الاثنين، 23 أكتوبر 2017

• السادية والاضطراب العقلي النفسي (السايكوباتي)

يشكل القتلة المتسلسلون مصدرًا لإعجاب العديد من الناس، بسبب الروايات أو المسلسلات التلفزيونية أو الأفلام، ولكن لو صدقت هذه الوسائل الترفيهية لظننا أن هانيبال ليكتر حالة متكررة في الولايات المتحدة على سبيل المثال، ولكن لحسن الحظ، فإن هذه الحالات أقل انتشارًا في الواقع مما هي عليه في المسلسلات التلفزيونية والأفلام، إلا أن الضرر الذي يلحقه المصابون بالاضطراب النفسي، العنيفون منهم وغير العنيفين، جعل منهم مثار اهتمام الأوساط العلمية، حتى أن بعض الدراسات تقول أنه من الممكن اكتشاف الشخصية المريضة نفسيًا السايكوباتية منذ عمر التاسعة.

وكطريقة أخرى لاكتشاف السبب الذي يجعل اعتلال الشخصية النفسي إحدى تصنيفات اضطراب الشخصية، قام المدرس في قسم علم النفس والطب النفسي في جامعة شيكاغو جين ديكتي بقيادة دراسة حول هذا الموضوع وحول الخلط بينه وبين اضطراب السادية الجنسية.
الاضطراب العقلي النفسي والسادية: 
تخلط الأفلام الهوليوودية دوماً بين المصاب بالاضطراب العقلي النفسي الذي يتميز صاحبه بالأعصاب الباردة وعدم التعاطف والقدرة على التلاعب، وصاحب الشخصية السادية الذي يتميز بحبه للإثارة الجنسية المستمدة من آلام الآخرين، ولكن في الواقع هما اضطرابان مختلفان تمامًا، ويقول الباحث ديكتي: "إذا نظرنا إلى الأفلام، فهي تجسد أشخاصاً يجمعون بين المرضين، ولكني لست متأكدًا إذا كان هذا واقعيًا".
نشر مؤخرًا ديكتي وفريقه دراسة تتألف من صور لأدمغة خمسة عشر متحرش جنسي عنيف، ثمانية منهم تم تصنيفهم كسادي جنسياً، كما أن البحث أقصى عمدًا المصابين بالاضطراب العقلي والنفسي ليستطيعوا إيجاد اختلافات دماغية بين الاثنين ومميزات دماغية للمرضى بالسادية. عرض للمشاركين في الدراسة صورًا تتضمن العنف والألم مقابل صور عادية، مثل صورة لشخص يطعن يد شخص آخر بمقص ليثبتها على الطاولة مقابل صورة لشخص يطعن طاولة فارغة، وصورة لشخص يغلق باب السيارة بعنف فيصيب شخصاً بأذى ومرة أخرى لا يصيب أحداً، عند عرض الصور التي تحتوي على العنف والألم، أظهر الساديون تفاعلًا أكبر من غيرهم في اللوزة الدماغية، وهي قسم من الدماغ مرتبط بالمشاعر القوية، وكما شعر الساديون بالألم الذي تختبره الضحية بشكل أكبر مما شعر به الأشخاص الغير ساديين الخاضعين للدراسة، وكلما كبر شعور السادي بأن الألم الذي تختبره الضحية أكبر، ازداد النشاط في جزء دماغي آخر يدعى الإنسولا، وهو قسم مسؤول عن التحكم بمشاعر الشخص الذاتية و حالته الجسدية.
يقول ديكيتي: "عندما تنتابك مشاعر بالقرف أو الألم أو المتعة وحتى النشوة الجنسية، تقوم الإنسولا بعمل دقيق لجلب تلك المشاعر الجسدية المادية إلى الوعي لتشعر بها."، تقول دراسة ديكيتي أن الساديون يظهرون اهتمامًا كبيراً بما تشعر به ضحيتهم، فإنهم يختبرونها بشكل مباشر ويستثارون عبرها، إلا أن المصابين بالاضطراب العقلي النفسي(السايكوباتيون) يميلون إلى أن يكونوا غير مبالين بمشاعر الغير، فيقول ديكيتي: "إذا عشت مع شخص سايكوباتي وبكيت لأنه غير مهتم بك فإن ذلك لن يعني له شيئًا، فهو لن يتأثر ولن يهتم لأنه لا يشعر بأي شيء مما تشعر به أنت، الساديون يشعرون، ويفهمون أن ضحيتهم تشعر بالألم".
الاضطراب النفسي والعقلي (السايكوباتي) واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع: 
في دراسة أخرى كان هدفها توضيح كيفية عمل الدماغ السايكوباتي، قام الباحثون في جامعة King’s College في لندن بالبحث في الفروق بين الأشخاص المصابين بالاضطراب العقلي النفسي وبين المصابين بنوع آخر من اضطرابات الشخصية الخطيرة، وهو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. يوضح الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية ودليل الطب النفسي التشخيصي، أن السايكوباتية هي حالة قصوى من حالات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، لكن بدأت الأبحاث الحديثة مؤخرًا بالتأكيد على أنهما حالتان منفصلتان. يقول الباحث نيل بلاكوود واصفًا الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع: "إنهم مندفعون وعصبيون وذوي طباع حادة، فهم يلجؤون للعنف عندما يشعرون بالتهديد –قد يكون التهديد موجودًا أو غير موجود- ظنًا منهم أنه طريقة لحل المشكلة، وبعد استخدامهم للعنف قد يختبرون مشاعر الذنب والندم كما يشعرون بالقلق ويصابون بحالات الأرق والاكتئاب واستخدام المواد المخدرة، ومن جانب آخر فإن الأشخاص السايكوباتيين قد يكونون عدوانيين وعنيفين أيضًا كما قد يلجؤون لاستخدام المواد المخدرة، إلا أنهم لا يشعرون بالندم ويخططون لهجماتهم بدم بارد". ويوجد نقطة اختلاف أخرى وهي أن كلا المصابين بهذين الاضطرابين قد يكونوا قد تعرضوا إلى سوء المعاملة في الطفولة، ولكن على عكس المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، فإن السايكوباتيين لا يظهرون أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، بل لا يظهرون سوى القليل من القلق وعمليًا لا يمتلكون مشاعر الخوف، وبالمقارنة، فإن مسح الدماغ بين أن دماغ السايكوباتيين يحتوي على منطقة ذات حجم أقل من المعتاد تدعى القشرة الجبهية ومنطقة أخرى تدعى القطب المؤقت، هذه المناطق مسؤولة عن فهم مشاعر وأحاسيس الشخص نفسه ومشاعر الآخرين أيضًا.
متى يبدأ الاضطراب العقلي النفسي؟ 
تعود جذور جميع الأمراض المعادية للمجتمع واضطرابات الشخصية إلى مرحلة الطفولة بالإضافة إلى وجود استعداد جيني، فبعض الأطفال يولدون مع نزعات معادية للمجتمع مما يؤدي إلى صعوبة التعامل معهم وتربيتهم، وبعض هؤلاء الأطفال سيكبروا ليصبحوا مصابين بالاضطراب العقلي السايكوباتي، وهم الأطفال الذين لا يبدون أنهم يشعرون بالخطر تجاه الآخرين، ولكن لحسن الحظ فإن ثلث واحد على الأقل من هؤلاء الأطفال يصبحون أشخاصاً طبيعيين فيما بعد دون أن يطوروا أي مرض من الأمراض النفسية.
هل يمكن لهذا الاضطراب أن يشفى؟ 
بما أن البالغين والأطفال المصابين بهذا الاضطراب لا يخشون العقاب الجسدي أو الاجتماعي فمن الصعب جدًا السيطرة عليهم، في حين أن اضطراب السلوك البسيط يمكن أن ينجم عن وجود نزعات معادية للمجتمع ويثار بسبب النشأة في منزل عنيف أو فوضوي، وبالتالي يمكن مساعدة الطفل في كثير من الأحيان عن طريق معالجة هذا الوضع. ولأن الأطفال السايكوباتيين لا يستجيبون للعقوبة، فإن العلاجات القائمة على المكافأة تعمل بشكل أفضل بالنسبة لهم، ونتيجة لذلك، يدعم ومعظم الخبراء الآخرين إجراء تشخيصات دقيقة للتأكيد على الاختلافات بين شخصية المصاب باضطراب معاداة المجتمع والمرضى النفسيين ذوي الدم البارد، أو لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب السلوك العادي والذين يعانون من الاضطراب النفسي العقلي. هذه التصنيفات لا تخبرنا سبب أن ينمو الطفل ليصبح مريضًا نفسيًا في حين يصبح آخر معادي للمجتمع، أو لماذا يطور بعض الساديين مرض المازوشية أيضا، ولم تتضمن الأبحاث ساديين لم يكونوا من مرتكبي الجرائم الجنسية، لكن سيدرس الباحثون الفروق بين الأطفال الذين يطورون مرضًا نفسيًا وبين الذين يستطيعوا السيطرة على ميولهم.


تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال

إقرأ أيضًا                           
      

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات


أيضاً وأيضاً




هناك تعليق واحد: