يمكننا الاستفادة من الفوائد اليوسفية التي
ذكرت في قصة يعقوب عليه السلام مع أولاده في القرآن الكريم، وهي منهج تربوي عظيم، فيوسف
عليه السلام لديه أحد عشر أخًا... واحد من أمه وعشرة إخوة غير أشقاء من أم ثانية،
وقد عاشوا في فلسطين، وذكر القرآن الكريم قصتهم لتكون دستورًا لمن ينشد التربية
المتميزة وفيها فوائد كثيرة منها:
·
قرب الوالد من ابنه، ويتضح ذلك من خلال
حديث يوسف مع أبيه عما رآه بالمنام، وهذا يدل على حميمية العلاقة بين الطرفين
وقوتها وهي سر النجاح التربوي.
·
النظرة المستقبلية للآباء، فقد أخبره
أبوه بأن الله (سيجتبيه) أي يختاره في المستقبل ليكون له شأن وقد كان بأن صار نبيًا
ووزيرًا.
·
معرفة الواقع الاجتماعي وكيفية التعامل
معه وخاصة بيئته العائلية، فقد تحدث والده معه عن الحسد والغيرة الموجودة لدى إخوانه
غير الأشقاء وأنه عليه أن يكتم ما رآه من بشارات مستقبلية عنهم حتى لا يتسلل الشر
إلى قلوبهم.
·
وجّه الأب ابنه نحو العدو الأكبر وهو
الشيطان، والذي يهمه تفكيك الأسرة وعدم استقرارها والتفرقة بين الإخوان فقال: (إن
الشيطان للإنسان عدو مبين)، وكأنه في هذه اللفتة يركز الجهود نحو الشيطان بدلاً من
كراهية الإخوان.
·
المحافظة على الهوية وتاريخ العائلة
وسمعة الأجداد وأن هذه نعمة عظيمة فقد قال (ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما
أتمها على أبويك من قبل).
وواضح من هذه اللفتات التربوية أن الأب يعرف
دوره التربوي جيدًا، ومستوعب لواقعه، وعارف كل ولد من أولاده كيف يفكر ويخطط،
ولهذا ركز على خمس قيم تربوية مهمة وهي: (القرب والتخطيط ومعرفة الواقع وتوحيد
الجهود نحو العدو الأول والمحافظة على التاريخ والهوية) فهذه خمس فوائد يوسفية
خاصة للآباء نحتاجها في حياتنا التربوية..
إن المنهج القرآني وضع بكلمات قليلة أساسيات التربية
الصحيحة والمتميزة والتي نبحث عنها في الكتب الأجنبية... وهناك أيضًا فوائد يوسفية
خاصة بالأبناء تزيد الآباء علمًا ومعرفة بشخصية أبنائهم ومنها:
·
إن الأطفال أذكياء ومبدعون ويعلمون ماذا
يريد الكبار وكيف يتكلمون معهم، فإخوة يوسف استخدموا حيلة اللعب في حوارهم مع
أبيهم ليأخذوا يوسف للعب معهم، واللعب هو متعة الصغير وحياته، ومن الصعب أن يمنع
الآباء أبناءهم من الترفيه واللعب، وهذا يسمى ذكاء مكانيًا.
·
إن الأبناء يختارون الألفاظ الذكية
لإقناع الكبار، ولهذا قالوا لوالدهم: (إنا له لحافظون)، لأنهم يعرفون انه يخاف على
يوسف فأعطوه الأمان وهذا هو الذكاء الاجتماعي.
·
قدرة الأطفال على التمثيل باختيار الوقت
المناسب لاقناع الكبار، فقد اختاروا أن يأتوا للبيت وقت العشاء، خلافًا لعادة
أطفال بني اسرائيل الذين يرجعون لبيوتهم قبل غروب الشمس، ولكنهم اختاروا وقت
العشاء للاستفادة من شدة الظلام حتى لا يكتشف والدهم خدعة القميص وخدعة الدموع،
وهذا اختيار فيه ابداع ويسمى ذكاء منطقيًا.
·
معرفة الصغار توقعات تفكير الكبار، فأولاد
يعقوب يعرفون أن والدهم لن يصدقهم بالحادثة، فاستبقوا الألفاظ والمواقف وقالوا:
(وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)، وهذا ذكاء استباقي ينم عن عقلية مستقبلية
متميزة وهي نتاج تربية يعقوب عليه السلام لأبنائه إلا أنهم استخدموا هذه المهارة
في غير محلها الصحيح ..
·
ليست كل المشاكل التربوية تعالج فورًا
وإنما تحتاج لوقت وصبر واستعانة بالله واستشارة أهل الخبرة، فمشكلة إخوة يوسف تمت
معالجتها من بداية المشكلة بالصبر والاحتساب لله، ولكن حصلت النتيجة الإيجابية بعد
40 سنة عندما اجتمعت العائلة كلها واعتذر الإخوة ليوسف على ما فعلوا، واعترفوا له
بخطئهم، فعفى عنهم.
وكانت نهاية القصة بالتركيز على المفهومين
التربويين (الاعتذار والعفو)، وهذا هو شأن طريق التربية دائمًا، أوله شاق وأتراح
وآخره سعادة وأفراح ..
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق