الأربعاء، 20 مارس 2013

• دور المدرسة في رعاية الطلاب المراهقين‏


  إن فترة المراهقة هي الأكثر خطورة وحرجًا بسبب التفجر العاطفي والجسدي الهائل الذي يصاحبها، وإن تَفَهُّم طبيعة المراهق وسماته من أهم الخطوات التي تساعد في التعامل معه، وفي تَجَنُّب المشاكل والصدام التي يجرها الجهل بتلك الخصائص، لذا يفترض بالمدرسة كمؤسّسةٍ تربويّةٍ متخصصة، أن توفّر البيئة المناسبة لمساعدة المراهق على مواجهة المرحلة، وحلّ المشاكل التي يعاني منها، وأن لا تكون مصدرًا من مصادر القلق والتعقيد للمشكلات، وهذا يتطلب ما يلي:‏

1)     الاتفاق بين كل أفراد الجهاز المعني بالتعامل مع المراهق على أنّ المدرسة تتحمّل مسؤولية الرعاية التربويّة فضلاً عن المسؤولية التعليميّة، وأنّ الاستعفاء من الدور التربوي وإيكال الأمر إلى الأسرة فيه تحلّلٌ من مسؤوليةٍ أساسية لا يمكن التخلّي عنها، ولا يمكن إيكالها بالمطلق إلى الآخرين، فرغم الاعتراف بالدور الحساس والمؤثر للأسرة، إلاّ أنّ المدرسة هي المكان الأنسب لمعالجة مشاكل المراهق وإعداده تربويًا ونفسيًا لاعتبارات عدة، ترتبط بالمدّة الزمنية التي يقضيها فيها، والتنظيم المناسب للوقت والأنشطة، كما أنّ المدرسة هي الأقدر على إعداد المربّي المتخصّص القادر على التعامل مع المرحلة بمنهجيّةٍ وتخطيطٍ سليم.‏
2)     أن يكون الجهاز المدرسي الذي يساهم في التعامل مع المراهق مكوّنًا من فريق الأساتذة بالكامل، بالإضافة إلى المدير ومساعد المدير والناظر والمرشد، والموجهين والمعنيين باللجان والفعاليّات والأنشطة اللاصفية. هذا الفريق بالكامل يجب أن يكون مدركًا لدوره ومسؤوليّته، ومتهيئاً لأداء هذا الدور.‏
3)     إعداد فريق مدربٍّ قادر على التواصل مع المراهق، ومن الضروري لهذا الفريق امتلاك المعارف الخاصّة بتلك المرحلة العمرية، وخصائص المراهقة من الناحية الانفعاليّة والإدراكيّة والجسديّة والروحيّة والاجتماعيّة، والتقلّبات المزاجيّة التي ترافق المرحلة.‏
4)     تعرُّف المربين بدقّة على حاجات المراهق، وتفهُّم هذه الحاجات والتعامل معها برحابة صدر، فإن الكثير من المربين يتنكّر لهذه الحاجات أو يتجاهلها اعتقادًا منه أنها غير واقعيّة أو غير منطقيّة.‏
5)      يجدر بالمدرسة العمل على وضع الخطوات العمليّة المنسّقة والإجراءات المناسبة للتفاهم مع المراهق، والتعامل مع واقعه الخاص بأسلوبٍ مناسبٍ له، إنّ أكثر ما يعاني منه المراهق أن يجد أساتذته يتعاملون معه بنفس الأسلوب الذي يتعاملون فيه مع الأطفال، وعدم ملاحظة النضج الجسدي والعقلي والإدراكي والنفسي عندهم، مما يوجد هُوّةً كبيرةً بين المراهق وأساتذته، مما يضطرّه لمواجهتها بأسلوبه الخاص.‏ إنّ أغلب المراهقين يشكون من عدم فهم الآخرين لهم، ما يدفعهم لردّات فعلٍ مستنكرةٍ من قبل المحيط، لذا فمن الضروري جدًا أن نميّز في أسلوب تعاملنا مع المراهق بين ما يناسب هذه المرحلة وما لا يناسبها.‏
6)     إشعار المراهق بالاعتراف به، والاستماع إليه باهتمام، ومنحه التقدير المناسب، واعتماد منهجية المصاحبة والمصادقة، هذا هو المدخل الأساس للتأثير في المراهق، حيث إن هذه الأمور من شأنها فتح الباب على مصراعيه للدخول إلى الواقع الخاص له، وتوفير الأرضيّة المناسبة للتعامل معه،‏ من الخطير جدًا إدارة الظهر للمراهق، وإشعاره بعدم الاعتراف به وبأفكاره وآرائه، والإقدام على توهينها، إنّ أسلوب المصاحبة عند اعتماده من قبل المربيّ يكسر العديد من الحواجز النفسيّة ويُشعر المراهق بالاطمئنان والثقة، وهذا بلا شك يعزّز القدرة على فهم المراهق، ويفسح المجال لمناقشة قضاياه وهواجسه، وإلا فإن أسلوب الأوامر والتوجيه الفوقي لم يعد مناسبًا لهذه المرحلة.‏
7)     أن تُولي المدرسةُ الأنديةَ المدرسيّة والأنشطة اللامنهجية اهتمامًا خاصّاً على الصعيد الكمّي والنوعي، لأن هذه الأنشطة -والرياضية بالتحديد- يمكن أن تؤدي دورًا في معالجة مشاكل المراهق من عدّة جهات:‏
أولاً: الأنشطة اللامنهجية لها دور جذاب، بعيدًا عن قيود الصف والدراسة والاختبارات وغيرها، مما يشكّل عبئًا عليه، هي فرصة للخروج من الرتابة والروتين، وهو ما يميل إليه المراهق.‏
ثانيًا: النوادي والأنشطة الرياضية توفّر فرصة للعمل الفريقي، وتشكيل مجموعات متجانسة من حيث العمر والميول والرغبات، ويمكن من خلال ذلك النفوذ إلى مشاكل المراهق وإيجاد الحلول بشكلٍ غير مباشر.‏
ثالثًا: النوادي المدرسية والأنشطة الرياضية فرصةٌ للتربية على القيم بأسلوبٍ مدروسٍ وعمليٍ شرط أن يكون المشرفون على هذه النوادي يمتلكون شخصية القدوة ويجسّدون القيم عمليّاً، فهذا الأسلوب في التربية أجدى من طريقة التوجيه المباشر. لكن وفي أحيانٍ كثيرةٍ يحصل العكس، عندما يكون المدرّب أو المربي أنموذجًا سيئًا في سلوكه وخُلُقه.‏
رابعاً: يمكن للأنشطة اللامنهجية أن توفّر بيئةً سليمةً لممارسة الهوايات وسدّ الحاجات التي يشعر بها المراهق، فيظهر من خلالها قدراته الجسديّة والفكريّة والعلميّة. ويحقق النجاح والتفوّق الذي يشكّل حاجة من حاجاته.‏
خامساً: من الطبيعي أن تؤدّي النوادي المدرسيّة والأنشطة اللامنهجية دورًا في إبعاد التلميذ المراهق عن البيئة الملوّثة أخلاقيّاً وسلوكيّاً من خلال إيجاد البديل السليم والطبيعي.‏
وفي الختام علينا أن نتعامل مع المراهق بحكمة في مساحة من الحرية التي نعطيها له، فلا نُضيّق عليه فينفجر، ولا نترك له الحبل على الغارب فيكون عرضة للفساد.


     إقرأ أيضًا

       التقمص والتقليد عند الطلاب ( التقليعات والصرعات).. أسباب وحلول




هناك تعليق واحد:

  1. لا ادري مايمكن قوله اكثر من كلمة رائع في جميع مواضيعك حيث تجذبني وتجعلني دائما متشوقة لقراءة المزيد
    الله يعطيك العافية ويسدد خطاك على هذا الدرب لمنفعة الامة ونهضتها ورفعتها

    ردحذف