السبت، 20 يناير 2024

• بديهيات التواصل لواتزلاويك في العلاج النفسي (Watzlawick)


"
علم نفس التواصل: بديهيات واتسلافيك في الإعدادات العلاجية"

في المجال الديناميكي لعلم النفس، يلعب التواصل دورًا محوريًا، وخاصة في السياقات العلاجية. ومن بين العديد من النظريات والنماذج التي تحاول فك تعقيدات التواصل البشري، تبرز أعمال بول واتسلافيك.

واتسلافيك، وهو عالم نفس نمساوي-أمريكي وطبيب نفسي ومعالج نفسي، صاغ خمسة محاور للتواصل تحظى بتقدير واسع في عالم النفس وخارجه. هذه المحاور لا توفر فقط فهمًا أساسيًا للتفاعل البشري، ولكنها توفر أيضًا إطارًا عمليًا للتطبيقات العلاجية. هذا المقال يغوص في جوهر محاور واتسلافيك ويستكشف أهميتها وتطبيقها في الإعدادات العلاجية.

1)    استحالة عدم التواصل

ينص محور واتسلافيك الأول على أنه "لا يمكن لأحد أن لا يتواصل". هذا يعني أن كل سلوك، سواء كان مقصودًا أو غير مقصود، هو شكل من أشكال التواصل. في الإعدادات العلاجية، يؤكد هذا المحور على أهمية الإشارات غير اللفظية. يتم تدريب المعالجين على قراءة ما وراء الكلمات، فاهمين أن وضعية العميل ونبرة صوته وتعبيرات وجهه وحتى صمته تنقل معلومات هامة. يشجع هذا المبدأ المعالجين أيضًا على الوعي بتواصلهم غير اللفظي الخاص، حيث يمكن أن يؤثر بشكل كبير على العلاقة العلاجية والعملية.

2)    جوانب المحتوى والعلاقة في التواصل

يفرق المحور الثاني بين جانبي المحتوى والعلاقة في التواصل. جانب المحتوى ينقل الرسالة الحرفية، بينما يشير جانب العلاقة إلى كيفية تلقي الرسالة. في العلاج، فهم هذه الطبيعة المزدوجة للتواصل أمر بالغ الأهمية. ينتبه المعالجون ليس فقط إلى ما يقال ولكن أيضًا إلى كيفية قوله والديناميكيات العلاقاتية الكامنة التي يكشف عنها. على سبيل المثال، قد يكون تصريح العميل أقل عن المحتوى الحرفي وأكثر عن التعبير عن الثقة أو اختبار حدود العلاقة العلاجية.

3)    ترقيم تسلسل الأحداث

يتناول المحور الثالث لواتسلافيك ترقيم تسلسل الأحداث في التواصل. هذا يعني أن الأفراد ينظمون تواصلهم استنادًا إلى تفسيرهم لبداية ونهاية حلقات التفاعل. في الإعدادات العلاجية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى سوء فهم ونزاعات إذا قام المعالج والعميل بترقيم الأحداث بشكل مختلف. دور المعالج غالبًا ما ينطوي على مساعدة العملاء على إعادة صياغة أو إعادة ترقيم تجاربهم، مما يعزز فهمًا جديدًا للديناميكيات بين الأشخاص والنزاعات.

4)    التواصل الرقمي والتناظري

يميز المحور الرابع بين أوضاع التواصل الرقمي والتناظري. التواصل الرقمي يشمل اللغة وهو أكثر تركيزًا على المحتوى، بينما يشمل التواصل التناظري الإشارات غير اللفظية والعلاقات. يستفيد المعالجون من كلا أشكال التواصل. يمكن أن يكون التواصل التناظري قويًا بشكل خاص في التعبير عن المشاعر وبناء العلاقات. على سبيل المثال، قد يستخدم المعالج لغة الجسد التعاطفية لخلق بيئة داعمة، مما يسهل استكشاف أعمق لمشاعر وتجارب العميل.

5)    التفاعلات المتماثلة والمكملة

يناقش المحور الخامس والأخير التفاعلات المتماثلة والمكملة. التفاعلات المتماثلة تعتمد على المساواة، بينما تعتمد التفاعلات المكملة على الاختلافات. في العلاج، يساعد هذا المفهوم في فهم ديناميكيات القوة وأنماط العلاقات. يمكن أن تتحول العلاقة العلاجية بين التماثل والتكامل، اعتمادًا على احتياجات عملية العلاج. على سبيل المثال، قد يتبنى المعالج نهجًا أكثر توجيهًا (مكمل) في بعض الحالات أو يعزز بيئة تعاونية أكثر (متماثل) في حالات أخرى.

التطبيق في الإعدادات العلاجية

تقدم أسس واتزلاويك إطارًا غنيًا لفهم وتحسين التفاعلات بين العميل والمعالج. تُبرز هذه الأسس طبيعة التواصل المتعددة الطبقات وأهمية الإشارات غير اللفظية وديناميكيات العلاقة وبناء التجارب. يمكن للمعالجين الذين يطبقون هذه الأسس تعزيز فهمهم التعاطفي وتعزيز تحالفات علاجية أفضل ومعالجة أنماط التواصل التي تسهم في تحديات العملاء.

علاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه الأسس أداة فعّالة في مجموعة متنوعة من المقاربات العلاجية، بما في ذلك العلاج الأسري، العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج النفسي الديناميكي. على سبيل المثال، في العلاج الأسري، يمكن أن يكشف فهم أنماط التواصل وفقًا لأسس واتزلاويك عن ديناميكيات ونزاعات الأسرة الكامنة. في العلاج السلوكي المعرفي، يمكن لهذه الأسس المساعدة في تحديد وإعادة هيكلة أنماط التواصل غير الملائمة.

الختام

توفر أسس التواصل لواتزلاويك رؤىً عميقة حول تعقيدات التفاعل البشري. في الإعدادات العلاجية، تعمل هذه الأسس كأداة قيمة لفهم وتسهيل التواصل الفعّال بين المعالجين والعملاء. تذكرنا هذه الأسس بأن التواصل متعدد الأبعاد، يشمل ليس فقط الكلمات ولكن أيضًا الجوانب العلاقية والسياقية للتفاعلات. من خلال تطبيق هذه المبادئ، يمكن للمعالجين تعميق فهمهم للعملاء، وتحسين النتائج العلاجية، والتنقل في رقصة التواصل البشري المعقدة بوعي ومهارة أكبر.

References

1.     Watzlawick, P., Beavin Bavelas, J., & Jackson, D. D. (1967). Pragmatics of Human Communication: A Study of Interactional Patterns, Pathologies, and Paradoxes. New York: W. W. Norton & Company.

2.    Watzlawick, P. (1978). How Real Is Real? Confusion, Disinformation, Communication. New York: Vintage Books.

3.    Haley, J. (1963). Strategies of Psychotherapy. New York: Grune & Stratton.

4.    Satir, V. (1972). Peoplemaking. Mountain View, CA: Science and Behavior Books.

5.    Minuchin, S. (1974). Families and Family Therapy. Cambridge, MA: Harvard University Press.

6.    Bateson, G. (1972). Steps to an Ecology of Mind: Collected Essays in Anthropology, Psychiatry, Evolution, and Epistemology. Chicago: University of Chicago Press.

7.    Rogers, C. R. (1961). On Becoming a Person: A Therapist’s View of Psychotherapy. London: Constable.

إقرأ أيضاً:

خطوات تُعدين بها طفلك المراهق لما بعد البلوغ

تمارين تنمي ذكاء الأطفال وقدرتهم على التفكير

أفكار لألعاب داخلية لتحفيز الأطفال الصغار

كيف تنمون حس المسؤولية لدى طفلكم

كيفية تنمية القدرات العقلية للطفل

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق