متاحف الأطفال
لماذا متاحف الأطفال؟ إنها إحدى الفرص الأكيدة لتنمية امتداد التعليم والاكتشاف خارج أسوار المدرسة والمنزل، لكونها بيئة جاذبة وقادرة على تنمية خيال الطفل وربطه بالتنوّع والتعايش، كما أنّها نافذة لاستحضار التراكم التاريخي لكل مجتمع، وتعتبر بيئة خصبة ليشاهد الطفل ويراقب، ثم يحلّل ويستنتج ويبتكر ويتخيل، وينظم أفكاره وينمّي بالتالي جوانب التفكير لديه.
يُعرف مصطلح متاحف الأطفال، وفقًا لجمعية متاحف الأطفال 2008، بأنه أماكن مخصصة لتعليم الأطفال الأقل من 10 أعوام، تحتوي على بيئة استكشافية مصممة للتعلّم باللعب، ويتم التعلّم فيها من خلال تجارب ومشاهدات جسدية، ونفسية، وعاطفية، وفكرية.
ومع التسارُع الزمني الذي يعيشه الطفل، أصبحت التربية والتعليم في مواجهة جيل يمتلك أدوات مختلفة ومتغايرة لصناعة مستقبل أكثر إبداعًا، إنّها فرصتهم للتحول في عالَمٍ يزداد تعقيدًا، منغمس بطوفان هائل من التقنية، لذلك كان من المهمّ أن نغرس فيهم لمحات من الماضي، وأحيانًا لمحات من المستقبل، والعامل المشترك بينهما التأمل، هذه المهارة التي يحتاج إليها الأطفال لخطواتهم الأولى نحو الانفتاح والتمسّك بالحضارة، بالفكر، بالجمال.
إلّا أن الدول المتقدمة سبقتنا بمراحل، واهتمت بمتاحف الأطفال، حيث يوجد في أمريكا 190 متحفًا للأطفال، وفي تكساس وحدها يوجد 15 متحفًا متخصصًا، إيمانًا بأنّها نافذة لا يُستهان بها مع الطفل لثراء روحي وعقلي.
أصبحت متاحف الأطفال في الدول المتقدمة تُدرج ضمن قائمة الواجهات التعليمية والسياحية والعائلية، ويوجد لها رحلات ميدانية، ويبتكرون لها أنشطة عملية تلامس الحواس التي هي مفاتيح فهم الحياة لدى الطفل.
تقول عالِمة الأطفال منتسوري :«الحواس لدى الطفل هي أبواب المعرفة»، فتقام مسرحيات حيوية ترفيهية أو موسيقية، وعادة ما يتمّ ربطها بموضوع محدد، وترتبط بالخيال والإبداع، وتدمج باللعب التلقائي الممتع، والتأمل ثمّ الرسم والغناء.
أنواع متاحف الأطفال وتأثيرها
أولًا: متاحف العلوم بيئة استكشافية تميل إلى وجود مجسمات، ويمكن توفير هذه البيئة في المدرسة أو الروضة من خلال قاعة نشاط تحتوي على مجسّمات للإنسان أو للحيوان أو للطبيعة، المشاهد المثيرة داخلها تساعد في إثارة تفكير الطفل، ومن ثمّ طرح الأسئلة وإبداء الملاحظات، تنمّي بالتدريج التعلّم الفضولي الطبيعي لدى الطفل القائم على الأحداث والمواقف والمشاهدات والخيال، وهو جوهر العملية التعليمية.
ثانيًا: متاحف التاريخ هي المتاحف التي تُشكّل العيّنات المعروضة بداخلها هوية ثقافيّة وتراثية ترتبط بالمكان، وغالبًا لا تتوافر بالمدارس أو بالأماكن الرسمية، بل تكاد تكون محدودة ترتبط بشكل أكبر بالوزارات والهيئات، إنّها أداة من أدوات تفسير الماضي والتاريخ والإرث .وعادة ما ترتبط بأشخاص وبمواقف تاريخية، لذلك أفضل طريقة لعرضها للطفل من خلال القصص الدرامية، وقد وصف ويكنز(2012) استخدام نشاط سرد القصص لأطفال ما قبل المدرسة أثناء زيارة المتاحف بأنه جزء من هيكل ثلاثي الأوضاع
ثالثًا: متاحف المعارض الفنية أماكن يتمّ عرض عدد من الأعمال الفنية واللوحات الثمينة والنادرة، والمتاحف الفنية المخصصة للكبار عادة لا يرحّب فيها بزيارة الأطفال، لكونها تميل إلى الجانب التجريدي، ولها أنظمة وقوانين قد لا تناسب الأطفال أثناء الزيارة.
بيئة خصبة
برهنت بعض الأبحاث على أنّ المتاحف تعدّ بيئة خصبة لخيال الطفل، وينصحُ كثير من المتخصصين بالطفولة لزيارتها مع الطفل، مع وجود حرّاس الأمن الدائمين. وما يؤكد ذلك ما قام به ميلوتينو )2010) الذي أعدّ نموذجًا لأنشطة متعددة تثير التعلّم بالحواس بواسطة المتاحف من خلال برنامج تعليمي مدته 6 أشهر، بعنوان «أشعر بالفن» في معرض Matica srpska في صربيا.
وقد ساهم الباحث في إثراء هذا البرنامج بهدف تشجيع الأطفال على توظيف جميع الحواس عند مواجهة الأعمال الفنية، ويقدّم مثالًا على نوع التفاعل بين الطفل والبيئة والبالغين، وبعد إنهاء البرنامج كانت النتائج كالتالي:
· أدرك الأطفال ما يمكن أن ينتج عن اللوحات من أصوات، مثل أمواج البحر وبركان ثائر وطيور وضفادع وأوراق الأشجار، وقلّدوا الأصوات باستخدام الآلات الموسيقية.
· كشفت النتائج عن أوصاف الأطفال للوحات أو الأشياء التي تعكس تطوّر الاهتمام والقدرة على المشاركة والحديث، وفي وصف أنشطة المتحف الفنية وتأثيرها على كل الحواس.
القيمة التعليمية لمتاحف الأطفال
يعتقد البعض أنّ متاحف الأطفال أسلوب للرفاهية، لكنّها أثبتت مدى فاعليتها لهم وللناشئين، فهي بيئة مناسبة لتقديم تاريخ الكائنات الحية «الإنسانية، والحيوانية، والنباتية»، أو معالم الكون بما يحتويه بشكل فنّي مثير وجذّاب، كما أنّ لاستراتيجية الاستقصاء دورًا كبيرًا في تحفيز «إجراءات التفكير» من خلال المتاحف التي تساعد على تشجيع الأطفال على الرؤية والتفكير والتساؤل عند مواجهة كائن أو صورة أو مجسّم جديد.
وبشكل عام وبمختلف أنواع المتاحف التي سيزورها الطفل، وجد أنها تساهم في إثراء معارف ومهارات مختلفة، منها الهندسة، والرياضيات، والاكتشاف، والتكنولوجيا، والحيوانات، والتراث، ومهارة البحث ووضع الفرضيات.
وفي دراسة أجراها البروفيسور Jessica. Luke من جامعة واشنطن (2013) لمعرفة القيمة التعليمية من المتاحف، أظهرت نتائجها ما يلي:
· أن متاحف الأطفال بيئة مناسبة لتحفيز الإثارة لدى الطفل.
· لها قدرة في خلق بيئة تفاعلية بين التعلّم واللعب عن طريق الحواس.
· لها تأثير في النمو الاجتماعي والعاطفي لدى الطفل.
وفي الدراسة نفسها طالبت بالتركيز على المحتوى الذي تقدّمه متاحف الأطفال بشكل يناسب قدراتهم ويلائم خصائصهم.
كما أنّ هناك متاحف عالمية متخصصة للطفل تضمّ جميع أنواع العلوم والفنون بوجود 11 قاعة متخصصة لعرض العلوم الطبيعية، والفيزيائية، والتاريخ، والفنون وثقافات العالم.
ومن أفضل متاحف الأطفال حول العالم متحف إنديانابوليس بولاية إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بإثراء حياة الطفل، يبلغ مساحة المنشأة 480 ألف قدم مربّعة، وتعدّ هذه المساحة أكبر متحف للأطفال حول العالم، كما توجد بها هياكل عظمية لديناصورات ضخمة جدًا يقوم الطفل بمشاهدتها وملامستها للتعرّف إلى الديناصورات وتأثيرها في التاريخ والجيولوجيا، وتضمّ مساحة خارجية واسعة للرياضة والنشاط، ومنطقة للصعود إلى «منزل الشجرة»، وصياغة تلك القصص العلمية الخيالية التي تنير عقل الطفل وتلامس شغفه وتوسّع مداه.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
كيف تربين أطفالاً
يعتمدون على أنفسهم
ألعاب الكومبيوتر
ليست شراً... ولكن
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق