جلس جماعة من الرجال والنساء في إحدى قاعات الانتظار، شد انتباههم طفل صغير، ربما يكون عمره سنة، أو سنة وبضعة شهور، رسم البهجة على وجوه الحاضرين بحركاته وضحكاته وخفة ظله، ولكنه كان يكرر حركتين من وقت لآخر...
كان يقف مستندًا
إلى طاولة عليها كتاب في وسط المكان، فيمسك بالكتاب، يُقبله ثم يعيده إلى مكانه،
أما الحركة الثانية التي كان يكررها من وقت لآخر، فقد كان يضع يده على أذنه، ثم
يصدر أصواتًا غير مفهومة، وكأنه يتحدث في الهاتف، لم يفهم الحاضرون مغزى حركاته،
حتى فسرتها جدته، التي كانت مرافقة له.
قالت الجدة:
إنه يرى أباه، يقرأ في المصحف ثم يُقبله بعد القراءة، لذا فإنه كلما رأى مصحفًا
قبله، وكلما رأى كتابا يشبه المصحف في حجمه وشكله، فإنه يقبله، لأنه لا يعرف الفرق
بينهما.
واصلت الجدة
حديثها قائلة: كما إنه يرى أمه كثيرًا ما تتحدث في الهاتف، لذا فهو يضع يده على
أذنه وكأنه يتحدث في الهاتف، مثلما يرى أمه.
هكذا نلاحظ، أن
سلوك الأبوين يتسلل إلى نفوس للأبناء منذ الصغر، بحلوه ومره، وأن تعليم الطفل
بالمحاكاة عظيم الأثر في نشأته، وهو أبلغ من التعليم بالتلقين، وإن كان لا يُغني
عنه .
ومن هنا ينبغي
أن نضبط كل أقوالنا وأفعالنا، لأنها جزء مهم في تربية أولادنا، وربما جاز القول:
أن أولادنا (يُربوننا) لأن حرصنا على حسن تربيتهم، يدفعنا إلى تصحيح كل ما يصدر
منا من أقوال وأفعال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق