الاثنين، 18 أبريل 2022

• علم نفس الثروة، الخروج عن الصمت المالي


الصمت المالي 

تدعو خبيرة علم نفس الثروة كاثلين كينغسبيرغ إلى العمل على كسر الصمت المالي والحديث بشفافية ودون حساسية عن أمورنا المالية، وذلك لتفادي عديد من المشكلات التي يولّدها الصمت والتكتم وسوء الفهم.

وتسعى كينغسبيرغ لمساعدة طالبي المشورة من عملائها على فحص طرق تفكيرهم في المال وتحديد علاقتهم به، وتعلّم مهارات مالية مهمة، كالادخار، وتتبّع النقود، والمطالبة بالمقابل العادل، والإنفاق بحكمة، والعيش في حدود الميزانية، والطريقة المثلى لاستخدام بطاقات الائتمان، والمساهمة بالمال لفعل الخير وتغيير العالم إلى الأفضل.

يشير عدد من الدراسات إلى أن تجنّب الحديث عن الأمور المالية قد تحوّل إلى قضية كبرى لها علاقة بتقدير الذات، ولاسيما بعد أن شهد العالم زيادة غير مسبوقة في الإنفاق والاستهلاك والاقتراض، مع انخفاض حاد في معدلات الادخار.

واعترف غالبية أولياء الأمور من المشاركين في مسوح أجري بعضها في أمريكا خلال السنوات الماضية، بأنهم لا يشعرون بالراحة عند الحديث عن الأمور المالية، وأنه ينبغي ألا يسأل الأولاد عن أمور المال، لدرجة أن بعض المهاجرين اعتبروا ذلك ضربًا من ضروب اقلّة الذوقب، وتؤكد كينغسبيرغ من جانبها أن كسر الصمت المالي يحتاج الى إرادة وعزم وبذل جهد لتغيّر المواقف والعادات المالية غير الصحية.

لماذا الصمت؟

يتجنب بعض الناس الحديث بصراحة عن أوضاعهم المالية حتى أمام أولادهم، كي لا تتسرب معلوماتهم الشخصية المهمة ويتعرّضون للحسد أو للطمع أو التهديد والاستغلال، سواء من الأولاد أو الأقارب أو من الغرباء.

ويتجنب آخرون ذلك تفاديًا لشعور محرج يأتي من تدني دخولهم وارتباك أوضاعهم أو وقوعهم في ورطات معقّدة من الأقساط والديون، فيكون الصمت ساترًا يبعد عنهم نظرات الإشفاق من ناحية، ويجنّب أسرهم قلق الخوف من المستقبل ومشكلات أخرى تتعلق بالمكانة الاجتماعية والهوية والثقة بالنفس من ناحية أخرى.  

وهناك من يُخفي حقيقة علاقته بالمال وحبّه الشديد له تفاديًا لأحكام اجتماعية أو تُهم باطلة تأتي من أعراف ومواقف موروثة، فقد تربّى بعض الأشخاص، كمثال، على أن االمال قوة ونفوذ وهيبة، ولا قيمة للإنسان من دونه، ولا أصدقاءب، وتربّى غيرهم على أن احب المال شر وطمع في دنيا فانيةب، وأن االثراء السريع لا يأتي إلا بتجاوزاتب، واأن الحديث عن المال يفسد العلاقات، ويُفقد الأنثى رقّتهاب، وغير ذلك مما يشكل السلوك المالي لدى الأفراد، وباختلاف التنشئة المنزلية والمجتمعية تتشكل ثقافة تجعل شخص يفضل الإنفاق إلى درجة البذخ، ويستمتع بالمال ويتباهى به ولا يستطيع أن يتخلى عنه، بينما يدخر شخص آخر بصورة قسرية ويصعب عليه الإنفاق مهما قلّ.

وتتفاوت المعتقدات والسلوكيات المالية وفقًا للوضع الاقتصــــادي والاجتـــماعـــي ووفقًا للأجيال المختلفة، فالجيل القديم، مثلًا، اعتاد أن يدّخر أولًا ثم ينفق، بينما تنفـــق الأجــيال الجديــــدة ما لا تملك معتمــدة علــى قروض بطاقات الائتمان، والنتيجة قائمة بلا نهاية من المشكلات؛ وثروات تتبدد لقصور المعلومات الواقعية والدقيقة.

وقد تصدق المقولة التي ترى أن الجيل الأول يصنع الثروة، والجيل الثاني يتمتع بها، والجيل الثالث يبددها، إذا لم ينجح الحوار وحديث المال بين الأجيال أن ينقل التجارب ويتعامل بواقعية، ففي بعض الأحيان ينكشف الغطاء بعد موت الآباء عن جبال من الديون المتراكمة التي يتعيّن سدادها، لتحلّ الكارثة على رأس الأبناء، والسبب أن الآباء لم يكونوا يرغبون في تكدير صفو أبنائهم، كما يمكن أن يُصدم الأبناء بامتلاك الآباء ثروات طائلة، في وقت عاشوا محرومين معظم حياتهم، فتنقلب حياتهم رأسًا على عقب، وقد لا تكون بعض هذه الانقلابات إيجابية.

صراع الأزواج

تعد الصراعات المالية والخيانات المادية من أهم أسباب الطلاق. فكثير من الأزواج يخفون أسرارهم المالية عن شركائهم، كتلك المتعلقة بحقيقة الدخل وجملة الديون، أو أثمان المشتريات الشخصية الخارقة لاتفاقيات الاقتصاد والادخار، ويتهربون من سداد التزاماتهم، بينما يمكن أن تتوثق علاقة الزواج وتزدهر بالأحاديث المالية اليومية الصريحة والمنفتحة، وبالتخطيط المشترك للمستقبل والتعاون على تحويل الأحلام إلى حقيقة.

لقد أشارت دراسة حول الخيانة المالية في العلاقة الزوجية لمجموعة من أساتذة جامعة ساوثرن ميسيسبي - ميشيل جينفريو وزملائها - إلى أن 27 في المئة من الأزواج اعترفوا بإخفاء أسرار مالية عن شركائهم، و31 في المئة ممن لديهم حسابات مشتركة خدع شريك شريكه؛ وحوالي ثلث البالغين من الملتزمين بعلاقة زواج أو خطوبة قالوا إنهم لم يكونوا أمناء في الحديث عن عادات إنفاقهم، ومن أسباب الخيانة المالية وجود قضايا ثقة وضعف مهارات التواصل، والسيطرة وتجنّب الصراع.

ومن علامات وجود مشكلة مالية في الأسرة، الاختلاف عند اتخاذ القرارات بشأن أولويات الإنفاق، وتبرير المشتريات غير الضرورية، ولاسيما في حالات إدمان الشراء، والشعور بعدم الأمان والخوف من حدوث الطلاق، إضافة إلى غياب العدالة في الإنفاق في ضوء الدخل، والإنفاق من دون تفكير.

من جانب آخر، تعاني فئات أخرى كالمطلقات، والأيتام، والعاطلين والمسنين، سرًّا، ويصرون على صمتهم المالي لفرط حساسيتهم، وحفاظًا على كرامتهم، فلا يعلنون للآخرين عن تعثّرهم المالي وحاجتهم للعمل أو للمال أو العلاج، بل يظهر بعضهم العكس ترفّعًا أو تجمّلًا، وقد تمضي سنوات لا يعلم المقربون منهم شيئًا عن حقيقة وضعهم ليفاجأوا في النهاية بحدوث كارثة، ومن المتوقع تفاقُم مثل هذه الأوضاع مع استمرار الصمت المالي وتزايد حالات الطلاق، وزيادة أعداد المسنين في عالم يعاني معدلات تضخم متصاعدة وأزمات اقتصادية طاحنة.

 الوقت ليس متأخرًا

ومن أجل تربية جيل ذكي ماليا، ترى كينغسبيرغ أن الوقت ليس مبكرًا جدًا ولا متأخرًا جدًا لكسر الصمت المالي، وذلك ببدء الحديث مع الأطفال من عمر الخامسة أو السادسة، أو بعد ذلك، والمهم جعل الأحاديث مناسبة لعمر الطفل، فطفل الخامسة، مثلًا، لن يستوعب مشكلات العالم الاقتصادية بطبيعة الحال، لكن يمكن أن يتعرّف على أسماء القطع والأوراق النقدية وقيمتها، وسيستوعب في سنوات لاحقة موضوعات مالية، كالفرق بين الاحتياجات الأساسية والرغبات الكمالية؛ وأهمية التبرع لمساعدة الآخرين،

ويحتاج الأمر من أولياء الأمور والمعلمين إلى الاتساق في الحديث وإعادته أكثر من مرة، عبر أنشطة مختلفة، مع إضافة مفاهيم جديدة مع تقدّم العمر حتى يتمكّن الصغار من تقدير قيمة المال وتعديل عاداتهم المالية التي تعدّ جزءًا من الذكاء المالي، فيعرفون كيف تنفق النقود وكيف يُدّخر جزء منها، وكيف تُستثمر،

كما يمكن تعليم الأطفال دروسًا أخرى غير مالية تتعلق بالتعلم من الأخطاء، وتحديد الأهــــداف بعيـــدة المدى، ومعرفة معنى الكفاح من أجل تحقيق هدف، حتى يستبصروا بخصوص علاقتهم بالمال ويتحملوا مسؤوليــة التعامــل معه.

وينبغي ألّا يكون التعلم المالي مملًا، أو مقتصرًا على الأحاديث النظرية، بل ناجعًا باختيار الأوقات المناسبة، كأوقات التسوق، حيث يمكن الحديث عن المنتجات المختلفة من حيث الأسعار وأسباب تفضيل شراء منتـــج علـــى آخر.

ويفضل استخدام النقود لا بطاقات الائتمان، ولا بأس من تركهم يجرّبون ويخطئون ويتعلمون من ألم التضحية بالنقود أو خسارتها إذا هم أنفقوا أكثر مما ينبغي.

ومن المفيد جدًا تشجيع الحديث عن المال بين الأشقاء والأصدقاء، والتعرف إلى مستوى الرواتب وأسعار البيوت والسيارات، وغير ذلك من السلع والاستفادة من تجارب الآخرين الواقعية في الاختيار والتوفير والاستثمار.

ولتعزيز الثقافة المالية والمساهمة في كسر الصمت المالي، توجد مواقع عديدة تقدّم مواد مجانية وأنشطة مسلية وقصصًا واقعية للصغار والكبار لتعزيز العادات المالية الجيدة.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضًا                                         

طريقة نومك تكشف صفاتك الشخصية

رأس المال النفسي الإيجابي

كيف تنام سريعاً خلال ثوان قليلة من 10 إلى 120 فقط

تحديات التطوير التربوي في الوطن العربي

الشيخوخة نظرة إيجابية

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق