يحكى عن ملك كان يحكم دولة
ممتدة الأطراف، وأراد هذا الملك يومًا
أن يقوم برحلة برية تستغرق منه أيامًا وليالي طوالاً، وبالفعل قام الملك بجولته،
لكنه وفي طريق العودة شعر بألم في قدميه، وطالعهما فإذا هما متورمتان بشكل كبير
ومؤلم، بسبب الطريق ووعورته.
فأصدر الملك مرسومًا ملكيًا
يقضي بتغطية طرق المملكة كلها بالجلد، كي لا تتورم قدماه مرة أخرى!
لكن المسألة كانت صعبة، فليس
من السهل أن تغطى كل المملكة بالجلد، وهنا كان لوزير الملك ذي العقل النبيه رأي
آخر، فقال لسيده: مولاي ولم لا تغطي قدميك بالجلد، وتحكم تغطيتهما فهذا أسهل وأيسر
في التطبيق.
وكانت هذه قصة أول حذاء في
العالم!!..
ومن هذه القصة نقطف حكمة،
فحينما يكون العالم غير مهيأ للسير فيه، فلا تحاول أن تغير من طبيعته، فهذا ليس
بالأمر السهل الهين، بل غير من أساليبك، فالتغيير حينما يكون في محيطك يكون ممكنًا،
وأكثر تأثيرًا.
أمّا أن تحاول تغيير العالم،
وتطالبه بأن يعمل على التحرك وفق رؤيتك فهذا شيء صعب المنال.
ألا ما أشبه الإنسان في الحياة بالسفينة في
أمواج هذا البحر! إن ارتفعت السفينة أو انخفضت أو مادت، فليس ذلك منها وحدها، بل
مما حولها، ولن تستطيع هذه السفينة أن تملك من قانون ما حولها شيئًا، ولكن قانونها
هي الثبات، والتوازن والاهتداء إلى قصدها ونجاتها في قانونها، فلا يعتبن الإنسان
على الدنيا وأحكامها، ولكن فليجتهد أن يحكم نفسه.
أنت ربان حياتك وقائدها،
والأعاصير لم تأت يومًا بأمر بشر، ولم تذهب إرضاء لأحد، نحن من نحدد الوجهة، ونوجه
الشراع، ونختار الاتجاه، حتى الذين كان لهم كلمة وأثر في تغيير بعض أحداث الحياة،
كانت سطوتهم أول الأمر ذاتية، حتى إذا سيطروا على أنفسهم وملكوا زمامها، حولوا
وجهتهم إلى دائرة أوسع... فأوسع.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق