يحار الناس في تربية أولادهم: كيف يرشدونهم إلى الصواب دون أن
تكون الوسيلة خاطئة، وها هو اقتراح متوازن.
أسلوب الدقيقة الواحدة، أسلوب حديث في تربية الأبناء، فإذا كنت
تعاني من تمرد أبنائك، أو كنت تشعر بوجود مشكلة في تربيتك لأولادك، فحاول تطبيق أسلوب
الدقيقة الواحدة في تربيتهم، وانظر فيما إذا كان ذلك مجدياً معهم.
ويعتمد هذا الأسلوب على جعل الأبناء يشعرون بعدم الرضا عن
تصرفهم الخاطئ، ولكن بالرضا عن أنفسهم، فكيف يتم ذلك بدقيقة واحدة؟
إذا عاد ابنك متأخراً إلى البيت، وكان قد كرر تأخره خلال
الأسبوع، انظر إلى عينيه مباشرة، وقل له: "لقد عدت متأخراً، وكررت ذلك للمرة
الثانية هذا الأسبوع"، ثم ينبغي أن تعبر عن حقيقة شعورك بالغضب. "انا
غاضب جداً من تصرفك يا بني، وأنا حزين جداً أن هذا السلوك تكرر مرتين".
وأهم ما في الأمر أنك تريد من ابنك في النصف الأول من الدقيقة
أن يشعر بما تشعر به، إذا لا يكفي أن يتلقى أبناؤنا التأنيب، لكن المهم أن يشعروا
به. وسيشعر ابنك بعد كلامك المختصر معه، والمعبر بصدق عن شعورك نحو تصرفه أنه لا
يحب ما فعل. وقد يشعر بكره نحوك، إذ لا يرغب أحد منا أن يؤنبه أحد. وهذا بالضبط ما
تريده من النصف الأول من الدقيقة. تريد أبنك أن يشعر بأنه غير مرتاح.
ولكن ماذا تفعل إذا شعر ابنك بالضيق، وأخذ يدافع عن نفسه؟ وهنا
ينبغي أن تكمل النصف الآخر من الدقيقة، فهو مفتاح النجاح لعملية التأنيب التي تقوم
بها.
ففي النصف الأول من الدقيقة قلت لطفلك إنك غاضب من تصرفه،
ومصاب بخيبة أمل فيه، وحزين بسبب سلوكه الخاطئ، وفي النصف الآخر من الدقيقة انظر
إلى وجهه واجعله يشعر بأنك تقف إلى جانبه ولست ضده. وقل له ما يريد سماعه منك. قل
له إنه شخص طيب، وإنك تحبه، ولكنك غير راض عن سلوكه تلك الليلة، وأن هذا الأمر
يزعجك جداً، ثم ضمه إلى صدرك بقوة حتى تعلمه أن التأنيب قد انتهى دون أن تذكر له
ذلك. وهكذا ففي النصف الأول من الدقيقة قمت بتوبيخ سلوك طفلك بأسرع وقت ممكن،
وحددت له ما فعل، وعبرت عن شعورك بالغضب تجاه ما قام به.
أما النصف الآخر من الدقيقة ففيه لحظات هدوء ومحبة ومنح للثقة.
تذكر خلالها أنك لا تقبل بسلوك طفلك الحالي، ولكنه ولد طيب، وتشعره بأنك تحبه
وتحتضنه.
وبهذه الطريقة يشعر ابنك أنها تؤلم أكثر بكثير من أسلوب
التعنيف أو الضرب.
ويشعر الأبناء أن تصرفاتهم السيئة لن تمر دون حساب. وأنهم
أشخاص طيبون ومحبوبون.
ودقيقة للمديح
إذا قام ابنك بعمل يستحق المديح، فاجعله يشعر بالسعادة حينما
يحسن مثلما أنك وبخته حين أساء، لاحظ أبناءك حينما يحسنون التصرف، وقل لهم
بالتحديد ماذا فعلوا من أمر حسن. أخبرهم بسرورك لما فعلوه، وتوقف عن الكلام لثوان
قصيرة، فإن صمتك يشعرهم أنهم راضون عن أنفسهم.
واختم مديحك بالاحتضان أو أن تربت على كتفه بحنان حتى تشعره
أنك مهتم به، وبرغم أن مدح أبنائك لا يستغرق أكثر من دقيقة واحدة، فإن احساسهم
بالرضا عن أنفسهم سيرافقهم طوال حياتهم.
حاول أن تجلس مع أبنائك قبل عطلة نهاية الأسبوع، اسألهم كيف
يريدون قضاءها، دعهم يضعون خطة يحددون فيها أهدافهم، وما سيفعلونه في تلك العطلة.
اجمع تلك الأهداف، ودعهم ينظرون إليها دقيقة واحدة، ثم يرى كل
واحد فيما إذا كانت تلك الأهداف تتوافق مع سلوكهم، فواحد يضع خطة يضبط فيها طريقة
تحدثه مع الآخرين مثلا، فلا يتحدث بصوت مرتفع يزعج من حوله. وآخر يضع هدفه تصحيح
طريقة مشيه، إن كانت مشيته غير مألوفة خلال فترة معينة، وهكذا.
وينظر كل فرد إلى أهدافه الخاصة، ويلاحظ فيما إذا كان وسلوكه
ينسجم مع أهدافه، ولن يستغرق ذلك منه أكثر من دقيقة واحدة.
وهكذا يشعر الأبناء بالثقة بالنفس، والقدرة على إدارة شئون
الحياة، فتصبح حياتهم أكثر إشراقاً وحيوية.
لقد جرب هذه الطريقة عدد كبير من الآباء، ووجدوا فيها حلولاً
لمشاكلهم في تربية أبنائهم. وحصلوا على نتائج أفضل في وقت قليل. لقد تعلم أطفالهم
كيف يحبون أنفسهم، ويسعون لتطوير سلوكهم نحو الأفضل، وعرفوا متعة الحياة الهنيئة
في بيت متكافل خال من البغض والشحناء.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق