الجمعة، 11 نوفمبر 2016

• نظريات التوجيه والإرشاد وتطبيقاتها الميدانية

قام الباحثون بعدة دراسات في مجال السلوك الإنساني.. تمخضت عنها هذه النظريات في التوجيه والإرشاد، وقد وُضعت هذه النظريات في شكل واضح يبين الأسباب المتوقعة للمشكلات التي قد يعاني منها الطالب المسترشد، ثم وضع الطرق الملائمة لتعديل السلوكات غير المرغوبة إلى سلوكات سوية، وشرح الطرق الملائمة لتحقيق الهدف.

  إن دراسة هذه التصورات تعطي تصوراً للدور الذي يجب على المرشد القيام به، فالنظرية التي يمارس المرشد عمله في إطارها تحدد بدرجة كبيرة سلوكه في العلمية الإرشادية، مع إمكانياته الاستعانة بنظريات أخرى تساعده على القيام بدوره في المقابلة مثلاً، أو تشخيص الحالة أو في البرنامج العلاجي المقترح لهذه الحالة، وكما أن النظريات في التوجيه والإرشاد تعطي تصوراً عن الشخصية وخصائص النمو الإنساني ومراحله ومشكلاته فإن على المرشد الطلابي أن يستفيد منها في ممارسة عمله المهني المتخصص بما لا يتعارض مع عقيدته وقيمة وآداب مجتمعه.
وهذه النظريات كثيرة مما حدا بأحد علماء النفس بتشبيهها بالغابة الكثيفة الأشجار، ولكننا اخترنا بعض النظريات حيث روعي في عرضها الإشارة للأفكار الرئيسية التي تقوم عليها النظرية وتطبيقاتها العملية لتحمل بعض الأمثلة من واقع الممارسة الإرشادية ليختار المرشد الطلابي ما يتناسب مع أساليبه وطرقه التي يستخدمها مع المسترشد، ومن هذه النظريات نظرية الذات ونظرية الإرشاد العقلاني والانفعالي، والنظرية السلوكية ونظرية التحليل النفسي.
أولاً: نظرية الذات
تعتمد على أسلوب الإرشاد غير المباشر يطلق عليها (الإرشاد المتمركز حول المسترشد (العميل)، وصاحبها (كارل روجرز) النظرية ترى أن الذات تتكون وتتحقق من خلال النموالإيجابي، وتتمثل في بعض العناصر كصفات الفرد وقدراته والمفاهيم التي يكونها داخله نحو ذاته والآخرين والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، وكذلك عن خبراته وعن الناس المحيطين به، وهي تمثل صورة الفرد وجوهره وحيويته، لذا فإن فهم الإنسان لذاته له أثر كبير في سلوكه من حيث السواء أو الانحراف، وتعاون المسترشد مع المرشد أمر أساسي في نجاح عملية الإرشاد فلا بد من فهم ذات المسترشد (العميل) كما يتصورها بنفسه، ولذلك فإنه من المهم دراسة خبرات الفرد وتجاربه وتصوراته عن نفسه والآخرين من حوله.
ويمكن تحديد جوانب اهتمامات هذه النظرية من خلال التالي:
1)   إن الفرد يعيش في عالم متغير من خلال خبرته، ويدركه ويعتبره مركزه ومحوره.
2)   يتوقف تفاعل الفرد عن العالم الخارجي وفقاً لخبرته وإدراكه لها لما يمثل الواقع لديه .
3)   يكون تفاعل الفرد واستجابته مع ما يحيط به بشكل كلي ومنظم .
4)   معظم الأساليب السلوكية التي يختارها الفرد تكون متوافقة مع مفهوم الذات لديه  .
5)   التكيف النفسي يتم عندما يتمكن الفرد من استيعاب جميع خبراته وإعطائها معنى يتلاءم ويتناسق مع مفهوم الذات لديه .
6)   سوء التوافق والتوتر النفسي ينتج عندما يفشل الفرد في استيعاب، وتنظيم الخبرات الحسية العقلية التي يمر بها .
7)   الخبرات التي لا تتوافق مع مكونات ذات الفرد تعتبر مهددة لكيانها، فالذات عندما تواجهها مثل هذه الخبرات تزداد تماسكاً وتنظيماً للمحافظة على كيانها .
8)   الخبرات المتوافقة مع الذات يتفحصها الفرد ثم يستوعبها، وتعمل الذات على احتوائها، وبالتالي تزيد من قدرة الفرد على تفهم الآخرين وتقبلهم كأفراد مستقلين .
9)   ازدياد الاستيعاب الواعي لخبرات الفرد يساعده على تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تم استيعابها بشكل خاطئ، وتؤدي إلى تكوين منهج أو سلوك خاطئ لدى الفرد .
تطبيقات النظرية: 
يمكن للمرشد الطلابي إتباع الإجراءات التالية:
1)   اعتبار المسترشد كفرد وليس مشكلة ليحاول المرشد الطلابي فهم اتجاهاته وأثرها على مشكلته من خلال ترك المسترشد يعـبر عن مشكلته بحرية حتى يتحرر من التوتر الانفعالي الداخلي.
2)   المراحل التي يسلكها المرشد في ضوء هذه النظرية تتمثل في الآتي:
ü   مرحلة الاستطلاع والاستكشاف: يمكن التعرف على الصعوبات التي تعيق المسترشد، وتسبب له القلق والضيق والتعرف على جوانب القوة لديه لتقويمها، والجوانب السلبية من خلال الجلسات الإرشادية، ومقابلة ولي أمره أوأخوته ومدرسيه ومن يعرفه، لمساعدته على فهم شخصيته واستغلال الجوانب الإيجابية منها في تحقيق أهدافه كما يريد.
ü  مرحلة التوضيح وتحقيق القيم: يزيد وعي المسترشد ويزيد فهمه وإدراكه للقيم الحقيقية التي لها مكانة لديه من خلال الأسئلة التي يوجهها المرشد، والتي يمكن معها إزالة التوتر لدى المسترشد .
ü  المكافأة وتعزيز الاستجابات: تعتمد على توضيح المرشد لمدى تقدم المسترشد في الاتجاه، والتأكيد  له بأن ذلك خطوة أولية في التغلب على الاضطرابات الانفعالية .
ثانياً : نظرية الإرشاد العقلاني والانفعالي :
صاحبها ألبرت أليس وهو عالم نفسي إكلينكي اهتم بالتوجيه والإرشاد المدرسي والإرشاد الزواجي والأسري، وهذه النظرية ترى بأن الناس ينقسمون إلى قسمين، واقعيون، وغير واقعيين، وأن أفكارهم تؤثر على سلوكهم فهم بالتالي عرضة للمشاعر السلبية مثل القلق والعدوان والشعور بالذنب بسبب تفكيرهم اللا واقعي وحالتهم الانفعالية، والتي يمكن التغلب عليها بتنمية قدرة الفرد العقلية وزيادة درجة إدراكه.
تطبيقات النظرية
يمكن للمرشد الطلابي من خلال هذه النظرية القيام بالإجراءات التالية:
1)   أهمية التعرف على أسباب المشكلة، أي الأسباب غير المنطقية التي يعتقد بها المسترشد أنها تؤثر على إدراكه وتجعله مضطرباً كتصور الطالب بأنه غير قادر على الدراسة في قسم العلوم الطبيعية في المرحلة الثانوية .
2)   إعادة تنظيم إدراك وتفكير المسترشد عن طريق التخلص من أسباب المشكلة ليصل إلى مرحلة الاستبصار للعلاقة بين النواحي الانفعالية والأفكار والمعتقدات والحدث الذي وقع فيه المسترشد .
3)   من الأساليب المختلفة التي تمكن المرشد الطلابي من مساعدة المسترشد للتغلب على التفكير اللامنطقي هي:
ü  إقناع المسترشد على جعل هذه الأفكار في مستوى وعيه وانتباهه ومساعدته على فهم (غير المنطقية) منها لديه.
ü  توضيح له بأن هذه الأفكار سبب مشاكله واضطرابه الانفعالي.
ü  تدريبه على إعادة تنظيم أفكاره وإدراكه وتغيير الأفكار اللا منطقية الموجودة لديه ليصبح أكثر فعالية، واعتماداً على نفسه في الحاضر والمستقبل.
ü  إتباع المرشد الطلابي لأسلوب المنطق، والأساليب المساعدة لتحقيق عملية الاستبصار لكسب ثقة المسترشد .
ü  استخدام أساليب الارتباط الإجرائي والمناقشات الفلسفية، والنقد الموضوعي في  أداء الواجبات المنزلية مثلاً  وهذه من أهم جوانب العملية الإرشادية.
4)   العمل على مهاجمة الأفكار اللامنطقية لدى المسترشد بإتباع الأساليب التالية:
ü  رفض الكذب وأساليب الدعاية الهدامة والانحرافات التي يؤمن به الفرد غير العقلاني.
ü  تشجيع المرشد للمسترشد في بعض المواقف وإقناعه على القيام بسلوك يعتقد المسترشد أنه خاطئ ولم يتم، فيجبره على القيام بهذا السلوك .
ü  مهاجمة الأفكار والحيل الدفاعية التي توصل المرشد إلى معرفتها من خلال الجلسات الإرشادية مع المسترشد، وإبدالها بأفكار أخرى مقبولة اجتماعياً .
ثالثاً: النظرية السلوكية
يرى أصحابها بأن السلوك الإنساني عادات يتعلمها الفرد، ويكتسبها خلال مراحل نموه المختلفة، ويتحكم في تكوينها قوانين الدماغ، وهي قوى الكف، وقوى الاستثارة اللتان تسيران مجموعة الاستجابات الشرطية، ويرجعون ذلك للعوامل البيئية التي يتعرض لها الفرد.
وهذه النظرية تدور حول محور عملية التعلم في اكتساب التعلم الجديد أو في إطفائه أو إعادته، ولذا فإن السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم، وأن سلوك الفرد قابل للتعديل أو التغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة .
يقوم المرشد الطلابي بتحمل مسئوليته في العملية الإرشادية وذلك لكونه أكثر تفهماً للمسترشد من خلال قيامه بالإجراءات التالية:
1)   وضع أهداف مرغوب فيها لدى المسترشد وأن يستمر المرشد بالعمل معه حتى يصل إلى أهدافه .
2)   معرفة المرشد للحدود والأهداف التي يصبو إليها المسترشد من خلال المقابلات الأولية معه .
3)   إدراكه بأن السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم وقابل للتغيير .
4)   معرفة أسس التعلم الاجتماعي وتأثيرها على المسترشد من خلال التغيرات التي تطرأ على سلوكه خارج نطاق الجلسات الإرشادية .
5)   صياغة أساليب إرشادية إجرائية عديدة لمساعدته على حل مشكلاته .
6)   توقيت التعزيز المناسب من قبل المرشد عامل مساعد في تحديد السلوك المطلوب من المسترشد، وقدرته على استنتاج السلوك المراد تعزيزه.
المبادئ التي ترتكز عليها النظرية السلوكية في تعديل السلوك :
من المبادئ والإجراءات التي يُعتمد عليها ويحتاجها المرشد لتطبيقها كلها أو اختيار بعضها في التعامل مع المسترشد من خلال العلاقة الإرشادية على النحو التالي:
1)   الإشراط الإجرائي: ويطلق عليه مبادئ التعلم ويؤكد على الاستجابات التي تؤثر على الفرد، لذا فإن التعلم يحدث إذا عقب السلوك حدث في البيئة يؤدي إلى إشباع حاجة الفرد، واحتمال تكرار السلوك المشبع في المستقبل، وهكذا تحدث الاستجابة ويحدث التعلم أي النتيجة التي تؤدي إلى تعلم السلوك وليس المثير، ويرتبط التعلم الإجرائي في أسلوب التعزيز الذي يصاحب التعلم، وصاحب هذا الإجراء هو الإجراء إذا كان وجود النتيجة يتوقف على الاستجابة، ولهذا الإجراء استخدامات كثيرة في مجال التوجيه والإرشاد والعلاج السلوكي وتعديل سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والعيادات ولها استخداماتها في التعليم والتدريب والإدارة والعلاقات العامة .
2)   التعزيز أو التدعيم :يعتبر من أساسيات عملية التعلم الإجرائي والإرشاد السلوكي ومن أهم مبادئ تعديل السلوك لعمله على تقوية النتائج المرغوبة لذا يطلق عليه (الثواب أو التعزيز) فإذا كان حدث ما (نتيجة) يعقب إتمام استجابة (سلوك) يزداد احتمال حدوث الاستجابة مرة أخرى يسمى هذا الحدث اللاحق معزز أو مدعم. التعزيز نوعان هما:
ü  التعزيز الإيجابي: وهو حدث سار كحدث لاحق (نتيجة) لاستجابة ما (سلوك) إذا كان الحدث يؤدي إلى زيادة استمرار قيام السلوك... مثال: طالب يجيب على سؤال أحد المعلمين فيشكره المعلم ويثني عليه. فيعاود الطالب الرغبة في الإجابة على أسئلة المعلم:
ü  التعزيز السلبي: ويتعلق بالمواقف السلبية والبغيضة والمؤلمة فإذا كان استبعاد حدث منفر يتلو حدوث سلوك بما يؤدي إلى زيادة حدوث هذا السلوك، فإن استبعاد هذا الحدث يطلق عليه تدعيم أو تعزيز سلبي. مثال: فرد لديه حالة أرق بدأ يقرأ في صحيفة فاستسلم للنوم نجد أنه فيما بعد يقرأ الصحيفة عندما يرغب النوم .
3)   التعليم بالتقليد والملاحظة والمحاكاة: وتتركز أهميته في أن الفرد يتعلم السلوك من خلال الملاحظة والتقليد، فالطفل يبدأ بتقليد الكبار يقلد بعضهم بعضاً، وعادة يكتسب الأفراد سلوكهم من خلال مشاهدة نماذج في البيئة، وقيامهم بتقليدها في العملية الإرشادية في تغيير السلوك وتعديله، وإعداد نماذج للسلوك السوي على أشرطة (كاسيت) أو أشرطة فيديو أو أفلام أو قصص سير هادفة لحياة أشخاص مؤثرين ذوي أهمية كبيرة على الناشئة، وكذلك نماذج من حياتنا المعاصرة فمحاكاة السلوك المرغوب من خلال الملاحظة يعتمد على الانتباه والحفظ واستعادة الحركات والهدف أوالحافز، إذ يجب أن يكون سلوك النماذج أو المثال هدفاً يرغب فيه المسترشد رغبة شديدة، فجهد مثل هذا يمثل أهمية كبيرة للمسترشد وذا تأثير قوي عليه، ويمكن استخدام النموذج الاجتماعي في الحالات الفردية والإرشاد والعلاج الجماعي .
4)   العقاب: ويتمثل في الحدث الذي يعقب الاستجابة والذي يؤدي إلى أضعاف الاستجابة التي تعقب ظهور العقوبة، أو التوقف عن هذه الاستجابة وينقسم العقاب إلى قسمين هما:
ü  العقاب الإيجابي: ويتمثل في ظهور حدث منفر (مؤلم) للفرد بعد استجابة ما يؤدي إلى إضعاف هذه الاستجابة أو توقيفها، ومن أمثلة ذلك العقاب (العقاب البدني) والتوبيخ بعد قيام الفرد بسلوك غير مرغوب إذا كان ذلك يؤدي إلى نقص السلوك أو توقفه. ونؤكد بأن أسلوب استخدام العقاب البدني محذور على المرشد الطلابي وكذا المعلمين.
ü  العقاب السلبي: وهو استبعاد حدث سار للفرد يعقب أي استجابة مما يؤدي إلى إضعافها أو اختفاءها مثال: حرمان الأبناء من مشاهدة بعض برامج التلفاز، وتوجيههم لمذاكرة دروسهم، وحل واجباتهم فإن هذا الإجراء يعمل على تقليل السلوك غير المرغوب، وهو عدم الاستذكار، ولكنه يحرمهم من البرامج المحببة لديهم، يسمي عقاباً سلبياً، ويفضل المرشدون والمعالجون النفسيون أسلوب العقاب في معالجة الكثير من الحالات التي يتعاملون بها .
5)   التشكيل: وهي عملية تعلم سلوك مركب وتتطلب تعزيز بعض أنواع السلوك وعدم تعزيز أنواع أخرى ويتم من خلال استخدام القوانين التالية:
ü  الانطفاء أو الإطفاء أو الإغفال أو المحو: بانخفاض السلوك في حال توقف التعزيز سواء أكان بشكل مستمر أو منقطع، فيحدث الانطفاء، وتفيد في تغيير السلوك وتعديله وتطويره، ويتم من خلال إهمال السلوك وتجاهله وعدم الانتباه إليه أو عن طريق وضع صعوبات أو معوقات أمام الفرد مما يعوق اكتساب السلوك ويعمل على تلاشيه مثال ذلك: الطالب الذي تصدر منه أحياناً كلمات غير مناسبة كالتنابز بالألقاب مثلاً من وسائل التعامل مع هذا هو إغفاله وتجاهله تماماً مما يؤدي إلى الكف عن ممارسة هذا السلوك.
ü   التعميم: يحدث نتيجة لأثر تدعيم السلوك مما يؤدي إلى تعميم المثير على مواقف أخرى مثيراتها شبيهة بالمثير الأول أو تعميم الاستجابة أخرى مشابهة، ومن أمثلة التعميم  مثال على تعميم المثير: الطفل الذي يتحدث عن أمور معينة في وجود أفراد أسرته (مثير) قد يتحدث عن هذه الأمور بنفس الطريقة مع ضيوف الأسرة (مثير)، فسلوك الطفل تم تعميمه على مواقف أخرى، ولذا نجد مثل هذه الحالات في الفصل الدراسي ويمكن تعميم السلوكيات المرغوب فيها لبقية زملاء الدراسة .مثال على تعميم الاستجابة :تتغير استجابة شخص إذا تأثرت استجابات أخرى لديه فلو امتدحنا هذا الشخص لتبسمه (استجابة) فإنه قد يزيد معدل الضحك والكلام أيضاً، لذا فإن في تدعيم الاستجابة يحدث وجود استجابات أخرى (الابتسامة والضحك) عند امتداحه في مواقف أخرى.
ü  التمييز: يتم عن طريق تعزيز الاستجابة الصحيحة لمثير معين أي تعزيز الموقف المراد تعلمه أو تعليمه أو تعديله، ومثال ذلك: عندما يتمكن الفرد من إبعاد يديه عن أي شيء ساخن كالنار مثلاً.
6)   التخلص من الحساسية أو (التحصين التدريجي): ويتم ذلك في الحالات التي يكون فيها سلوك كالخوف أو الاشمئزاز مرتبطاً بحادثة معينة، فيستخدم طريقة التعويد التدريجي المنتظم، ويتم التعرف على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة ثم يعرض المسترشد تكراراً وبالتدريج لهذه المثيرات المحدثة للخوف أو الاشمئزاز في ظروف يحس فيها بأقل درجة من الخوف أو الاشمئزاز وهو في حالة استرخاء بحيث لا تنتج الاستجابة الشاذة ثم يستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة حتى يتم الوصول إلى المستويات العالية من شدة المثير بحيث لا تستثير الاستجابة الشاذة السابقة، وتستخدم هذه الطريقة لمعالجة حالات الخوف والمخاوف المرضية .
7)   الكف المتبادل: يقوم أساساً على وجود أنماط من الاستجابات المتنافرة وغير المتوافقة مع بعضها البعض كالاسترخاء والضيق مثلاً. ويمكن استخدامه في معالجة التبول الليلي حيث أن التبول يحدث لعدم الاستيقاظ والذهاب إلى دورة المياه، إذاً فإن الطفل يتبول وهو نائم على فراشه، والمطلوب كف النوم فيحدث الاستيقاظ والتبول بشكل طبيعي واكتساب عادة الاستيقاظ، لذا فإن كف النوم يؤدي إلى كف التبول بالتبادل، لذلك لابد من تهيئة الظروف المناسبة لتعلم هذا السلوك.
8)   الاشتراط التجنبي: يستخدم لتعديل السلوك غير المرغوب فيه، وفي معالجة الذكور الذين يتشبهون بالجنس الآخر أو في علاج الإدمان على الكحول أو التدخين، ويتم استخدام مثيرات منفرة كالعقاقير المقيأة والصدمات الكهربائية وأشرطة كاسيت تسجل عليها بعض العبارات المنفرة، والتي تتناسب مع السلوك الذي يراد تعديله .
9)   التعاقد السلوكي (الاتفاقية السلوكية): يقوم على فكرة أن من الأفضل للمسترشد أن يحدد بنفسه التغيير السلوكي المرغوب، ويتم من خلال عقد يتم بين طرفين - هما المرشد والمسترشد -  يحصل بمقتضاه كل واحد منهما على شيء من الآخر مقابل ما يعطيه له. ويعتبر العقد امتداداً لمبادئ التعلم من خلال إجراء يعزز بموجبه سلوك معين مقدماً حيث يحدث تعزيز في شكل مادي ملموس أو مكافأة اجتماعية فعلى سبيل المثال نجد أن المسترشد على أن يودع الطرف الأول مبلغًا من المال لنفرض خمسين دولارًا على أن تعاد إليه كل خمسة دولارات إذا نقص وزنه كيلوجراماً أو أنه يفقدها في حالة زيادة وزنه كيلوجراماً واحد.
يمكن تطبيق مبدأ التعاقد أو الاتفاقية السلوكية أثناء دراسة الحالة الفردية، أو في الإرشاد الجماعي، ويمكن الإفادة منها في تناول حالات التأخير المدرسي .
رابعاً : نظرية التحليل النفسي 
  وقد حظيت بشهرة واسعة عند ظهورها في الدراسات النفسية وخاصة في مجالات الإرشاد النفسي والصحة النفسية، وهذه النظرية ترى بأن الوعي الإنساني صنف على مستويين هما الشعور واللاشعور، وكما أن تصورها للشخصية يقوم على ثلاثة أبعاد هي:
1)   ألهُوَ وهو مستقر الغرائز والدوافع الأولية ومستودعها.
2)   الأنا العليا وهي مستقر الضمير أو القيم أو الأخلاق والمثل العليا فهي بمثابة سلطة عليا داخلية تراقب وتحاسب .
3)   الأنا وتحتل مكاناً وسطاً بين مستقر الغرائز ومستقر المثل العليا، فهي مراكز الشعور والتفكير المشرف على السلوك، ويعمل على التوفيق ما بين (الهُوَ) الدنيا و(الأنا العليا).
المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية:
1)   الحتمية النفسية: أي أن لكل سبب نتيجة ولكل نتيجة سبب، بسبب ظاهر أو غير ظاهر، منطقي أو بعيد عن المنطق . أي أن هناك سببا يكمن وراء أي حدث يحدث.
2)   الحيل اللاشعورية: وتنجم من داخل الفرد نفسه لمواجهة الأخطار الناجمة من الخارج من الأشخاص المحيطين بالفرد نفسه في بيئته لتدافع عن شخصية هذا الفرد، ويطلق عليها بين قوسين (ميكانزمات الدفاع) ومنها:
ü  التوحد: بمحاولة الفرد للوصول إلى الهدف بأن يبرمج ذاته بصفات محددة أو بذات شخص آخر من خلال تقليده أو محكاته، ولذا فإن تقليد الوالدين ومحاكاتهم يخفف من درجة التوتر لدى الفرد .
ü  الاستبدال والإزاحة: عملية توجيه الطاقة من هدف إلى آخر لتوضيح قدرة الفرد على تغيير هدف نشاطه من موضوع نفسي إلى أخر، وتتم عندما يكون الهدف الجديد لا يكفي لإزالة التوتر، ولذا فإنه يظل يبحث عن الأفضل لتخفيف ذلك التوتر لديه، وهذا يفسر تنوع أشكال سلوك الإنسان .ومن أمثلة الإزاحة التسامي وهو أسلوب تسلكه الدوافع العدوانية أو الجسمية لتتخذ طريقاً ثقافياً أو إنسانياً أو حضارياً أو فنياً، ويحتاج الفرد لمزيد من النضج حتى يمكنه التسامي بطاقته، وتحويلها إلى موضوعات تشبع حاجاته، وتساعد على نمو مجتمعه أيضاً .
ü  الكبت: وهو محاولة الفرد التحفظ عن دوافع مثيرة للقلق، ويرفض ببساطة الاعتراف بوجودها، والأفراد الذين يعتريهم الكبت تكون شخصياتهم متوترة متصلة، وتسيطر(الأنا العليا) لديهم على (الأنا)، ويعمل الكبت في مرحلة الطفولة على تقوية (الأنا)، وتساعده حينما يكبر، وتسبب له بعض المشكلات النفسية.
ü  الإسقاط: وهو إنكار صفة معينة في الفرد وإلصاقها بفرد آخر وهو مرتبط بحيلة الإنكار، فمثلاً عندما يكره طالب أحد زملائه فيدعي بأن زميله يكرهه، ويستخدم أحياناً في حياتنا اليومية غير أن الإفراط في استخدامه يعوق معرفة الفرد لنفسه، ويفسد علاقته الاجتماعية أيضاً لأنه قد يصل به الحد للحط من شأن الآخرين مما يؤدي إلى اختلاف في الإدراك أو إدراك أشياء لا وجود لها .
ü  النكوص: بتراجع الفرد إلى ممارسة أساليب سلوكية في مرحلة سابقة من حياته لا تناسب مع مرحلة نموه الحالية ليجنب ذاته الشعور بالعجز والفشل أوالمخاوف أو الحرمان، وهذه العملية تجنب الفرد الشعور بالقلق، ولكنها تعيق النمو، ومن الأمثلة: الطفل الصغير الذي ينكص إلى أنواع السلوك الطفلي المبكر عندما يواجه خطر فقدان الحب، ويعتقد أنه يعود إلى هذه المرحلة من النمو التي تحقق له الحب.
ü  التثبيت: عندما ينتقل الفرد من مرحلة نمو إلى مرحلة أخرى يواجه مواقف محبطة ومثيرة للقلق تعوق استمرار نموه بصفة مؤقتة على الأقل، ويثبت على مرحلة معينة من مراحل نموه، ويخاف الانتقال منها، ويتخلى عن شرط سلوكي معين على إشباع حاجاته، لعدم تأكده من السلوك هل يستحق الإشباع أم لا ؟ .
ü  التكوين العكسي: تحاول (الأنا) تكوين سلوك على النقيض عندما يكون هناك موقف يثير القلق، فإذا كان الفرد يشعر بكراهية شخص ما، فقد يظهر مشاعر الود والحب تجاه هذا الشخص، وعادة ما ترجع أشكال متطرفة من السلوك إلى تكوين العكس .
ü  التعويض: وهو أسلوب المبالغة الذي يبدوعلى سلوك  الفرد فمثلاً فرد دميم الخلقة أوشخص قصير القامة على شكل قزم فنجد بأن كلاً من هذين الفردين يحاول إظهار السيطرة والتسلط بصورة مبالغ فيها في شكل عملية تعويض عن مشاعر مكبوتة تؤلم الفرد إذا شعر بها على شكل استعراضات يقوم بها، ويرجع السلوك التعويضي لبعض الأفراد إلى عوامل لا شعورية لا يعيها الفرد، وتدفعه إلى أساليب سلوكية غير متكاملة مبالغ فيها قد تؤدي إلى اضطرابات انفعالية .
ü  التبرير: وهو عملية نستطيع من خلالها إيجاد أسباب منطقية لسلوكنا ولكن هذه الأسباب غالباً ما تكون مخالفة للواقع وذلك لكون الفرد يرى بأن ما يراه لنفسه قد يراه الآخرون فيهم، ولذا فأن التبرير في بعض الأحيان يمثل عملية لا شعورية لأن صاحبها لا يدرك بأنه مشوه الواقع، يصعب عليه مناقشة مبررات سلوكية لأن (الأنا) تخشى الكشف عن الأسباب الحقيقية لذا فهي تعمل على كبتها، ومثال ذلك الطالب الذي يغش في الاختبار يبرر فشله بصعوبة أسئلة الاختبار وذلك لحفظ ماء الوجه. ويمكن للمرشد الطلابي أن يتعرف على الحيل الدفاعية التي يقوم بها كثير من الطلاب فعلى ضوئها يمكنه التعامل مع المشكلات الطلابية المتعددة .
تطبيقات نظرية التحليل النفسي في التوجيه والإرشاد:
1)   قيام المرشد الطلابي بطمأنة المسترشد وتأكيد ثقته بنفسه وتكون علاقة مهنية سليمة معه تعتمد على التقبل .
2)   إعطاء المسترشد الفرصة للتعبير عما يدور في ذهنه من خلال التداعي الحر وهذا ليس بالأمر السهل حتى يتمكن من التحدث عن نفسه بطلاقة لإخراج المشاعر والخبرات المؤلمة المكبوتة بداخله.
3)   إمكانية الاستفادة من الألعاب الرياضية والتمارين السويدية بشتى أنواعها للطلاب الذين يظهرون ميولاً عدوانية مثلاً من خلال التعاون مع معلم التربية الرياضية بالمدرسة .
4)   الإفادة من المعايير الاجتماعية التي تضبط وتوجه سلوكيات المجتمع من خلال توضيح أهمية الالتزام بها للطلاب وأولياء أمورهم وحثهم على التعامل بها في حياتهم اليومية.

5)   إمكانية وقوف المرشد الطلابي على المشاعر الانفعالية التي يظهرها المسترشد للكشف عن صراعاته الأساسية المكبوتة الدفينة.

تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال

إقرأ أيضًا                           
      

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات


أيضًا وأيضًا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق