قصة وعبرة

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

أيهما أقوى؟ ألريح أم الشمس!


      
          خالد عنيدٌ جدًا، دائمًا يشاغب ويملأ غرفَته بالفوضى والضجةِ، لا يسمع كلام أمّه أو أخته صفاء، ولا يهتم لصراخ أحد، يرمي ثيابَه على السريرِ وألعابَه على الأرضِ، ويضع علبةَ العصيرِ الفارغةِ على مكتبِهِ، يملأ جدرانَ غرفَته بالصورِ اللاصقةِ، وينشرُ قصاصات الورق هنا وهناك، أما حقيبته المدرسيةِ فيضعها دائمًا أمام باب الشقةِ حين يأتي من المدرسةِ، ويتعثّر بها القادمُ والذاهبُ، ومهما نهرته أمُّه ووبّخته فلا جدوى، لم تنفعْ معه كل لهجات التهديدِ والوعيدِ، وبقي الولدُ المشاغبُ يزعج الآخرين.

          اشتكت صفاء لوالدِها قائلةً:
          أرجوك يا أبي ساعدنا، خالد لا يسمع الكلام، ولا ينصاع لأوامرنا، لقد تعبتُ من شدّةِ الصراخ.
          ضحك الوالدُ وقال:
          لا تكوني كالريح يا ابنتي، بل كوني كالشمس، كي يكون ما تريدين، دُهشت الابنةُ لجوابِ أبيها وسألت:
          ما علاقة الريح والشمس بكلامِنا عن خالد يا أبي.
          قال الأبُ: سأحكي لك قصةً جميلةً وإن فهمت معناها انصاعَ خالد لك، وصار كالخاتمِ في أصبعكِ.
          يُحكى أن رجلاً يرتدي عباءةً طويلةً، كان يمشي في الصحراءِ، نظرت الشمسُ إلى الرجلِ وقالت لصديقتها الريح:
          هل تستطيعين أيتها الريح أن تجعلي هذا الرجل يخلع عباءَته. قالت الريحُ بثقةٍ:
          طبعاً.. أنا الريحُ القويةُ الهوجاءُ العاصفةُ وكيف لا أستطيع؟
          ضحكت الشمسُ وقالت لها:
          هيا.. لنرى قوتك أيتها الريح.
          وبدأت الريحُ تعصفُ بقوةٍ شديدةٍ، والهواءُ يثورُ ويدورُ ويدفعُ الرجلَ بعنفٍ كي يجعله يخلع عباءَته.
          لكن الرجل تشبّث بعباءتِهِ أكثر وأكثر كلما زادت الريح عصفًا حتى تعبت الريحُ وأُنهِكت ولم تعد تقوى على الدورانِ.
          وقالت لصديقِتها الشمس:
          لقد خسرت يا صديقتي وجاء دورك.
          حينها، أضاءت الشمسُ بقوةٍ وزادت وهجَها وحرارتها واقتربت أشعّتُها الحاميةُ من الرجلِ وبدأ العرقُ يتصبّب من جبينِه وشعر بحرٍ شديدٍ، ولم يعد يطيق عباءته، فخلعها بكل هدوءٍ، ومضى.
          خجلت الريحُ من نفسِها، وعرفت أن الشمس بلطفِها ورقّتها، فازت، وأومأ الوالدُ برأسِهِ: هل فهمت يا ابنتي؟
          هزّت صفاءُ رأسَها ومضت إلى غرفةِ خالد:
          وضعت يدها على رأسِهِ بلطفٍ وبنبرةٍ عذبةٍ وحنونة قالت له:
          ما رأيك يا عزيزي أن ترتّب غرفتَك، وسنذهب معًا إلى حديقةِ الحيواناتِ التي تحبّها.
          نظر خالدٌ إلى أختِهِ وسألها: حقًا؟
          وفي دقائق كان كل شيء قد عادَ إلى مكانِهِ وأصبحت غرفةُ خالد نظيفةً مشرقةً.
          وكانت الهديةُ رحلةً جميلةً للعائلةِ إلى حديقةِ الحيواناتِ، ونظرةُ امتنانٍ أرسلتها صفاء إلى الشمسِ المشرقةِ وهمست: شكراً.. لقد عرفتُ سرَّك أيتها الشمس الذكية.





هناك تعليقان (2):

  1. عبير عبد الله2 نوفمبر 2012 في 9:00 م

    هذا ما ندعو المعلمين اليه وما نحاول ان نحققه بالارشاد والتوجيه اقترح ان ترسل هذه القصه لكل معلم

    ردحذف
  2. سنعمل على ذلك، والموقع بانتظار مشاركاتك يا عبير... شكرًا لك

    ردحذف