الخميس، 16 مايو 2013

• قصص الأطفال: شجرة النجاح


          ذات صباح استيقظت سماح من نومها، فسمعت صوت مذيعة الراديو، وهي تقول "وهنا يا أطفالي أدرك مروان شجرة النجاح".

          أسرعت سماح لترفع صوت الراديو، لكن البرنامج قد انتهي، فأغفلت سماح الراديو دون أن تعرف شيئًا عن شجرة النجاح، ثم جلست في شرفة حجرتها وامتد بصرها إلى بعيد وراحت تتخيل شجرة النجاح مثل شجرة كبيرة، ذات أغصان كثيرة، متشابكة. سألت سماح معلمتها عن شجرة النجاح فنظرت إليها في دهشة. لم تفهم سماح سر ضحكات أمها، وابتسامة أبيها، ودهشة معلمتها. قالت الأم لابنتها:"إحذري يا سماح أن تأخذك الأحلام بعيدًا".
          وذات صباح راحت سماح تفكر في شجرة النجاح، وهي تنظر إلى الأفق الممتدة، فرأت هناك شجرة بعيدة. نهضت سماح من فوق مقعدها قائلة: يبدو أنها شجرة النجاح".
          بعد قليل خرجت سماح تعدو في اتجاه الشجرة العالية، التي تراها من شرفة حجرتها العالية، ظنًا منها أنها شجرة النجاح. مشت سماح كثيرا فتجاوزت شارعًا وآخر وهي تقول في نفسها: "لا بد أن أصل إلى شجرة النجاح سريعا" ثم سارت وسارت وتقول في نفسها: "أظن أن شجرة النجاح في الشارع التالي". ثم واصلت سماح السير مسرعة، وهي تتمنى لو أن لها جناحين، لتطير وتحلق عاليًا. لكن سماح توقفت على الرصيف حتى تمر السيارات الكثيرة المتعجلة، ثم نظرت للعمارات والأشجار وقالت: كل هذه الأشياء أراها من شرفتي. تجاوزت سماح طريق السيارات وهي تقول في نفسها:
          "لكنني كنت أرى أن شجرة النجاح أعلى من كل هذه الأشياء".
          اقترب أحد المارة من سماح وقد انتابته الدهشة حين رآها تحدث نفسها، فسألها عما تبحث.
          ردت سماح: "أبحث عن شجرة النجاح".
          واصلت سماح السير، دون أن تواصل الحديث مع الرجل، وقالت: "ها هي الشجرة تلوح لي من بعيد".
          كانت سماح قد عبرت العديد من الشوارع والميادين وبعض الكباري والجسور حتى وجدت نفسها في حديقة واسعة، فرأت أشجارًا كثيرة، كلها كبيرة، متشابكة الأغصان، وعالية فتساءلت: "ترى أي الأشجار هي شجرة النجاح؟".
          وفي نهاية الحديقة، رأت سماح شجرة كبيرة، يتجمع عندها أطفال كثيرون، يلعبون ويتصايحون في بهجة ومرح، فانتابت سماح فرحة غامرة وهي تقول:
          "تلك هي الشجرة إلى أراها من شرفة الحجرة، تبدو عالية فوق كل شيء "احتضنت سماح الشجرة وهي تحدثها عن أحلامها، وحكت لها عن أحلامها في النجاح. في تلك الأثناء كان هناك أطفال يلعبون خلف الشجرة، وقد سمعوا حديث سماح، فاستدار أحدهم وقال لسماح: "أي شجرة تتحدثين إليها.. نحن هنا لنلعب".
          ولم تلبث سماح أن رأت فريقًا من الأطفال، يلتفون حولها ويسخرون منها.
          قال أحدهم: "شجرة نجاح ها ها.. ها ها"، وقال آخر: هذه البنت بلهاء.. ها ها.. ها ها..ثم راحوا جميعًا يدورون حولها، في حلقة، وهم يطلقون ضحكاتهم وكلماتهم الساخرة.
          انتاب سماح شعور عميق بالغيظ والحزن، وراحت تجري بعيدًا عن الأطفال، وكانت ضحكاتهم وكلماتهم الساخرة تلاحقها. سارت سماح وهي تبدو حزينة، ولا تدري في أي اتجاه تسير. وحين أدركت النهر جلست على مقعد حجري، وراحت تبكي وهي تحدث نفسها مؤكدة: "إنها حقا شجرة النجاح".
          وفي تلك الأثناء كان هناك شيخ يجلس على مقربة من سماح، فوق مساحة من النجيل الأخضر، وبيده كتاب يقرؤه. وحين تناهى إليه صوت بكاء سماح وكلامها، اقترب منها وراح يهدئ من حزنها، ثم سألها: لماذا تبكين يا ابنتي، وما حكاية شجرة النجاح هذه؟".
          هدأت سماح قليلاً وراحت تحكي للشيخ الطيب حكايتها، منذ خرجت من بيتها في الصباح الباكر، حتى كادت الشمس توشك على الغروب. ابتسم الشيخ وهو يطمئن سماح ثم سألها: "هل تريدين حقا رؤية شجرة النجاح؟".
          سألت سماح الشيخ: "وهل تعرف مكانها؟ لقد جئت من بعيد لأجلها". ارتسمت على وجه الشيخ علامات الفرح لأن سماح لم تعد غاضبة أو حزينة أو باكية ثم قال لها: "إذن هيا معي إلى شجرة النجاح".
          سارت سماح بجوار الشيخ، فقطعت طريقًا طويلاً بمحاذاة النهر. ونزلت سماح معه، فرأت مجرى النهر يسير قريبًا منها، متهاديًا بين ضفتيه، فقال الشيخ لسماح: "هيا اقتربي من النهر ولا تخافي "اقتربت سماح في توجس فقال الشيخ:" اقتربي، وانظري إلى الماء".
          اقتربت سماح ونظرت، فرأت صورتها وقد انعكست واضحة فوق صفحة النهر.
          قالت سماح للشيخ: " قلت لك أريد أن أرى شجرة النجاح".
          رد الشيخ: "إنظري في الماء جيدًا، سترين نفسك، ونفسك هي شجرة النجاح، ففي داخل كل منا شجرة للنجاح، يسقيها تعبًا، إرادة ومثابرة، فتثمر نجاحًا في الوقت المناسب".
          نظرت سماح إلى الشيخ الطيب، وقد بدا أنها تفهم ما يقوله جيدًا. وحين قررت سماح العودة إلى منزلها أصابتها الحيرة، فوقفت تتلفت يمينا ويسارا ثم سألت الشيخ:
          "يبدو أنني ضللت الطريق، لا أعرف أي اتجاه يمكن أن يؤدي إلى بيتي".
          قال الشيخ وهو يبتسم: "سوف تحاولين، وسوف تعرفين".
         نظرت وراءها من جديد فرأت والدها يقول لها: " أحيي فيك إصرارك ومثابرتك، ولكن كان يجب أن تخبرينا قبل أن تأتي إلى هنا، فأنت لا زلت صغيرة، ولا يجوز أن تذهبي بعيدًا عن البيت، لقد رأيتك تبتعدين فتبعتك، فهيا بنا نعود". 

  إقرأ أيضًا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق