يعيش "سنقر"
على أطراف قرية كبيرة يسكن بها المزارعون والصناع والتجار والموظفون وأصحاب الحرف
والمهن المختلفة والعديدة... أما "سنقر" فلا يبحث أبداً عن عمل ولم يعرف
له أحد من سكان القرية حرفة أو مهنة.
وكان "سنقر"
ينام في النهار ويسهر بالليل ويتحرك في البلدة ليلاً كل يوم، حتى إنه يجوب أنحاء
البلدة كلها.
ويشاهده الناس كل يوم
يذهب إلى السوق رغم أنه ليس تاجراً يذهب للسوق ليمارس التجارة، ولا مزارع يبيع في
السوق منتجات حقله أو ماشيته أو طيوره، أو حتى منتجات هذه الماشية أو الطيور من
زبد وجبن وألبان أو بيض ودجاج وبط وأوز، ولا صانع يبيع المصنوعات التي يصنعها.
وذات مرة رآه أحد سكان
القرية وهو يبيع بعض المسروقات في السوق، ثم أخبره بأنه سوف يبلغ عمدة القرية عنه،
لكن سنقر أقسم لهذا الرجل أن هذه الأشياء تخص أحد أقاربه، وأن قريبه هذا مريض لا
يستطيع أن يأتي إلى السوق فأعطاها له كي يبيعها له.
وصدّقه الرجل ولم يبلغ
عنه العمدة، ومرت الأيام وقبل عيد الأضحى زادت سرقات الخرفان من القرية، وأخذ عمدة
القرية وخفرها يبحثون عن هذه الخرفان المسروقة، لكنهم لم يجدوها، وكان سنقر قد
وضعها في بيته الموجود على أطراف القرية، وكان يأخذ كل يوم خروف ليبيعه في أسواق
القرى الأخرى.
وقد شاهده إمام مسجد
القرية حينما كان يبيع الخروف الأخير من الخرفان المسروقة في سوق قرية مجاورة،
ولما عرف سنقر أن إمام الجامع قد عرفه، وعرف أنه يبيع خروف وهو ليس مزارع وليس
عنده خرفان... هنا ذهب سنقر إلى الشيخ وطلب منه ألا يخبر عنه أهل القرية ولا
عمدتها وأنه قد تاب إلى الله تعالى وأنه لن يعود إلى أعمال السرقة واللصوصية مرة
أخرى.
ووعده الشيخ بعد أن أخبر
سنقر بأن الله سبحانه وتعالى لا يحب السارق، بأنه لن يخبر عنه أحداً طالما أنه قد
تاب عن السرقة ولن يسرق مرة أخرى.
لكن سنقر الذي كان يبكي
أمام الشيخ الطيب كي لا يخبر أحداً عنه وعن سرقاته، انفجر في ضحك وسخرية من الشيخ
الذي صدق دموعه وتوسلاته المخادعة.
وكان يسكن بجوار
"سنقر" هذا أسرة فقيرة مكونة من أم وأربعة أطفال صغار يعملون ويزرعون
قطعة أرض صغيرة كان يملكها والدهم الذي مات منذ عام تقريباً.
لكنهم كانوا يكسبون قوتهم
من عمل أيديهم فهم فقراء لكنهم شرفاء.
وذات يوم اشترت هذه
الأسرة دجاجة من السوق لكي تطهيها على الغداء، ولكن الدجاجة تسللت وخرجت من باب
المنزل ليراها سنقر الذي كان يجلس أمام منزله، فأخذها وحبسها في منزله.
وأخذت أم الأطفال تبحث عن
الدجاجة فلم تجدها، وبدأ الأطفال الجياع يبحثون عن الدجاجة في كل مكان في المنزل
فلم يجدوها، فذهبوا يبحثون عنها خارج المنزل لعلهم يجدوها حتى وصلوا إلى منزل
جارهم سنقر الذي أنكر حتى رؤيته لهذه الدجاجة التي يبحثون عنها.
بل أن "سنقر" المخادع
تظاهر بأنه يبحث معهم عن الدجاجة، وما أن جاء المساء ولفّ الليل القرية بظلامه
الدامس، حتى أغلق سنقر أبواب منزله وذبح الدجاجة ثم قام بطبخها على النار وأكلها
وهو يسخر من الأولاد الذين يبحثون عن دجاجتهم الضائعة، وأنه عندما يطلع النهار
سيواصل البحث معهم عن الدجاجة ثم يأكل ويضحك ضحكات عالية ساخرة.
وأكل سنقر الدجاجة ثم نام...
وعندما قام في الصباح، وسار في القرية رأى أن كل الناس يتجمعون حوله وينظرون إليه
ويتعجبون، فأسرع إلى المرآة لينظر فيها ليعرف ما قد حدث لوجهه... لكنه فزع فزعا
شديداً وأخذ يداري وجهه من الناس... لقد نبت ريش الدجاجة كله في وجهه وأصبح وجهه
كله مليئا بريش الدجاجة... والأطفال يجرون وراءه ويقولون ... "حرامي الدجاجة
أهو أهو"... "حرامي الدجاجة أهو أهو".
وسار سنقر يختبئ من الناس
ويداري وجهه بيديه حتى وصل إلى باب منزل شيخ المسجد ذلك الرجل الطيب الذي يحبه كل
سكان القرية، ويلجئون إليه ليسألوه عن الحلول الصحيحة لمشاكلهم فيدلهم بكل حب
وإخلاص.
ودخل سنقر على الشيخ في
منزله وهو يداري وجهه وأخذ يعترف للشيخ بكل سرقاته وبكل أفعاله المخادعة مع الناس...
وأنه لا يريد الآن إلا أن يزيل هذا الريش من وجهه.
فقال له الشيخ هذا جزاء
من الله تعالى، ولقد أخبرتك من قبل أن الله لا يحب السارقين، وهذا كان جزاؤه في
الدنيا وإن لم يتب توبة نصوحة وخالصة سيعذبه الله في نار جهنم في الآخرة.
ثم قال له الشيخ إنك إذا
أخلصت التوبة لله تعالى وعزمت على إنك لن تعود للسرقة مرة أخرى وأن تعاهد الله على
أن تكسب رزقك من العمل الحلال فإنك ستنام وتقوم في الصباح لن تجد هذا الريش في
وجهك.
فتاب سنقر عن السرقة وأخذ
يبحث عن عمل شريف يتكسب منه... ثم نام وهو ينتظر أن يخلصه الله تعالى من هذا الريش
الذي يملأ وجهه..
غيضان
السيد علي
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال
إقرأ أيضًا
للمزيد
حدوثة
قبل النوم قصص للأطفال
كيف
تذاكر وتنجح وتتفوق
قصص
قصيرة معبرة
معالجة
المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
قصص
قصيرة مؤثرة
مراهقون:
مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
تربية
الأبناء والطلاب
مواضيع
حول التنمية
البشرية وتطوير الذات
أيضًا
وأيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق