يمكننا أن نتحدث كثيرًا عن
أهمية ما يتعلمه الأطفال في المدرسة، سواء من الأساتذة أو جماعات الأقران، مثلما
نستطيع أن نشير إلى مصادر أخرى للتعلم تأتي من احتكاك الأطفال بالآخرين في الشارع،
وربما قبل ذلك كله في البيت.
لكن ما نغفله هو أن الأطفال
لا يتعلمون من البشر وحسب، بل يتعلمون كذلك من الحيوانات، والحيوانات حاضرة في
حياة الأطفال بشكل كبير، سواء هؤلاء الذين يعيشون بالقرب منها في الأرياف
والغابات، أو الذين يعيشون في المدن الحضرية، سواء عبر الحيوانات الأليفة التي
تربيها الأسر في بيوتها، أو تلك التي تقوم ببطولة أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة.
في كتاب: The Significance of
Children and Animals Social Development and Our Connections to Other Species لجين
مايرز، نقرأ كيف يمكن أن تصبح للحيوانات أهمية كبيرة في التنشئة، ولاسيما في تنمية
الشعور، بل إنه كثيرًا ما يستخدم الأطباء الحيوانات والعلاقة معها علاجًا من حالات
نفسية معقدة، فضلاً عن احترام الحياة من خلال عدم الاعتداء على الحيوان.
تقدم أفكار مايرز عبر سلسلة
من الدراسات، منها دراسة تتبعية لمدة عام على 24 طفلاً في فئة ما قبل المدرسة حول
الكلمات تثبت قوة دور الحيوانات في التنمية الاجتماعية، فهي محفزات لتطوير
الأخلاق، والعقل، والشعور بالذات. إن الأطفال ليسوا مجرد «إسفنجة» تمتص المعرفة،
بل كائنات حية تتواصل مع الكائنات الحية الأخرى كذلك.
هناك قصة شهيرة حول كلب في
قارب نجاة، حيث إن مع الكلب ثلاثة أشخاص، ويجب إلقاء أحد الموجودين في البحر لكي
ينجو الآخرون، وهنا يضطر المستمعون للقصة إلى اختيار الكلب ليكون الضحية، ولو على
مضض.
الحكاية ليست بهذه البساطة عند الجميع، فعلى سبيل المثال،
قد يكون بين الركاب الشباب وقد يكون منهم شخص مسن أو أعمى، أو أصم، أو مقعد. وقد
يكون منهم شخصًا آخر ليس من العائلة أو الأصدقاء، وقد يكون مريضًا سيلقى حتفه، حتى
لو لم يتم إلقاؤه خارج القارب، بعد أسبوع! هنا تبدو صعوبة الاختلافات والاختيارات.
وأحيانا يختار الصغار التضحية بالمسنين لأنهم عاشوا حياة غنية وكاملة بالفعل، وهو
لدى علماء النفس لا يعني الانتقاص من قيمة المسنين، ولكن الأمل يكون بألا يتم
إلقاء أحد من القارب، وأن الحل يكون في السماح لجميع الأفراد من أجل البقاء.
في الحدائق المفتوحة، وفي
حدائق الحيوانات، يركز الطفل على سلوك الحيوانات، ويربط بين المحافظ على ذلك
الحيوان بعينه والقيمة الأخلاقية، ولذلك فمن المهم أن يتم تعويد الأطفال على
التواصل مع الحيوانات في سن مبكرة، سواء بتربيتها، وفق شروط الأمان، أو زيارتها
على نحو متواتر.
تساعد دراسة الإنسان
للحيوان كمورد رائع للبحث في المستقبل والسياسة، ولذلك فإن الرحمة - مثالاً - يمكن
أن تتربى من مداومة مشاهدة معاملة الأم في عالم الحيوان لصغارها.
هناك أشياء كثيرة يمكن
للحيوانات أن تعلمها للأطفال، كالتعاطف والمهارات التفاعلية، واحترام الآخرين،
وكذلك الوعي الذاتي والاجتماعي. وهي مهارات مفيدة، خصوصًا لدى الأطفال ذوي العاهات
الخلقية، وكذلك حالات مثل متلازمة اسبرجر أو التوحد. سوف يتعلم الأطفال قراءة
الإشارات غير اللفظية، ولغة الجسد، وسيتم نقل ذلك في وقت لاحق لقراءة الإشارات غير
اللفظية لدى البشر، حيث يمكن للحيوانات أن تبين لنا كيف نرى العاطفة، ونعبر عن
المشاعر، ونتواصل مع الآخرين، دون كلمات.
التعلم الاجتماعي العاطفي
في مدرسة القرن الحادي والعشرين يطبق برنامجا مبتكرًا يقوم على تقارب الأطفال من
الحيوانات، وخصوصًا الكلاب فتستخدم الحيوانات لتعليم الأطفال المهارات الأساسية
التي من شأنها أن تساعدهم في المدرسة، والبيت، وفي وقت لاحق بمكان العمل، في
تفاعلها مع الناس، وبطبيعة الحال، مع الحيوانات، مثل القدرة على فهم المشاعر،
والتسمية، والوعي الذاتي والتعاون، سواء كان الأطفال يعتبرون أنفسهم ملوك الغابة،
أو بين الحيوانات البرية أو المستأنسة، فهم يعيشون في عالم مليء بالحيوانات - سواء
كان حقيقيًا أو وهميًا. حتى الديناصور بارني في برنامجه الشهير، والدمى، وجاكوار
المستكشف دييجو، وصولاً إلى شخصيات كتب الأطفال، والرسوم، وأشرطة الفيديو، وألعاب
الكمبيوتر. وهناك أبحاث تؤكد أن أكثر من ثلاثة أرباع الأطفال في أمريكا يعيشون مع
الحيوانات الأليفة.
علينا إعادة النظر في المشهد المحيط بأطفالنا،
ودراسة الحيوانات المفضلة لديهم، فهي ستكشف لنا أكثر مما يمكنهم الإفصاح عنه.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق