدين للسبب الكامن وراء السلوك
التخريبي لطفلهما يُعد حجر الأساس في مساعدته على تجاوز هذا السلوك، لذا من
الأهمية بمكان أن تستمع للطفل عندما يشرح لك لماذا خرب اللعبة.... أي أن تفهّم
مشاعر الطفل قد يكون أكثر أهمية من معاقبته على سلوكه.
· التنفيس عن الغضب: قد يلجأ الطفل إلى التخريب كونه لم يتدرب أو
يتعلم طرقًا أخرى للتعبير عن انفعالاته، لذا ينصح FELL (2006) بأهمية تدريب الطفل على توجيه انفعالاته نحو أمور أكثر فائدة له
ولأسرته كأن يلعب الرياضة أو يمارس الرسم.
·
المكافأة: تُعتبر
المكافأة أو التعزيزات من أكثر إجراءات العلاج فاعلية في ترسيخ أو تصويب أي سلوك
نود تدريب الطفل عليه. وبيّن KOFOMAN (2005) أن تسجيل عدد المرات التي يقوم بها الطفل بتخريب أو محاولة تخريب
للأشياء والممتلكات أمر ضروري وحاسم، على ألا يكافأ الطفل إلا بعد انخفاض عدد
المرات التي يلجأ فيها إلى التخريب، ونصح في المقابل بالعقوبة في حال ازداد عدد
المرات، كي يشعر الطفل بجدية الوالدين في قراراتهما.
إقرأ أيضًا
اريد المراجع التي أخذتم منها المعلومات المتعلقة بالتخريب
ردحذف