كنت في الخامسة
من عمري عندما خططت العائلة لقضاء يوم من أيام الصيف المشمسة في أحد المسابح في
منتجع قريب منّا، لم أنمْ تلك الليلة من شدة السعادة، وصرت أتخيل نفسي وأنا أتراشق
الماء مع إخوتي وأترابي أو أتسابق معهم حول حافة المسبح ثم أقفز في الماء...
وصلنا إلى
المسبح في اليوم التالي، وأخذ كلٌ مكانه، ووزعت والدتي المهام لتجهيز الغذاء في
موعده، ولبسنا ثياب السباحة، وعرضنا ألعابنا، أما والدي فقد أخذ كعادته زاوية وجلس
على كرسيه قريبًا من حوض السباحة، يقرأ جريدته وينفث دخان نارجيلتة، وما إن اقتربت
أنا من حافة المسبح، حتى أطلق والدي صرخة مدوية جمّدت الدم في عروقي قائلاً:
"أتريد أن تغرق، ألا تدرك خطورة الماء، ألم تسمع عن الذين غرقوا هنا، إياك
والماء... أنا جئت هنا لأرتاح، أتريدون أن تفسدوا نهاري، لا بل لقد أفسدتموه
وأثرتم غضبي"، ثم قال موجهًا الكلام إلى أمي: "الحق عليك أنت، يجب أن
تنتبهي للأولاد وأن لا تدعيهم يقتربوا من الماء". أما أنا فقد ارتميت في حضن
أمي وأنأ أرقب الصراخ والشجار برعب وخوف... ومن يومها لم أجرؤ على الاقتراب من
الماء، وعندما يخطط أصدقائي لقضاء يوم على البحر أو النهر أو في المسبح، فإني
أختلق الأعذار لعدم مرافقتهم.
هذا ما قاله
رجل ناهز الإربعين من عمره عن تجربته مع الماء، وفي الحقيقة فإننا نجد كثيرًا من
الأطفال يخافون من السباحة أو اللعب بالماء أو الاستحمام أو حتى الاقتراب من
الماء، فما هي الأسباب التي تقف وراء خوف الأطفال من الماء؟ إن من أبرز الأسباب
ما يلي:
ذكرى سيئة
قد يتعرض الطفل لرشة ماء ساخنة أثناء الاستحمام،
أو خوف شديد أثناء تعليمه السباحة، أو دفعة إلى الماء تلقاها من أحد أفراد عائلته
أو من أحد أترابه، أو موقف مرعب تعرض له أثناء السباحة، أو غرق أحد الأشخاص أمام
ناظريه، لذلك فعندما يلمس الطفل الماء من جديد، تعود إليه هذه الذكرى ويبدأ
بالصراخ والتمرد.
منام أو حلم مزعج
أن لكوابيس الغرق في الماء، وأحلام الفيضانات
والأمطار الغزيرة، دورًا كبيرًا وعاملاً مهمًا في خوف الأطفال من الماء.
خوف أحد الأهل أو الأصدقاء
من الماء
يتأثر الطفل كثيرًا بالأشخاص الموجودين حوله،
خصوصًا الأهل والأصدقاء. فإذا رأى الطفل أحدًا من أهله خائفًا من المياه أو أحدًا
من أصدقائه الصغار يبكي، فيمكن أن تنتقل إليه هذه العدوى.
إرشادات تساعد الطفل
على تخطي حاجز الخوف من الماء
· ينبغي على ولي الأمر ألا يتحدث أمام الطفل
عن هذا الخوف الذي يعاني منه، أو عن تجارب الآخرين السيئة مع الماء، بل على العكس
أن يذكر مواقف ناجحة حول الماء والسباحة.
· أن يحاول الأهل تعليم الطفل على
السباحة بهدؤ، والابتعاد عن التعنيف والصراخ، أو تسجيل الطفل في دورات تعليم السباحة
مع أطفال من عمره، حيث يتم تدريبه من قبل مدربين مختصين.
· تشجيع الطفل على لمس الماء، أو اللعب
بالماء أو غسل يديه بنفسه، في الأوقات التي يشعر فيها بالأمان بقرب أحد من أفراد
عائلته، وتعزيزه في كل مرة ينجح بذلك.
· إتاحة الفرصة للطفل لمشاهدة أطفال فرحين
بالماء ، أو مشاهدة أفلام الكرتون الي يقوم أبطالها باللعب بالماء، وهم في حالة من
الأمان والنشوة والسعادة.
· وضع ألعاب الطفل المفضلة لديه في حوض
الاستحمام.
· عدم انتقاد الأم سلوك طفلها نهائيًا
أثناء وجوده في الماء.
· شراء الألعاب التي تحتاج إلى الماء ومشاركة
الطفل اللعب فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق