الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

• تحت الطين يوجد الذهب



منذ حوالي 2000 عام قرر الكهنة في إحدى القبائل الصينية بناء تمثال ضخم، ليكون مَعْلمًا من معالم قريتهم العظيمة، وليكون من أهم الآثار الصينية التي يتكلم عنها التاريخ، وحتى يأتي التمثال مميزًا ويليق بحضارتهم الممتدة في عمق الزمن الغابر، قرروا صنعه من الذهب، فجمعوا خمسة أطنان من الذهب الخالص، وبعد عمل مضنٍ استنزف الجهود، خرج التمثال الأجوف إلى الوجود تحفةً نادرة ليس لها مثيل في تلك الحقبة من التاريخ. ونصبوا التمثال في ساحة القرية، وتوافد أهل القبيلة إلى التمثال زيارةً وعبادةً فرحين بهذا الإنجاز الإعجازي.

وبعد سنوات سمع الكهنة عن قبيلة همجية صينية تدعى "البرمود" وعرفوا عن جنودها الشراسة والقوة والبأس، وعرفوا أن "البرمود" يهاجمون القبائل من حولهم ويفتكون بالبشر والحجر، ويدمرون القرى، ويسرقون وينهبون ما يحلو لهم. فخاف الكهنة على التمثال الذهبي، وبادر أحدهم بفكرة للحفاظ عليه من النهب والتخريب، وقاموا بتغطيته بطبقة سميكة من الطين حتى لا يكتشف أمره. وفعلاً وبعد مدة هاجم البرمود هذه القبيلة وقتلوا الصغار والكبار، وفتكوا بكل ما اعترض طريقهم، وحملوا النفائس والغنائم وحين وصلوا إلى التمثال استحقروه لأنه من طين، ولم يعيروه أي اهتمام. وطاب لهم مناخ القرية فضربوا طوقًا حولها، وعاشوا فيها سنوات وسنوات دون أن يعرف أحد سر التمثال.
ومرت مئات السنين، وماتت أجيال وولدت أجيال والتمثال صامد مكانه، ومند 150 سنة أرادت السلطات في الصين أن تنقل هذا التمثال الطيني إلى قلب العاصمة الصينية باعتباره مَعْلمًا تاريخيًا شاهدًا على حضارتهم، وحين أتوا بالمعدات اللازمة لنقله، وبسبب الأمطار والعواصف، حدث شق في التمثال أثناء تحريكه، فأشار أحد الكهنة بتوقيف العمل حتى تهدأ العواصف وتخف الأمطار، وفي الليل أثارت الحشرية هذا الكاهن فخرج إلى التمثال يتفقده على ضوء شمعته، وعندما سلط الضوء نحو الشق لاحظ أن الضوء ينعكس من الداخل، استغرب الكاهن لأن الطين لا يعكس الضوء، فشكّ في حقيقة التمثال، واستنتج أن لابد من وجود معدن ما تحت الطين، وفي اليوم التالي استدعى مجموعة من الكهنة لمساعدته، ونخروا الشق بالمعول، وكم كانت دهشتهم حين اكتشفوا أن التمثال مصنوع من الذهب الخالص، وأن قيمته تفوق الخيال، فأخبروا السلطات التي نقلت التمثال إلى المكان المقرر وكتبوا على قاعدته العبارة الصينية الشهيرة "تحت الطين يوجد الذهب".
والعبرة من هذه القصة أن الكثير من أبنائنا وطلابنا يمتلكون كنوزًا في داخلهم، ولديهم من الإمكانات والقدرات ما يفوق تصورنا، ولكنها مكبوتة لأسباب أسرية، أو اجتماعية، أو نفسية، أو سياسية، وعلينا نحن أولياء الأمور والمعلمين، أن نسعى جاهدين لإخراج هذا الذهب المكنوز في الداخل ليتفجر طموحًا ومعرفة وعلمًا، ويحقق ما تصبو إليه النفوس وما تسعى إليه العقول.
وأنت! ألم يحن الوقت أن تعرف حقيقةً من أنت؟ وأن تعرف قدراتك اللامحدودة؟ ألم يحن الوقت أن تكتشف الكنز الكامن فيك؟ فلتوقظ المارد النائم بداخلك، واصنع مستقبلك بنفسك!


تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال

إقرأ أيضًا

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات


أيضًا وأيضًا


    



هناك 5 تعليقات:

  1. Good Work Go Ahead

    ردحذف
  2. المشكلة ان الجميع يرى الذهب كما يشاء فالمعلم يظن ان التفوق الدراسي هو الاساس، فيما قد يكون التميز الشخصي من حيث الشخصية القيادية او القدرات الاجعماعية أهم بكثير. فكم من رجل قليل الشهادات حقق نجاحات في حياته العملية اكثر بكثير من الئك الذين تمتلئ خزاناتهم بالشهادات.
    لست انفي اهمية العلم، لكن دعونا ننظر الى الطالب/ الانسان من اكثر من ناحية.

    ردحذف
  3. قصة جميلة يا إخواني، ولكن من أجل الأمانة العلمية والفكرية، عندي تساؤل:
    أولا: إن كان كل أهل القرية الصينية القديمة قد ماتوا والسر عندهم، فمن أخبر هذه القصة؟؟
    ثانيا: إن كان قد نجا أحد منهم، وأخبر القصة إلى آخرين، لماذا لم يكتشف أمر الصنم من ذلك الحين، أو بعد حين، ولماذا يُصدم أهل الصين منذ 150 سنة مع ان هذه القصة معروفة عند "أحدهم على الأقل"؟؟؟
    النتيجة العقلية: هذه القصة غير صحيحة، مع أن العبرة في نهايتها جميلة جدا
    وتقبلوا تحياتي

    ردحذف
  4. حضرة الأستاذ مهند
    أشكر اهتمامك وأحيي فيك التفكير العقلاني والمنطقي في تفسير أحداث القصة موضوع الجدال، وأنا شخصيًا أعجبتني القصة من حيث العبرة في إثارة الدافعية وشحذ الهمة وشد العزيمة، وقد تساءلت أنا كما أنت عن مدى حقيقة القصة، فبحثت (وأقولها بتواضع) فلم أجد من يكذبها.
    وكما تعلم فإن الحادثة التاريخية التي تصلنا، تتحكم في حقيقتها طبيعة الحادثة نفسها التي لا تتكرر مرتين، ولا يمكننا التأكد من أحداثها إلا من خلال الآثار العينية التي تتواجد بين أيدينا، أو الوثائق المكتوبة، أو من خلال الحكايا التي تتناقلها الألسن، وكل هذه تظل عاجزة عن تأكيد الحدث التاريخي على حقيقته، وهذا ما يجعل الحقيقة التاريخية الكاملة مستحيلة كاستحالة استرجاع الأحداث التي وقعت في الماضي. لذلك تصبح الحقيقة التاريخية أمرًا نسبيًا.
    ومع سعي المنهج التاريخي لمعرفة حقيقة الأحداث، إلا ن هناك فرقًا بين الحدث وما يُروى عنه، وهذا ما يجعل الحادثة التاريخية ومن خلال أحداث الماضي لا توجد إلا من خلال الصورة التي أعاد تشكيلها المؤرخ لأحداث التاريخ. وهذا يقودنا إلى القول بأن كل ما كتب أو يكتب عن أحداث الماضي هو ليس ما وقع بالفعل وإنما هو ما تصوره المؤرخ من خلال ذاته وظروف زمانه وشروط مكانه.
    لذلك وبالرجوع إلى القصة، يمكن القول أنه حين أرادوا نقل التمثال وتبين أنه من ذهب، استطاع المؤرخ أن يربط حدث التمثال بالأحداث الماضية ويخرج لنا بهذه القصة.
    الأستاذ مهند
    أشكر لياقتك ولباقتك في التعليق على القصة، وأكرر ما قلته أنت في ردك: "القصة جميلة، والعبرة في نهايتها جميلة جدًا". دعنا على الأقل نستفيد من العبرة....!!!!!

    ردحذف
  5. عبير عبد الله25 أكتوبر 2012 في 9:44 م

    اخوتي القراء الا تروا اننا في حياتنا اليوميه نردد امثالا وحكما واقوالا شعبيه تعبر عما يجول في خواطرنا ولو ذهبنا للبحث عن اصلها ودقتها لاختلف الكثيرون فهذا معها وذاك ضدها, فالواقع يا اخي مهند وحتى لو كانت هذه القصه خياليه اني اعتبرها حقيقيه لان العبره وصلت الينا .

    ردحذف