الجمعة، 4 يناير 2013

• الجواد العربي... حمل الإسلام إلى كل مكان



          تقول الحكايات إنه بعد أن انهار سد مأرب الذي كان في بلاد اليمن قديمًا، تفرقت قبائل العرب .. وتفرقت الخيول أيضًا. كل واحد هاجر منها يبحث عن مكان يأوي إليه. وعاشت الخيول زمنًا طويلاً وسط الصحراء حتى توحشت.

 وفي ذات يوم خرج خمسة من الأعراب إلى أحد سهول نجد فشاهدوا خمسة منها وهي تشرب الماء، وأدركوا على الفور أن هذه الخيول هي من أجودها، برغم توحشها، وفكروا كثيرًا، ثم نصبوا للخيول كمينًا من الأخشاب حتى استطاعوا حبسها، ولكنهم لم يستطيعوا أن يركبوا على ظهورها فقد كانت تقذف بكل من يحاول ذلك.
          وصبر الرجال على الخيول الخمسة حتى أخذ منها الجوع والعطش، ثم ساروا يترددون عليها ويقدمون لها الطعام والشراب حتى ألِفتهم وتعودت عليهم واستطاعوا أن يركبوا ظهورها أخيرًا.
          واتفق الخمسة على أن يتسابقوا على ظهور الخيول حتى مضارب القبيلة. ولكن ما معهم من طعام كان قد نفد فتراهنوا على أن يعاودوا السباق مرة أخرى ويذبحوا التي تتأخر، ولكن عندما تأخرت واحدة من الخمسة رفض صاحبها أن يذبحها، وطلب إعادة السباق، وتأخرت الثانية فرفض صاحبها ذبحها وأعاد السباق، وتأخرت الثالثة والرابعة والخامسة.
          واكتشفوا أن هذه الخيول كلما ارتاحت قليلا استعادت نشاطها من جديد.. وفي النهاية قابلهم سرب من الظباء فاصطادوا بعضًا منها، وأكلوا طعامهم بعد أن أدركوا أن هذه الجياد السريعة، التي تصبر على الجوع والعطش وتتحمل الأجهاد أثمن من أن تذبح..
          ومن هذه الجياد الخمسة جاءت كل الجياد العربية الأصيلة.
          لقد اعتزّ العرب بجيادهم اعتزازًا كبيرًا .. وكان الفارس يفضل جواده على نفسه، فيقدم له طعامه بدلا منه، ويغطيه بردائه ويسقيه الماء واللبن، ولا يغضب من أي شيء بقدر غضبه إذا أهان فرسَه أيُّ إنسان، كما أنه جعل لها أسماء وأنسابًا فيقول هذا الجواد بن فلان.. بن فلان حتى يعود به إلى واحد من هذه الجياد الخمسة.
          وقد أقسم الله تعالى في قرآنه الكريم بالجياد "والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا.." وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
          وكان الجواد العربي هو أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الإسلام في أصقاع بعيدة من العالم، فقد انطلق فرسان الإسلام على ظهور خيولهم الأصيلة إلى القتال حتى فتحوا بلاد العراق والشام ومصر حتى وصلوا إلى بلاد المغرب في أقصى الشاطىء الإفريقي، ومنها عبروا البحر إلى بلاد الأندلس التي تسمى إسبانيا حاليًا، وكذلك اجتازوا نهر السند حتى حدود الصين وصعدوا شمالاً إلى بلاد ما بين النهرين.
          وهناك عدة صفات تميز الجواد العربي وتجعله أفضل من غيره من الجياد .. فرأسه صغير على هيئة الهرم المقلوب، تعلوه أذنان طويلتان، وهذا دليل على نشاطه وشدة حساسيته، وهو أكثر الحيوانات ذكاءً ووفاءً لصاحبه مما يجعله صديقًا للفارس الذي يمتطيه، وقديمًا قالوا.. إن ظهورها عزّ.. وبطونها كنز.


إقرأ أيضًا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق