الجمعة، 16 نوفمبر 2012

• قصص الأطفال: بَسْبوسَة


     عائلةُ مؤلفةٌُ من الأبِ والأمِ والابن وقطة اسمها «بسبوسة». انجبت الأمُّ طفلةً احتارت العائلةُ في اختيار اسم لها، ثم اتفقوا على تسميتها «أسما» وما إن صار عمر «أسما» بعض الأشهرِ، حتى التصقت بها القطةُ، وبقيت لا تفارقها، تجلس قرب سريرِها، وتتبع الأم عندما تريد أن ترضع طفلتها وتغيّر لها ثيابَها، وتجلسُ تراقبُ مطمئنةً سعيدة بوجود رفيقتها «أسما».

          عندما كانت تبكي أو تتحرك كثيرًا في سريرِها، كانت تهبّ القطةُ بسبوسةُ وكأنها تنادي الأم على طريقتِها، فتذهبُ الأمُّ لرؤيةِ الطفلةَ.
          ذات يوم أتت الجارةُ لزيارةِ العائلةَ، اقتربت من «أسما»، لم يَرُقْ هذا للقطةِ، راحت تقفزُ حولَ الجارةِ لإزعاجِها وكأن الغيرةَ قد حرّكتها رافضةً أن يمسّ الطفلةً غير أمها ووالدها وأخيها. وبسبوسة كانت ترافقُ الجميعَ حيثما ذهبوا في البيتِ من الغرفةِ إلى الدارِ إلى المطبخِ حتى إلى خارجِ المنزلِ، فكانت ترافقهم كواحدةٍ من العائلةِ. وكانت تشعرُ عندما تتهيأُ العائلةُ للخروجِ، تقفُ قربَ البابِ بانتظارهم، كبرت «أسما» وصار عمرُها ثلاث سنوات ورفيقتها القطةُ أصبحت صديقتها، وكانتا تلعبان وتلهوان معًا.
          ابتدأت «أسما» بالذهابِ إلى المدرسةِ، حزنت بسبوسة لغيابِ صديقتها طوال النهارِ، وصارت تنتظر وصولها عند الرابعةِ قرب البابِ. وتقفز عليها مرحبةً بها. ذات يوم مرضت القطةُ، وكادت «أسما» أن تمرضَ معها فأخبرتها أمُها أن بسبوسة أصبحت هرمةً. ولها من العمرِ ما يقارب السنوات العشر. وهذا طبيعي أن تمرضَ، فالحيوانات تولد وتشيخ ثم تذهب كالإنسانِ تمامًا. قبلت «أسما» ما أخبرتها أمُها به، لكنها حزنت. وصارت تهتمُ بـ«بسبوسة» وتعطيها أكلَها وشربَها. وأصبحت شاغلها الأوحد.
          ذات يوم عادت «اسما» كعادتِها من المدرسةِ، رأت أمها حزينةً، علمت عندئذٍ أن بسبوسةَ قد ماتت. قبّلت الأمُ ابنتَها وقالت لها: هذه هي الحياة. نولد، ونعمل ونجدَّ في الحياةِ، وتمرّ علينا أيامٌ حلوةٌ، وأيامٌ مرّةٌ، ونكون شبانًا وشابات ثم تمضي السنواتُ، ثم نذهبُ أيضًا كما ذهبت بسبوسة.
          تدحرجت من عينيّ «أسما» قطرات من الدموعِ، وهي على طاولتها تتهيأُ لكتابةِ فروضها المدرسيةِ، وفي قلبها حسرةٌ على فقدان رفيقتها، القطة بسبوسة.


إقرأ أيضًا






هناك تعليقان (2):