قصة وعبرة

الخميس، 25 أبريل 2013

• سن البلوغ عند أولادك.. كيف تتعامل معه؟



الجنس.. ذلك الخاطر الملح على ذهن المراهق، والذي يتملكنا عجز في التعامل معه.. ماذا يكون؟!
الجنس ككل طاقة حيوية في كيان الإنسان خلقه الله ليعمل، ورتب له وهيأ له من المشاعر والأفكار داخل النفس ما يوائم ويواكب الطاقة الجسدية، ليسيرا معًا بتوازن متساندين متلاقيين كما يحدث في كل المشاكل الحيوية الأخرى. ثم رتب له وهيأ له في منهجه المنزل من التنظيمات والتوجيهات والتشريعات ما يحقق أهدافه في أسلم وأنظف وضع كطريقة الإسلام في كل شيء.

لم يستحقر المنهج الإسلامي الجنس ولم يحرم تلك الرغبة في نفس البشر، بل نظم المسألة وحد لها حدودًا، وجعل لها أصولاً وضوابط، والمشكلة التي نشأت في دساتير التربية التي لا تعتمد على أصول إسلامية والضعف في مواجهة هذه الحالة أنشأه جهل بماهية الجنس وطبيعته، وتظل خرافات فرويد ونظريته المختلة عن الكبت، ونظرياته عن الدوافع الجنسية التي تسيّر دنيا الناس أكبر دليل على تخبط هذه المدارس في معالجة هذا الأمر الخطير.
الجنس ليس مشكلة في الإسلام وإنما المشكلة أن تسلك بهذه الطاقة مسلكًا مشينًا، والتعامل مع هذه المسألة الجنسية في الإسلام يكون بالنظر إلى المسألة من جميع أطرافها؛ الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية.
ونتتبع الخيط التربوي من أوله، فنجد أن الإسلام قد ربى الطفل من قبل على حب الله وخشيته من ناحية، وعلى القدرة على الضبط من جانب آخر.. فأما حب الله وخشيته فقد تربى عليه منذ عرف الله، منذ راح يبحث عن الخالق، فدله مربيه عليه وربط قلبه به.
وأما القدرة على الضبط فقد تعودها منذ طفولته، وعلى المدى الطويل حتى أصبح اليوم في مرحلة البلوغ.
وحقيقة أن الدفعة الجديدة - الفوارة الموارة - قد تعصف - إذا تركت وشأنها - بقدرته السابقة على الضبط، وبخشيته السابقة من الله.
ومنهج التربية الإسلامية وهو يعالج مسألة الجنس التي تفاجئ الفتى والفتاة بطاقة دافعة لا قبل لهم بها، يعود إلى نقطة البدء: حب الله وخشيته، والقدرة على الضبط، ويثني بأشياء أخرى.
فالصلاة والصيام قد صارا فرضًا عليه بعدما كانا مجرد عادة تؤسس.. وهذا إشعار للفتى والفتاة بالتكليف الحق من قبل الله، وبالتعرض الحق للثواب والعقاب. وهذا ضابط رباني من ضوابط الذات، وما دام طفلنا أصبح رجلاً وبداخله طاقة تتأجج كان لزامًا عليك عزيزي الأب البحث عن الطرق التي تستطيع من خلالها إفراغ هذه الطاقة، والرياضة منفذ هام من المنافذ المشروعة، وتكليفه بالمسؤوليات منفذ آخر لا يقل أهمية. يجب أن تحاول أن تملأ وقته بأنشطة مفيدة تساعده على بناء جسده ونفسيته، ولا تجعله عرضة للفراغ.
المراهق يمتلك طاقة جبارة، إن لم يفرغها في الخير أفرغها في الشر، أو لنقل في أحسن حال: أفرغها في التفاهات والصغائر.
نأتي لنقطة أخرى مهمة، ففي نفس الفترة التي تتفجر فيها شحنة الجنس في نفس المراهق، تتفجر شحنة روحية عجيبة، صافية مشرقة، هذه الشحنة الروحية التي تتفجر في مرحلة البلوغ تأخذ صورة مشاعر صافية رائقة شفافة، فنراه..
يحب الله.. يحب المثل والقيم والمبادئ.. يحب ويميل إلى الجنس الآخر.
وهذه فرصة طيبة لك عزيزي الأب، فرصة لأن تنتهز تلك الشحنة الروحية الهائلة لتزرع فيه ما تشاء من خير.
اروِ نهمه للإيمان.. عرفه رسول الله.. وليكن حديثك مستفيضًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم. اذكر نماذج حية من بطولات الإسلام، هذه بالذات فترة الإعجاب الشديد بالبطولة.
وميل المراهق للجنس الآخر وحبه له شيء طبيعي، والمفترض أن يكون الزواج مبكرًا استغلالاً لتلك الطاقة كي تجري في مجراها الطبيعي؛ مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإن لم يستطع فعليه بالصوم". ولكن في ظل الظروف الاقتصادية التي تجعل أمر الزواج همًّا ثقيلاً للشاب وأسرته، وجب البحث عن طرق تنظم تلك العاطفة وتخرجها في مسار محمود إلى أن يحين وقت الزواج. فبإمكانك عزيزي الأب أن تشعل في ولدك عاطفة التقدم وحب الإنجاز والتفوق والإبداع، وتمهد له الطريق للانخراط في الجمعيات الأهلية والخيرية التي تستغل العاطفة الجياشة التي بداخله في تقديم الخير والعون للآخرين.
اعلم أن المغريات التي تقابل فتاك كثيرة، والمجلات والتلفاز وشبكة الانترنت والقدرات السيئة في المجتمع يعملان جهدهما في هدم ما تفعله.
لكنها الحياة.. جهد وكدح مشقة.. ثمن مكتوب عليك دفعه.. ولا سبيل لك سوى هذا الثمن كي تصل إلى مبتغاك.
لا حيلة لك في تغيير الواقع الشيء الذي يحيط بك، ومخرجك الوحيد هو أن تقوي البناء النفسي لولدك كي يستطيع أن يتخطى مشاكل تلك المرحلة وتداعياتها.
ووسيلتك أن تعمق في نفس طفلك الإيمان بالله، وأن يكون حبه لخالقه ولرسوله أثقل في قلبه من مغريات المجتمع.
وسيلتك أن تكون صديقًا لولدك، وأن تكون مساحة التفهم والاحترام المتبادل بينكما كبيرة.
وسيلتك أن تشغل وقته في الطاعات العبادات والدراسة النافعة الشاغلة عن تفاهات الجاهلية وقذاراتها، واستنفاذ الطاقة فيما يقوي الجسد على احتمال الجهد، ويقوي الروح على مقاومة الغواية.
وسيلتك أن تنظف بلا كلل عقله وفكره من أدران المجتمع الكثيرة قبل أن تلتصق بروحه وتكون جزءًا منه أو الأخطر أن يكون هو جزء منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق