الحياة
لم تعد كما كانت، طغت المادة وأصبحت كماليات الأمس ضرورات اليوم، وصار كسب العيش
لا يحتاج للحد الأدنى من المهارات، بل يحتاج ذهنًا واعيًا يقتنص الفرصة إذا وجدها،
ويصنعها إن لم يجدها.
كان العرب أيام عزهم لا يكتفون بتعليم
أبنائهم مهارات القراءة والكتابة فقط؛ بل يمتد تعليمهم مهارات الحياة التي يحتاجون
إليها، ومن كلمات الحجاج لمؤدب بنيه: "علمهم السباحة قبل الكتابة، فإنهم
يجدون من يكتب عنهم، ولا يجدون من يسبح عنهم". وقد قيل قديمًا: "علموا
أولادكم السباحة والرمي والفروسية". لأن متقن هذه المهارات كان مميزًا في
قومه.
واليوم وجب تنمية بعض المهارات التي صار
لها أهمية في واقعنا المعاصر، ومن هذه المهارات:
· مهارات
الاستنتاج والتخيل والاستدلال، فلا تجيبه على أسئلته مباشرة بل ناقشه وساعده في
التوصل إلى الإجابة. إذا قال لك ولدك: من أين يأتي الماء الذي نشربه؟ لا تقل من
الصنبور أو من النهر، بل قل له: ماذا تظن أنت؟ فإن قال لك: من الحائط، قل له: كيف؟
وخذه خطوة خطوة إلى الإجابة الصحيحة. نحن نخطئ عندما نتخيل أن المعلومة التي
نعطيها للابن هي التي تساعد على اتساع مداركه، والصحيح أن ما يساعده وينميه هو
إعمال العقل للتوصل إلى تلك المعلومة، ولذلك يقول آينشتاين: "التخيل أعظم قوة
من العلم".
· مهارة
أخرى يجب أن نعلمها لأبنائنا، وهي مهارة طرح البدائل والتفكير الإيجابي، بمعنى إذا
قال لك: لا أريد أن أذهب إلى المدرسة، قل له حسنًا وبعد ذلك، أريدك أن تعطني
بدائل.
· كذلك
الفت نظره إلى المقارنات الحياتية، قل له: لماذا فلان من الناس طبيب مشهور يحترمه
الجميع، وهذا شحاد يتسول ولا يعبأ به أحد؟ هذا يساعد الولد في أن يدرك أن لكل سبب
نتيجة، وأن قانون الصدفة وخبطات الحظ ليست منهجًا للحياة.
· علمه
الالتزام بالوعد، أعهد إليه بمهمة وحدد له زمنًا للقيام بها، وكن حريصًا على
متابعته، ومن ثم إشعاره بأهمية التزامه بما يقول.
· علمه
كيف يدير وقته ويتحكم فيه بعمل جدول للمذاكرة، وترتيب مواعيد اللعب ومشاهدة
التلفاز، وزيارة صديقه.
· كذلك
أدب الحديث، وتقبل وجهات النظر التي يختلف معها، والنظر بعقلانية إلى الأمور
والتحكم في ردود أفعاله.
هذه المهارات وغيرها من حب النجاح
والتفوق والطموح، ومساعدة الآخرين وبذل الخير والعمل الجماعي، تنمو من خلال
التعود، فالخير والشر والطموح والبلادة عادات يكتسبها المرء من طول تعوده عليها،
ومن حسن ممارستها من قبل المحيطين به.
قلل من تعلق ابنك بالشاشات
إقرأ أيضًا
قلل من تعلق ابنك بالشاشات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق