قصة وعبرة

الأربعاء، 26 يونيو 2013

• قصص الأطفال: حكمة الهدهد


     
     دعا الهُدْهُدُ طيورَ الغابَةِ مُنْذُ الصَّباحِ الباكِرِ إلى اجْتِماعٍ طارِئٍ ، وَبَدا وكأنَّ أمرًا خطيرًا قَدْ وَقَعْ ، أوْ هُوَ على وَشكِ الوُقوع... فَمِثْلُ هٰذِهِ الدَّعَواتِ لا تَحْدُثُ إلاّ في حالاتٍ نادِرَةٍ .

     سارَعَتِ الطُّيورُ تَمْسَحُ عِنْ عُيونِها آثارَ النَّوْمِ ، وَمَضَتْ في طَريقِها نَحْوَ السّاحَةِ الكَبيرةِ ، مُحاوِلَةً أنْ تُخَمِّنَ سَبَبَ هٰذِهِ الدَّعْوَةِ المُفاجِئَةِ ، وَعِنْدَما اكْتَمَلَ الحُضورُ ، انْبَرى الهُدْهُدُ يَتَكَلّمُ :
   - أَنْتُم تَعْلَمونَ أَيُّها الأعِزّاءُ ! أنَّ هٰذِهِ الغابةَ هِيَ مَوْطِنُنا وَمَوْطِنُ آبائِنا وَأَجْدادِنا، وَسَتكونُ لأوْلادِنا وَأحْفادِنا مِنْ بَعْدِنا.. لٰكِنَّ الأمورَ بَدَأتْ تَسوءُ مُنْذُ أنِ اسْتَطاعَتْ بُنْدُقِيَّةُ الصّيّادِ الوُصولَ إلى هُنا ، فَأَصْبَحَتْ تُشكِّلُ خَطَرًا عَلَى وُجودِنا .
- كَيْفَ ؟ قُلْ لنا..
    تَساءَل العُصْفورُ الصَّغيرُ .
-      في كُلِّ يَوْمٍ يَتَجوَّلُ الصّيّادونَ في الغابَةِ مُتَرَبِصينَ، وَلعَلَّكُمْ لاحَظْتُمْ مِثلي كَيْفَ أخذَ عَدَدُنا يَتَناقَصُ، خُصوصًا تِلْكَ الأنواعُ الهامةُ لَهُمْ.
مِثْلُ ماذا ؟
تَساءَلَ الْبَبّغاءُ .
مِثْلُ الْكَنارِ والهَزارِ والكَرَوانِ ذاتِ الأصْواتِ الرّائِعَةِ.. وَمِثْلُ الحَمامِ والدَّجاجِ والبَطِّ وَالإِوَزِّ وَالشَّحرورِ والسِّمّانِ ذاتِ اللحمِ المُفيدِ، وَالْبَيْضِ المُغذّي ، وَمِثْلُكَ أيُّها البَبّغاءُ..
فَأَنْتَ أفْضَلُ تَسْلِيَةٍ لَهُمْ في البيوتِ ، نَظَرًا لِحَرَكاتِكَ الجَميلةِ وتَقْليدِكَ لأصْواتِهِمْ .
   وَقَفَ الطّاووسُ مُخْتالاً ، فارِدًا ريشَهُ المُلَوَّنَ ..الأحْمَرَ ، والأصْفَرَ ، وَالأخْضَرَ وَالأسْوَدَ ..
  قالَ :
-      لا بُدَّ وَأنَّكَ نَسيتَني أيُّها الهُدْهُدُ! فَلَمْ يَرِدْ اسْمي على لِسانِكَ ، مَعْ أنَّني أجْمَلُ الطُّيورِ الّتي يُحِبُّ الإنْسانُ الحُصولَ عَلَيْها ، لِيُزَيِّنَ بِها حَدائِقَهُ .
-      لا لَمْ أنْسَكَ، وَكُنْتُ على وَشَكِ أنْ أذْكُرَكَ... فَشْكْلُكَ مِنْ أجْمَلِ الأشْكالِ.. وَلٰكِنْ حَذارِ مِنَ الغُرورِ!
قالَ الحَجَلُ بِدّهاءٍ :
-      مَعَكَ حَقٌّ فيما قُلْتَهُ أيُّها الهُدْهُدُ! حَذارِ مِنَ الغُرورِ!
نَظَرَ الطّاووسُ نَحْوَ الحَجَلِ بِغَضَبٍ شَديدٍ ، اتَّجَهَ إليْهِ وَهُوَ يُؤَنِّبَهُ :
-      إنَّكَ لا تَقِلُّ خُبْثًا عَنِ الثَّعْلَبِ الماكِرِ ، وَلِذا لَنْ أُعيرَكَ أيَّ اهْتِمامٍ .
حاوَلَ الحَجَلُ أنْ يَرُدَّ الإهانَةَ ، لٰكِنَّ الهُدْهُدَ هَدَّأ مِنْ حالِهِ قائِلاً لَهُ :
-      دَعونا الآنَ مِنْ خِلافاتِكُمْ... فَأنْتُمْ أخْوَةٌ وَيَجِبُ أنْ لا تَنْشَغلوا عَنِ المُشْكِلَةِ الكَبيرَةِ الَّتي تُواجِهُنا جَميعًا .
قالَ الشَّحْرورُ :
-      أيُّها الصَّديقُ مَعَكَ حَقٌ.. لَقَدْ لامَسْتَ كَبَدَ الحَقيقَةِ.. قُلْ لَنا ماذا نَفْعَلُ ؟
رَفَعَ الهُدْهُدُ وَجْهَهُ ، فَاهْتَزَّتْ ريشاتُهُ المَغروسَةُ في رأْسِهِ... قالَ :
- لَقَدْ دَعَوْتُكُمْ لِنَتَبادَلَ الرَّأيَ في هٰذا المَوْضوعِ.. فَلْيَذْهَبْ كُلٌّ مِنْكُمْ إلى عُشِّهِ الآنَ ، وَيَأْتي غَدًا في مِثْلِ هٰذا الوَقْتِ بالتَّحْديدِ ، وَقَدْ حَمَلَ إليَّ حَلاً نَسْتَطيعُ بِهِ حِمايَةَ أنْفُسِنا مِنْ بَنادِقِ الصّيّادينَ .
 إقرأ أيضًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق