يعد الإسطرلاب الذي كان، يحاكي دوران
النجوم الظاهري في السماء حول القطب السماوي، نموذجًا بدائيًا للكمبيوتر وذلك لدقته ومرونته، ونظرًا لأهميته
البالغة والكبيرة عند العرب والمسلمين سمي بـ«الجوهرة الرياضية».
ساهم العلماء المسلمون في القرن الرابع الهجري(العاشر الميلادي) في ابتكار وتطوير الإسطرلابات وحققوا من
البحث والمشاهدة بواسطتها أروع الإنجازات العلمية، وكان من ضمنها قياس محيط الأرض بدقة وصلت إلى 3.6 % ووضع
جداول فلكية لحركة الكواكب وتحديد شكل مساراتها.
ومن خلال الاطلاع على الكتب والتي
تحدثت عن «الإسطرلابات» وخصوصًا كتاب «الطبقات»، نستنتج أنه كان لكل منطقة في الدولة الإسلامية
«إسطرلاب» رئيسي ينظم الحياة في هذه المنطقة.
استخدامات الإسطرلاب
·
معرفة اتجاه القبلة: بعد اتساع رقعة
الدولة الإسلامية كان لزامًا على المسلمين تحديد اتجاه القبلة بدقة عالية فكان الإسطرلاب هو
السبيل إلى ذلك.
· تحديد مواقيت الصلاة
ومواقيت النهار والليل بدقة.
·
معرفة زمن بداية المناسبات الدينية
والشهور المهمة مثل: شهر رمضان الذي كان ولايزال شهر الصوم والعبادة عند المسلمين، فكان لزامًا
عليهم تحديد وقت بدايته ونهايته بدقة شديدة، كما نجد في كتاب «الذخيرة في محاسن أهل
الجزيرة» ذكرًا لاستخدام الإسطرلاب في عملية التنبؤ بهلال العيد.
كذلك استخدم «الإسطرلاب» في الملاحة
العربية؛ لتعيين زوايا ارتفاع الأجرام السماوية وتعامدها مع الأفق بغض النظر عن المكان، وذلك من
أجل حساب الوقت، والبعد عن خط الاستواء.
إن الأهمية الفلكية لم تقتصر فقط على
الإبحار والتجارة البحرية، بل تجاوزته لمعرفة المناخ ووضع تقويم دقيق للتنبؤ بالفصول، ومعرفة
الأقاليم المناسبة للزراعة، وملاءمة النباتات والأعشاب الطبية التي جلبت من الأماكن
النائية لمناخ غير مناخها.
كما استخدم «الإسطرلاب» لخدمة الجيش
الإسلامي الذي كان يقطع مسافات طويلة في الصحراء؛ لفتح البلدان وذلك لنشر الدعوة الإسلامية، لهذا
كان لا بد من وجود طريقة علمية لمعرفة المواقيت بدقة، ومعرفة الاتجاهات في
الصحراء الواسعة، فكانت دراسة الفلك هي الحل الأمثل لهذه المشكلة.
أشهر علماء الفلك المسلمين في صناعة
الإسطرلابات
محمد مهدي بن محمد أمين اليازدي، حامد
بن محمد الأصفهاني، أحمد بن حسين بن باسو، أبوحامد أحمد بن محمد الصاغاني، محمد صالح
طاطاوي، محمد الفزاري، أبوالريحان البيروني وإبراهيم بن يحيى الزرقالي.
إن إسهامات العلماء المسلمين في صناعة
وتطوير الإسطرلابات يدل دلالة لا لبس فيها على عظمة الدين الإسلامي، الذي يدعو إلى التفكير في
الكون بكل ما يحويه من خلق وأسرار، ويظهر هذا الاهتمام في الكثير من الآيات
الواردة في القرآن الكريم حيث يقول تعالى:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي
الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبّنَا
مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(191).
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق