أريده طبيبًا.. أريده مهندسًا.. أريده تاجرًا مرموقًا.
هذه هي بعض الإجابات التي نسمعها من مختلف الآباء
حين يُطرح عليهم السؤال: ماذا تريد من
ابنك؟
رغم أن هذه الجزئية بالذات من أشد خصوصيات
الابن، والتي يجب أن يختارها بنفسه وبدون تأثير من أحد، ويكون دور
الأب فقط دورًا توجيهيًا.
لكننا وللأسف نريد أبناءنا أن يكونوا كما نحب لا كما
يحبون.
يقول الكاتب الأمريكي «دوج باين»: لا تختر
لطفلك مساره في الحياة؛ بل أنرْ له طريقه ووفر له مجموعة واسعة من
المقترحات، واتركه يختار.
والمقصود هو أن تحدد الغاية الكبرى للإبن، لا
الوسيلة التي يتخذها للوصول لهذه
الغاية، وأعظم غاية يعمل لها المسلم هي إخراج الولد الصالح الذي يعيش
لدينه، ويكون داعيًا للحق، مرشدًا للخير. يجب أن تترسخ هذه العقيدة لدى كل أب طموح.
نعم.. أسعد حينما يكون ولدي وجيهًا في الدنيا بشرط أن تكون هذه الوجاهة
سبيلاً لدلالة الناس على الله، يجب أن تترسخ في قرارة المسلم أن العامل البسيط أحب
إلى الله -
إن كان مؤمنًا- من رجل تحاصره أضواء
الكاميرات ويسمع له العالم إن كان لا يوقر الله ولا يقيم له حدًا.
نحن نريد الطبيب الماهر الذي لا يدانيه في عبقريته
أحد بشرط
أن يكون مؤمنًا بالله. نريد الجيولوجي والفلكي وأستاذ الذرة الذي ينصر
بعلمه الإسلام، ويسخر ذكاءه وحرفيته وحسن بيانه وغزارة معلوماته في خدمة هذا
الدين.
لكن كثيرًا من الآباء نراهم يتعلقون بالمظهر لا
الجوهر.. يعيش أحدهم وغاية أمله أن يصبح ابنه طبيبًا كي يقال: فلان
أبو الطبيب، أو ليفخر بنجاحه في تربية ولده، ولا بأس في هذا كله شريطة أن يكون هناك ما هو أسمى
من حرف الدال الذي يسبق
اسم ولدك.. نعم يجب أن يكون ولدك صاحب رسالة.. عارفًا بالله.. يتحرق
لخدمة دينه. يساعدك في تأصيل
هذه الصفة رغبة الطفل الملحة للتجذر والانتماء؛ فطفلك يحتاج أن يشعر
بهوية، ومن هنا وجب عليك أن تغرس فيه حب الإسلام وتحضره للاندماج
التاريخي والمجتمعي بقص
بعض مآثر العظماء في هذه الأمة، وتعريفه بلمحات من عظمتها ونبوغها. وهذا
الاندماج يدفعه إلى الانخراط الطبيعي في هموم أمته، ويجد نفسه -في تسلسل منطقي- جزءًا من
أمل هذه الأمة. ويصبح كل نجاح في أي مجال من مجالات الحياة مرتبطًا تلقائيًا
برسالته الكبرى.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق