الحدائق المعلقة
بلغت مملكةُ بابل الكلدانية في العراق القديم ذُروة مجدِها وقُوتها
في عهد الملك نبوخَذ نصّر (بُختُنصَّرْ) الثاني الذي حكم في الفترة من سنة 605 إلى 562 قبل
الميلاد.
وقد جُعلت أبنيتهُ ومعابدُه وقصورُه وجنّاتهُ المعلّقة من بابل مصدراً للكتابةِ عند الرّواةِ العبرانيّين والإغريق والمسلمين.
ولعلّ أهمَّ تلك الأبنية قصر الملك نبوخذ نصّر، و«برج بابل» الذي
ضمَّ «حدائق المدرّجات» التي اشتهرت خطأ باسم «الحدائق المعلّقة».
واعتُبرت إحدى العجائب السبع في العالم القديم، ويُقال إنّ «حدائق
المدرجات» هذه بُنيت للتسرية عن زوجة الملك نبوخذ نصر، وزُرعت بأنواع مختلفة من
الأشجار والأزهار.
وتوسَّطَ قصرُ نبوخذ نصر الجدارَ الشماليّ للمدينة، وبُنيّ داخلَ
حِصنٍ كبيرٍ على عادة القصور الملكية في العراق القديم، وتأّلّفَ القصرُ من
وِحداتٍ معماريةٍ كثيرةٍ، وتضمّنَ عِدَّةَ أفنية.
وتميّزت فيه قاعةُ عرشِ الملكِ نبوخذ
نصر (التي بلغت مساحتُها 52×17 مترا) عن قاعات العروشِ السابقةِ ببساطةِ طابَعَها، وكُسيتْ
جُدران بهو القصر الكبير بقوالبِ الآجر ذات السطوح الخزفيّةِ الزّرقاءِ
الدّاكنِاء، وزُخرفت في أسفلها بإطارٍ من الأسود الحارسةِ المصوّرةِ تصويراً
جانبياً.
ووصفَ المؤرخُ هيرودوت «برجَ بابلَ» أو الزقورة» – كما يعُرفها
الآثاريون- إبّان اكتمالها وصْفاً شائقاً، ثُمّ وصفت لوحة من القرن الثالث قبل
الميلاد ما بقي منها على أيامها، كما احتفظتْ لها أجيال الرّواةِ العبرانيّين
والمسلمين بصورةٍ أسطوريةٍ غالية.
أما من حيث الواقع فلم يتبّقَ من «برج
بابل» أو الزقورة» الآن غيرَ خطوطِها الأرضيةِ، وأطلال ثلاثَ درجاتٍ تؤدي إلى
مُسطّحها الأول من ناحية الجنوب.
وبناءً على ذلك تعددّتِ النظرياتُ
المعماريةُ في تَصُّور الهيئة الأولى ل «برجِ بابل» أو «الزقورة» ويُحتملُ أنها
بنيتْ جميعاً من اللّبن، وكُسيَت بالآجرّ، وأنَّ واجهاتها كلّها شُكّلت فيها
مشكاواتٍ رأسية متعاقبة، وأنّها توسّطت فناءً مُسوّرا عظيم الاتّساع (667×365 متراً).
يقع المدخلُ الرئيسُ لسورِهِ ناحية الشرق، وأنّ طول ضلع مُسطحها
الأول بلغ حوالي 183 متراً، ورُبّما تعاقبت على جوانبِهِ أعمدةٌ مربعة، وبلغ طول ضلع
مسطحها الثاني نحو 106 من الأمتار، وتضمّنَ عدةَ مقاصير لكبار آلهة بابل.
كما تضمنت مقاصير أخرى لكنوز «برج بابل»
أو «الزقورة»، ثم قام في وسط المسطح – وهذا هو الأهمّ في هذا البرج – بناءٌ
«مدرّج» (حدائق المدرجات) تأّلّف من خمسةِ مُسَطّحات تصغُر مساحةُ كل مسطّح منها
عمّا تحته، ويصل بينها درجٌ جانبيٌّ صاعد يدور حولها حتى يؤدّي إلى أعلاها، حيث
يتوسّطُ المسطّحَ العلويَّ منها ، ويتوجّه قُدْسُ الأقداس الكبير.
ويرى المعماريّون الآثاريون الأخذ بما
رواهُ هيرودُوت وغيرُهُ من أنّ كلّ مسطَّح من المسطّحات المتعاقبة ل«برج بابل» قد
اتّخذت لونا يختلف عن لون الآخر، ومن الألوان التي يقترحونها لها على التّتابع
ألوان: الأبيض، فالأسود، فالبنفسجيّ، فالأزرق، فالبرتقاليّ، فالقرمزيّ، فالفضيّ،
فالذّهبيّ.
ولكنّ كلّ هذه الألوان والأصباغ ذهبت مع البرج حينما دمّر الفرس
أغلبها في عهد الملك الفارسي أخشويرش، وبعد أن استخدم أهل المنطقة معظم لبناتها في
مبانيهم المتعاقبة.
ووصل بين «برج بابل» أو «الزقورة» وبين
معبدِ الإله «مردوك» طريق للمواكب ارتفعت أرضيتُهُ عن مستوى أرض المدينةِ،
ورُصِفَت باللّبنِ المكْسوَّ بالقار، ثمَّ غُطيَّت ببلاطات متّسعةٍ من الحَجَر
الجيريّ، وحفَّت بها مربّعات صغيرة من قطع الرُّخام الأحمر. وكان يحفُّ بالطريق
جدرانٌ، وتُطلُّ على جانبيه أبراج متباعدة.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
شبكات التواصل
وتأثيرها في المجتمع
تجاعيد الوجه
والحملات الإعلانية
مخاطر الألعاب
الإلكترونية على الأطفال
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق