الجمعة، 12 ديسمبر 2025

• لماذا يكرر الشباب والبنات نفس الأخطاء؟

لماذا يكرر الشباب الأخطاء رغم معرفة نتائجها؟

في سنوات الشباب، يعيش الإنسان مرحلة مليئة بالتجارب الجديدة، وتزدحم فيها المشاعر والأسئلة والقرارات التي تُشكّل ملامح شخصيته المستقبلية. وخلال هذا المسار، يُلاحظ الكثيرون أنهم يعيدون الوقوع في الأخطاء نفسها، سواء في العلاقات أو الدراسة أو العمل، رغم إدراكهم المسبق لنتائجها. هذا التكرار ليس مجرد ضعف أو نقص خبرة، بل ظاهرة إنسانية طبيعية لها جذور نفسية واجتماعية عميقة تستحق الفهم والتأمل.

يرتبط تكرار الأخطاء أولاً بالذاكرة العاطفية التي تدفع الإنسان أحياناً للعودة إلى تجارب مؤذية لمجرّد أنها مألوفة، أو مرتبطة بشعورٍ ما يبحث عنه دون وعي. فالعقل لا يتحكم وحده في قراراتنا، بل تتدخل مشاعر الخوف والحنين والرغبة في الأمان. وقد يميل البعض إلى البقاء في منطقة الراحة، حتى لو كانت مؤلمة، لأن الخروج منها يتطلب مواجهة المجهول وبذل جهد إضافي.

وتؤثر الأنماط المتجذّرة منذ الطفولة في اختيارات الشباب لاحقاً؛ إذ قد يعيد الفرد في علاقاته أو قراراته ما اعتاد عليه في سنواته الأولى، سواء كان تعلقاً قلقاً يجذبه نحو العلاقات غير المتوازنة، أو تعلقاً هروبياً يدفعه للهرب من الالتزام، أو سلوكاً مضطرباً يعيد فوضى الماضي في صور جديدة. كما يساهم نقص الوعي الذاتي في استمرار الخطأ، إذ قد يعيش الإنسان في دائرة متكررة لا يلاحظها إلا بعد زمن طويل.

وتلعب البيئة الاجتماعية دوراً مؤثراً في هذا التكرار، خاصة عندما يضغط المجتمع على الفرد لاتخاذ قرارات لا تشبهه، بدافع الخوف من الانتقاد أو رغبة في إرضاء الآخرين. وقد يتعزز هذا النمط بسبب ضعف مهارات الحياة الأساسية، مثل وضع الحدود، واتخاذ قرارات واعية، والقدرة على قول "لا"، إضافة إلى الجروح النفسية غير المعالَجة التي تدفع الشخص لمحاولة إصلاح الماضي من خلال تجارب جديدة لكنها تحمل الوجع نفسه.

ولكسر هذه الدائرة، يبدأ الأمر بالاعتراف بوجود النمط، ثم فهم أسبابه العميقة، والسعي لتعويض الاحتياجات العاطفية بطرق صحية. كما يساعد اكتساب مهارات جديدة، وتعزيز تقدير الذات، والبحث عن الدعم عند الحاجة، على اتخاذ قرارات أكثر وعياً. فالتغيير الحقيقي يأتي من الداخل، حين يقرر الإنسان أن يحترم نفسه ويمنحها فرصة لعيش حياة مختلفة.

في النهاية، تكرار الأخطاء ليس قدراً ثابتاً، بل مرحلة يمكن تجاوزها حين نفهم جذورها ونمتلك الشجاعة للتخلص من المألوف المؤذي. ومع الوعي والنضج، يصبح الإنسان قادراً على السير في طريق يصنعه بنفسه، بعيداً عن الدوائر التي أثقلت قلبه طويلاً.

 فيسبوك: https://www.facebook.com/ali.ramadan.206789

منصة أكس: https://x.com/AliRamadan54

 جديدنا كتاب:

 100 قصة حب من كل زمان ومكان

إقرأ أيضاً:

ست فوائد مدهشة تجعل الرحلة المدرسية تغيّر طفلك

نظرية التسعة: خطوات يومية تبني طفلا واثقاً ومتوازناً

لماذا يشعر الشباب اليوم بالوحدة رغم كثرة الأصدقاء

قصة للأطفال: العجوز ذات اليد الحديدية

قصة للأطفال: الشجرة الكريمة

 للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق