الأحد، 11 نوفمبر 2012

• قصص الأطفال: الأسدُ والثورُ الأصهبُ


      يحكى أنه كان هناك ثلاثةُ ثيران: واحدٌ أصهبُ، والثاني أسودٌ، والثالث أبيضٌ. كانوا رفاقًا طيبين، وأصدقاء حميمين. كانوا يعيشون في سعادةٍ وفي بحبوحةٍ من العيشِ، ويساعد بعضهم بعضًا. ولحمايةِ أنفسهم من الحيواناتِ المفترسةِ، اختاروا مكانًا خفيًا بين البوصِ يصعب الوصول إليه.

          وقد حدث أكثر من مرةٍ أن اقتربت منهم الثعالبُ والنمورُ والدببةُ، لكن لا أحد منهم كانت تواتيه الجرأةُ على الهجومِ عليهم بسبب قوتهم وحيويتهم وضراوتهم. فذهبت الحيواناتُ الضاريةُ إلى الأسدِ تطلب مشورته. فقال الأسدُ: «دعوني أتصرف»، وانطلق يبحث عنهم.
          رأى الأسدُ الثيرانَ الثلاثةَ تتصرف كما قالوا له، فلم يجرؤ على مهاجمتهم مباشرة، جلس وفكر في الأمرِ. عندئذ، وفي خطواتٍ صغيرةٍ وقورةٍ، اقترب منهم وقد غضَّ بصرَه في تواضعٍ وقال لهم:
          - لو تعلمون كم أعجب بكم وأقدّركم، وكم أحب أن أعيش معكم. يمكننا أن نعيشَ معًا مثل إخوة أربعة.
          تشاور الثيران الثلاثة في الأمرِ: - نحن ثلاثةٌ، وهو بمفرده ما الذي يمكنه أن يفعله ضدنا؟
          ليأت إذن! واتفقوا على أن يكون رفيقًا لهم.
          مرّت بضعةُ أيام انتحى الأسدُ بعدها جانبًا بالثورِ الأبيضِ والثورِ الأصهبِ، وقال لهما: إننا، نحن الثلاثة، من نفس الأصل الأبيض والأصهب، أما هذا الثور الأسود فهو كريهٌ، لا هو من سلالتنا ولا من دمنا. فما الذي يفعله بيننا؟ ألا ترون أنه يزيد على حاجتِنا، فلنتخلص منه، فهكذا نستفيد منه.
          فاتفقوا جميعًا وقتلوا الثورَ الأسودَ.
          بعد أسبوع، أخذ الأسدُ الثورَ الأصهبَ جانبًا وقال له:
          - يا صديقي العزيز، لاشك أنك أجمل وأقوى بكثير من ذاك الأبيضِ، بل أذكى منه أيضًا. إن الأبيضَ يأكل كثيرًا والمراعي فقيرة في هذا الموسم، فلنضح به لسعادتنا نحن الاثنين.
          وقتلا الثورَ الأبيضَ.
          وبعد أن حدث ما حدث، أخذ الثورُ الأصهبُ يفكر، وأدرك أن الأسد لا يبحث لا عن صداقته ولا عن محبتِه. كان قد بدأ يحنُّ لرفيقيه، فشعر بالندمِ، وفهم أن الدائرةَ ستدور عليه، فهو وحده ولن يستطيع فكاكًا من الأسدِ. أخذ يحفرُ الأرضَ بحوافرِهِ ويهيلُ الترابَ على رأسِهِ، كان يبكي ويحترقُ في داخلِهِ.
          نظر إليه الأسدُ وقال له: يا أخي الأصهب، ماذا حدث لك كي تبكي وتهيلَ الترابَ هكذا على رأسك؟
          - إنني أبكي شقيقيّ وقلة شرفي وما فعلته بصداقتهما! إن اليوم الذي قُتل فيه الأسود هو اليوم الذي قُتلت فيه، واليوم الذي رحلَ فيه الأبيضُ هو اليوم الذي رحلت فيه، وقد حلّ الدور علي اليوم. أنا أعرف ذلك.
          فقفز الأسدُّ فوقَه وفاجأه بضربةٍ شديدةٍ بقائمتِهِ إلى حد أن مخالبَه وصلت إلى كبدِ الثورِ المسكينِ.
          - خذ! هاك صداقتي! هكذا أحبكم، أنت وإخوتك.

إقرأ أيضًا







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق