الاثنين، 1 ديسمبر 2025

قصة للأطفال: الشجرة الكريمة

العطاء سر الحياة

في وسط الغابة الكبيرة ذات الأشجار الخضراء والأصوات المبهجة، وقفت شجرة ضخمة بجذع قوي وأغصان عالية كأنها تُعانق السماء، كانت هذه الشجرة مختلفة عن بقية أشجار الغابة، ليس فقط لأنها الأكبر، ولكن لأنها كانت كريمة للغاية، كانت أوراقها مصدرًا للطعام، وأغصانها ملاذًا للطيور، وجذورها ظلاً للأرانب والثعالب.

كانت الشجرة تحب جميع من في الغابة والجميع يحبها كذلك، وفي كل صباح كانت الطيور تغني لها أغانيها العذبة، والسناجب تقفز على أغصانها، والأرانب تلعب تحت ظلها. في يوم هادئ، وبينما كانت الحيوانات تستمتع بحياتها، لاحظ الغراب الحكيم سحبًا سوداء في الأفق، صاح محذرًا: «عاصفة قادمة، اختبئوا بسرعة».

انطلقت الحيوانات تبحث عن مأوى، لكن الرياح بدأت تعصف بشدة، تتمايل معها أوراق الأشجار وتتساقط الأغصان الصغيرة، تجمّعت الحيوانات المرتعبة حول الشجرة الكبيرة، وهي تقول: «ساعدينا، أيتها الشجرة الكريمة».

هزّت الشجرة أغصانها بلطف وقالت: «لا تخافوا، سأفعل كل ما بوسعي لحمايتكم». ومع ذلك، كانت العاصفة قوية بشكل مخيف؛ اقتلعت أشجارًا صغيرة من جذورها، ودمرت أعشاش الطيور، وجحور الأرانب، وكل مأوى كان يحمي الحيوانات.

عندما هدأت العاصفة أخيرًا، فوجئت الطيور أنها فقدت الطيور أعشاشها، والسناجب لم تجد مكانًا تأوي إليه، وحتى الأرنب وصغاره أصبحوا بلا جحر.

وقفت السنجابة الصغيرة قرب الشجرة وهي تبكي: «لقد فقدت منزلي، أين سأعيش الآن؟». تبعتها الطيور الصغيرة قائلة: «ونحن أيضًا، لم يتبق لنا شيء».

فكرت الشجرة للحظة، ثم قالت بصوت دافئ: «أيها الأصدقاء، لا تحزنوا، يمكنكم استخدام أغصاني لبناء منازلكم من جديد».

رفعت الحيوانات رؤوسها بدهشة، قالت البومة العجوز بحذر: «لكن يا شجرتنا، ستفقدين أغصانك، ماذا سيبقى منك؟».

ابتسمت الشجرة وقالت بحنان: «الأغصان ستنمو من جديد، لكن منازل أصدقائي هي الأولوية الآن، لا يمكنني أن أكون سعيدة وأنا أراكم في هذه الحالة».

بدأت الحيوانات تعمل معًا، أخذت الطيور الأغصان الصغيرة وبدأت في بناء أعشاشها مرة أخرى، وجمعت السناجب الأوراق لتصنع منها جحورًا دافئة، أما الأرنب وصغاره فصنعوا من الأغصان الكبيرة سقفًا يحميهم من المطر.

مع مرور الأيام، عادت الغابة تملأ بالحياة، لكن الشجرة لم تكن كما كانت؛ أصبحت أغصانها قليلة وأوراقها متناثرة، كانت الحيوانات تشعر بالامتنان، لكنها أيضًا كانت قلقة على الشجرة الكريمة.

وفي صباح مشرق، اجتمعت الحيوانات تحت الشجرة لتشكرها، قالت الطيور: «لقد ضحّيتِ من أجلنا، سنظل نغني لكِ كل يوم»، وقال الأرنب: «لن ننسى كرمك أبدًا»، وأضاف الغراب الحكيم: «لقد علّمتِنا درسًا عظيمًا؛ أن الكرم يجعلنا أقوى، والتضحية تجعلنا أقرب».

بدأت الحيوانات تعمل معًا لمساعدة الشجرة، أحضرت الطيور البذور من أماكن بعيدة لتنثرها حول جذورها، وقامت الأرانب بتنظيف الأرض من الأعشاب الضارة، وجلبت السناجب الماء من النهر وسكبته عند جذعها.

ومع مرور الأيام، بدأت أغصان الشجرة تنمو من جديد، فكانت أقوى وأجمل مما كانت، وأصبحت الغابة كلها رمزًا للتعاون والكرم، وكلما نظرت الحيوانات إلى الشجرة، تذكرت الدرس الذي تعلمته؛ أن العطاء لا يُنقِص، بل يُضِيف لصاحبه قوة وجمالاً.

وهكذا، استمرت الشجرة الكريمة في حياتها، ملهمة كل من حولها، ورافعة أغصانها كأنها تقول: «العطاء سر الحياة».

بواسطة د. محمود حلمي

المصدر: 1

 فيسبوك: https://www.facebook.com/ali.ramadan.206789

منصة أكس: https://x.com/AliRamadan54

جديدنا كتاب:

 100 قصة حب من كل زمان ومكان

  إقرأ أيضاً:

قصة وعبرة: فرصة نادرة

قصة وعبرة: حين يخبئ القدر وجهه الآخر

قصة ملهمة: متسوّل على رصيف المحطة

قصة وحكمة: الديك الأحمر والثعلب

قصة وحكمة: الأسد والضفدع

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

جديدنا كتاب:

 100 قصة حب من كل زمان ومكان

 


 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق